مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث

البرزخ (أيام من دولة المتوكل)

المقدمة

» الجزء 1
» الجزء 2
» الجزء 3
» الجزء 4
» الجزء 5
» القتيل عند دير العاقول

شارك بالنقاش

البرزخ

البرزخ
(أيام من دولة المتوكل)
بقلم: محمد أحمد السويدي
الجزء 2

تاريخ التحديث 12 كانون الثاني 2009


الصوت الأول (المتوكل):

قلت لأبي عبادة البحتري يوما: قل فيّ شعراً وفي الفتح، فإني أحب أن يحيا معي ولا أفقده فيذهب عيشي ولا يفقدني، فقال في هذا المعنى:

 

سيدي أنت كيف اخلفت iiوعدي   وتثاقلت   عن   وفاء   iiبعهدي
لا  أرتني  الأيام  فقدك يا iiفتـ   ـح ولا عرفتك ما عشت فقدي
أعظم   الرزء  أن  تقدم  iiقبلي   ومن  الرزء  أن  تؤخّر  بعدي
حذرا   أن  تكون  إلفا  iiلغيري   إذ  تفردت  بالهوى فيك iiوحدي


فقتلنا معا، هكذا وافق القضاء.


الصوت الثالث(البحتري):

كان أول ما مدحت به الفتح بن خاقان:

 

هَبِ الدارَ رَدَّت رَجعَ ما أَنتَ قائِلُه   وَأَبدى الجَوابَ الرَبعُ عَمّا iiتُسائِلُه

أنشدته إياها في سنة ثلاثٍ وثلاثين بعد أن أقمت شهراً لا أصل إلى إنشاده، وهو مع ذلك يجري عليّ ويصلني، ثم جلس جلوساً عاماً وحضرت وحدي، فأنشدته فرأيته يتبسم عند كل بيتٍ جيد فعلمت أنه يعلم الشعر، وكان ذلك أعجب إلىّ من جميع ما وصلني به، وكان أول ما اهتز له حين بلغت قولي:

 

وقد  قلت للمعلي إلى المجد طرفه   دع   المجد   فالفتح   بن  iiخاقان
شاغله أطل بنعماه فمن ذا يطاوله   وعم   بجدواه  فمن  ذا  iiيساجله
أمنت  به  الدهر  الذي كنت iiأتقي   ونلت  به  القدر  الذي كنت iiآمله
ولما  حضرنا  سدة  الإذن iiأخرت   رجالٌ  عن  الباب  الذي أنا iiداخله
فأفضيت  من قربٍ إلى ذي iiمهابةٍ   أقابل   بدر   الأفق   حين  iiأقابله
فسلمت   واعتاقت   جناني  هيبةً   تنازعني   القول  الذي  أنا  iiقائله
فلما    تأملت    الطلاقة   وانثنى   إلى    ببشرٍ    أنستني    مخايله
ذنوت  فقبلت الثرى من يد iiامرئٍ   جميلٍ    محياه    سباط    أنامله
صفت  مثلما  تصفو المدام iiخلاله   ورقت  كما  رق  النسيم  iiشمائله

فلما فرغت سره ما سمع، وأمر لي بخمسة آلاف درهم وقال: أمير المؤمنين يخرج إلى المصلى الفطر ويخطب، فاعمل شعراً تنشده إياه إذا رجع. فلما جاء الفطر وركب ورجع أوصلني إليه، فدخلت فأنشدته:

 

أَبَرَّ    عَلى   الأَلواءِ   نائِلُكَ   iiالغَمرُ   وَبِنتَ    بِفَخرٍ    ما   يُشاكِلُهُ   iiفَخرُ
وَأَنتَ  أَمينَ  اللَهِ  في المَوضِعِ iiالَّذي   أَبى  اللَهُ  أَن  يَسمو  إِلى  قَدرِهِ iiقَدرُ
تَحَسَّنَتِ    الدُنيا    بِعَدلِكَ    iiفَاِغتَدَت   وَآفاقُها    بيضٌ    وَأَكنافُها   iiخُضرُ
هَنيئاً    لِأَهلِ    الشامِ    أَنَّكَ   سائِرٌ   إِلَيهِم   مَسيرَ   القَطرِ   يَتبَعُهُ  iiالقَطرُ
تَفيضُ   كَما   فاضَ   الغَمامُ  iiعَلَيهِم   وَتَطلُعُ   فيهِم   مِثلَما   يَطلُعُ   iiالبَدرُ
وَلَن  يَعدَموا  حُسناً  إِذا  كُنتَ  iiفيهِمِ   وَكانَ   لَهُم   جارَينِ  جودُكَ  وَالبَحرُ
مَضى الشَهرُ مَحموداً وَلَو قالَ مُخبِراً   لَأَثنى   بِما   أَولَيتَ   أَيّامَهُ   iiالشَهرُ
عُصِمتَ  بِتَقوى  اللَهِ  وَالوَرَعِ  iiالَّذي   أَتَيتَ   فَلا   لَغوٌ   لَدَيكَ   وَلا   هُجرُ

فلما بلغت قولي:

 

