مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث
قبر ابن تيمية في دمشق

 قرأت في موقع على الشبكة هذا الصباح مقالا بعنوان: (رحلة التصوف سيدي أحمد البدوي: من فاس إلي طنطا) وفيه: (يلاحظ بأن المجتمعات الإسلامية المحلية تعاملت مع الصلحاء بنفس التعامل علي الرغم من اختلاف النظم التي ينطلقون منها. و من غرائب الصدف كما يبرز ذلك Richard Kieckhefer أن قبر ابن تيمية الذي شن حربا ضد زيارة الأولياء و ضد مبدإ الاستغاثة بهم و اللجوء إليهم للتوسط أصبح في دمشق محجا للزيارة و للتبرك تقربا منه و استعطافا له) وهذه معلومة لا أساس لها من الصحة في عصرنا هذا، وإن كانت صحيحة في القرن الثامن والتاسع الهجريين. بل أنت لو طفت اليوم كل أحياء دمشق سائلا عن قبر ابن تيمية، لما وجدت من يجيبك في ذلك، إلا أن يكون من كبار المعنيين بالآثار. كانت دمشق طوال عهودها حلقة الوصل بين شرق الإسلام وغربه، وملجأ الحكماء، ومحجة العلماء. واستطاعت أن تحافظ على ريادة الأمة الإسلامية طوال سبعة قرون، سيما فيما يخص الأدب والتاريخ. ففي جنباتها ألفت (البداية والنهاية) لابن كثير و(حوادث الزمان ووفيات الأقران) للحمصي الدمشقي (ت934هـ) و(ومفاكهة الخلان في حوادث الزمان) لابن طولون (ت 953هـ) الذي ترك لنا (746) كتابا، منها (60) كتابا في التاريخ، و(الروض العاطر في أخبار القرن السابع إلى ختام القرن العاشر) لموسى بن يوسف الأيوبي الأتصاري المتوفى (بعد 1000هـ) و(تراجم المعاصرين) لابن أفلح الدمشقي (ت 1011هـ) (وشذرات الذهب) لابن العماد الحنبلي (ت 1098هـ) و(أخبار الدول وآثار الدول) لابن سنان القرماني الدمشقي (ت1019هـ) و(وفيات الشيوخ والأقران) للعيتاوي الدمشقي (ت977هـ) و(تراجم الأعيان) للبوريني الدمشقي (ت1024هـ) و(تراجم أعيان الأسر الدمشقية) لابن شاشو (1128هـ) و(ديوان الإسلام) للشمس الغزي (ت1167هـ) و(الكواكب السائرة في تراجم أهل المائة العاشرة) للنجم الغزي (1061هـ) و(خلاصة الأثر في تراجم رجال القرن الحادي عشر) للمحبي (ت1111هـ) و(سلك الدرر في تراجم رجال القرن الثاني عشر) للمرادي (ت 1206هـ) و(حلية البشر في تراجم رجال القرن الثالث عشر) للشيخ عبد الرزاق البيطار. وغير ذلك مما يطول ذكره، وإذا وقع في يديك كتاب (الدارس في تاريخ المداس) فاعلم أن المراد به مدارس دمشق فقط، وكان معظم أولئك الذين أسهموا في إنجاز مكتبة دمشق التاريخية من الغرباء المهاجرين، فصاحب الكواكب غزي الأصل، والمحبي صاحب الخلاصة أفغاني الأصل، والمرادي صاحب سلك الدرر بخاري الأصل، والبيطار صاحب حلية البشر جزائري الأصل، ومحمد كرد علي صاحب (خطط الشام) من أكراد السليمانية، وخير الدين الزركلي صاحب الأعلام، من أكراد ديار بكر. وقديما بحث المحبي في عائلات دمشق وأسرها، فرأى أن أصول معظم أهلها من المهاجرين الأغراب فقال: (كلنا كَلْمى خطوبٍ .. ما لنا الدهر مريح)...(ولهذا لم يكد يعرف شامي صحيح) ولكنك إذا أردت تقييم أبرز الرجال المهاجرين إلى دمشق في التاريخ، فسيكون في مقدمتهم: ابن عربي من المغرب الإسلامي، وابن تيمية من مشرقه، وذلك مع فارق مهم، هو أن ابن تيمية لم يكن له رأي في هجرة أسرته إلى دمشق، وإنما كان واحدا من أطفالها، وقبل سقوط دمشق في قبضة السلطان سليم كان قبر ابن تيمية معلما من معالم دمشق تجاه قصر الأبلق، الذي بنيت على أنقاضه تكية السلطان سليم عام (962هـ). وكان قبر ابن عربي صندوقا من خشب، بالقرب من مزبلة صغيرة جوار حمام معطل في سفح قاسيون، كما يذكر الشيخ بدران في (منادمة الأطلال). فأمر السلطان سليم ببناء جامعه الكبير الذي يضم ضريح ابن عربي وطائفة من خواصه، ويعتبر من أكبر أضرحة الأولياء في العالم. وموقعه في الحي الذي أصبح يسمى اليوم (حي الشيخ محيي الدين) ويقتطع نصف الصالحية. وكان الشيخ رشيد رضا (صاحب المنار) أول من دعا إلى ضرورة ترميم قبر ابن تيمية في دمشق، وإضافته إلى قائمة الأماكن الأثرية، وذلك في العدد الأول من مجلة الرابطة الأدبية . وفي شتاء عام (1996م) كنت أتجول في دمشق، بالقرب من التكية السليمانية، فاستوقفني سائح أوروبي يسألني بالعربية: هل يمكن أن تساعدني ? فقلت له: على الرحب والسعة، وفي ماذا أساعدك ? فأخرج خريطة للمواقع الأثرية في مدينة دمشق، وقال لي: (أنا أبحث عن قبر ابن تيمية، وحسب الخريطة يجب أن يكون هنا) وأشار إلى مكان بالقرب من مشفى الغرباء. فقلت له: نعم، أنا أسمع أن قبر ابن تيمية في هذه المنطقة، وأنه في جواره قبر تلميذه المؤرخ ابن كثير الدمشقي، صاحب (البداية والنهاية) ولكن صراحة لم أتمكن من زيارتهما من قبل، ولم تقع عيني على الضريحين. ومع ذلك فلن أكون مغاليا إذا قلت بأن دمشق لم تشهد في تاريخها جنازة كجنازة ابن تيمية، فقد سار فيها كما يذكر ابن كثير في حوادث . سنة (728) (15) ألف امرأة، و(200) ألف رجل، ولم يتخلف من أهل دمشق سوى ثلاثة شيوخ من أعداء ابن تيمية، وخافوا أن تفتك العامة بهم. قال: (وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائمهم، وذهبت النعال من أرجل الناس وقباقيبهم... فلما قضيت الصلاة حمل إلى مقبرة الصوفية ، فدفن إلى جانب أخيه ..إلخ)تعقيب على هذه الورقة أكتبه من دمشق ، فقد زرت قبر ابن تيمية فور وصولي إلى دمشق يوم أمس (3/ 1/ 2005)فرأيت شاهدة القبر مكسرة، متناثرة حول القبر، ولم يبق منها إلا كلمة (تيمية)والتقطت مجموعة صور للقبر،ومعه قبر ابن كثير، انظرها في حجمها زاوية الصور. وهذه نسخ منها:

 




    * هذه الصفحة من إعداد الباحث زهير ظاظا : zaza@alwarraq.com
نصوص أخرى