قصة الكتاب :
ما أحمله معي
حياة وأسفار وتصورات
مشعان المشعان
يميز هذه اليوميات أنها كتبت بلغة الرسائل الموجهة إلى شخص يقيم في بلد آخر، يخاطبه صاحب اليوميات وبينهما مشترك من ذكريات الإقامة في مكان غادره كل منهما إلى بلده.
يسرد صاحب اليوميات وقائع وأحداثا مشتركة وأخرى عن سفره في مدن وعواصم غرباً وشرقاً، مصطحبا دراجته الهوائية التي لا تفارقه في أسفاره، فهو هاو وعاشق لسباق الدراجات. وأحيانا ما يستعيد حواراً مع شخص صادفه في مقهى وطرح عليه سؤالاً:
«هل تسافر لوحدك؟». أجبته بعقلي مع حركة القطار الرتيبة: نعم. أما لمَ؟ فلأنني أظهر الجانب الخيالي مني في السفر، فالخيالي لا يمل من تكرار فعل الأشياء، أو فعلها وممارستها لساعات طوال.»
وليست الدراجات وحدها ما لا يفارق صاحب هذه اليوميات، في الحل والترحال، فهناك الكتب والقهوة والمقاهي والعزلة الشخصية. فعلى رغم أن ظواهر اجتماعية وثقافية وأخرى سلوكية وسايكولوجية هي ما يشغل الكاتب، إلا أن العزلة الشخصية للتفكر والتأمل في كل هذا عبر السفر والإقامة هو ما يلتذ له الكاتب ويؤثره. فهو يستدعي أقوالا ومقاطع من كتب قرأها لرحالة وروائيين وفلاسفة، ويعلق عليها، أو يسوقها للبرهان على فكرة أو استمزاج موقف أو تأكيد انطباع.
ومما يشغل بال الكاتب المسافر عبر المدن إنما ينعكس في تساؤلات تقوده إلى خلاصات عن شواغله الأدبية والفكرية، من قبيل: «المُدن، كما القراءة، كما الكتابة. تكمن مهمة الكتابة لدي في ألا أغفر للواقع بأن يفرض عليَّ مفاهيمه حول ما يكون ويعتبره ثمين القيمة، ومكمن الجلال والاعتزاز في هذا العالم، لا للاعتبار الأخلاقي بالدرجة الأولى؛ ولكن وفقًا للماديات والممتلكات والمكانة الاجتماعية والمناصب.»
يتداخل في هذه اليوميات الانطباع مع الذكريات والملاحظات مع التأملات، والخلاصة أن كاتب اليوميات هنا سارد يختبر ذاته مع الأمكنة وناسها، وأفكاره وتصوراته مع الوقائع والعبر التي يستخلصها من تلك الوقائع، التي هي غالبا ما تنوس بين الظواهر الإنسانية والأفكار الشخصية.
|