وحال  عليك  الحول بالفطر iiمقبلاً   فباليمن   والإقبال   قابلك   iiالفطر
لعمري  لئن زرت المصلى iiبجحفلٍ   يرفرف  في  أثناء  راياته  iiالنصر
عليك   ثياب   المصطفى  ووقاره   وأنت به أولى إذا حصحص iiالأمر
ولما  صعدت المنبر اهتز واكتسى   ضياء  وإشراقاً  كما  سطع الفجر
بهرت   قلوب  السامعين  iiبخطبةٍ   هي  الزهر المبثوث واللؤلؤ iiالنثر
فما  ترك  المنصور نصرك iiعندها   ولا  خانك  السّجّاد فيها ولا iiالحبر
جزيت جزاء المحسنين عن الهدى   وتمّت  لك النعمى وطال لك iiالعمر

فقال المتوكل للفتح: هذا شاعرك! فجعل يصفني له، فعلمت أنه في صلتي إلى أن أمر لي بعشرة آلاف درهم، فأخذتها من وقتي وخصصت بالفتح حتى كنت أشفع الناس إليه، ثم صيّرني بعد في جلساء المتوكل.


الصوت الثاني (الفتح بن خاقان):

كان أبو عبادة البحتريّ إذا مثل بين يديّ مادحا لي اختال بين يديّ معجبا بنفسه، فتقدم خطوات ثم تأخر، وقال:أي شيء تسمعون وربّما صاح: أحسنت والله، أو مالكم ما تقولون أحسنت. فنقم عليه ذلك بعض حسدته، وتقّول عندي عليه، فقلت له:دعك يا هذا والله لو رمانا بالحجارة لكان ذلك مغفورا له فيما يقوله.

الصوت الرابع(عبّادة المخنّث):


ألزمني المتوكل في يوم من شهر رمضان أن أقرأ في المصحف. فقرأت وجعلت أصحّف وأغلط حتى بلغت إلى قوله عز وجل: وبشر "المخبتين" فصحفت وقرأت: وبشر المخنثين، فطردني.


الصوت الثاني (الفتح بن خاقان):

دخلت يوماً على المتوكل أمير المؤمنين فرأيته مطرقا يتفكر فقلت: ما هذا الفكر يا أمير المؤمنين فوالله ما على الأرض أطيب منك عيشاً ولا أنعم منك بالاً فقال: يا فتح أطيب عيشاً مني رجل له دار واسعة وزوجة صالحة ومعيشة حاضرة لا يعرفنا فنؤذيه ولا يحتاج إلينا فنزدريه.


الصوت السابع (محمد بن المتوكل):

لما عزم بغا الصغير على قتل المتوكل جعفر بتدبير منّي، دعا بباغر، وهو غلام تركيّ، بعد أن اصطنعه بالصلات، وكان مقداماً أهوج، فقال له: يا باغر، أنت تعلم تقديمي لك، وأني قد صرت عندك في منزلة من لا يعصى له أمر، وأريد أن آمرك بشيء، فعرفني كيف إقدامك عليه؛ قال: قل ما شئت فإني فاعله. فقال:إن ابني قد فسد علي، وصح عندي أنه يحاول سفك دمي، وأريد إذا دخل علي غداً أن أضع القلنسوة من رأسي في الأرض، فإذا أنا وضعتها فاقتله؛ قال: نعم؛ فلما دخل ابنه عليه لم يضع القلنسوة من رأسه، وظن أنه نسي، فغمزه بحاجبه، فلم ير العلامة، وانصرف ابنه. فقال له: إني فكرت في أنه ولد وحدث، وأريد أن أستصلحه. فقال له باغر: فإني قد سمعت وأطعت. ثم أمسك عنه مديدة وقال له: إن أخي قد فسد علي، وهو عازم على أن يقتلني وينفرد مكاني، وأحب أن تبادر غداً إذا دخل علي وتقتله؛ قال: نعم؛ وجعل له علامةً، فلما دخل عليه لم ير العلامة، ووقف حتى خرج أخوه. فقال له: يا باغر، هو أخي وعسى أن أستصلحه؛ وههنا امرؤ هو أعظم وأكبر من هذا كله. قال له باغر: من هو؟ قال: المنتصر، قد صح عندي أنه على الإيقاع بي وقتلي، وأريد قتله، فكيف ترى نفسك في ذلك؟ ففكر باغر ساعة ونكس رأسه طويلاً ثم قال: هذا أمر لا يجيء منه شيء. قال: ولم؟ قال: لا نقتل الابن والأب باقٍ، إذ لا يستوي لكم شيء ويقتلكم أبوه كلكم. قال: فما الرأي؟ قال: نبدأ بالأب ويكون أمر الصبي أيسر؛ قال: وتفعل هذا ويحك؟! قال: نعم، أفعله وأدخل عليه إلى قتله، وادخل أنت في اثري، فإن قتلته وإلا فاقتلني أنت، وضع سيفك علي وقل: أراد أن يقتل مولاه. فعلم بغا حينئذ أنه قاتله، فتمكن له التدبير على أبي المتوكل.

(يتبع)

مواد أخرى

» يوميات دير العاقول
» مقابلة مع صحيفة الإمارات اليوم
» مقال في صحيفة الحياة
» على سبيل الختام
» واحة المتنبي
» الإسكندر بين قرني آمون ولندن‬