قصة الكتاب :
تعتبر هذ الرواية إحدى أهم الأعمال الروائية الخالدة، كتبها الروائي الروسي فيدرو دوستويفسكي عام 1866، وتصنف من روايات التشويق والجريمة والتحليل النفسي. والصفة الأخيرة تبدو الأهم ، إذ يغوص المؤلف في تحليل النفس وما يعصف بها من أهواء، وكيف أن النفس الإنسانية تحمل في داخلها الضد، فهي تحمل أسمى المثل وانحطاط الأخلاق معاً، كما تحمل العدالة والرغبة في تحقيقها، ومعها الرغبة في السعي نحو الجريمة وتنفيذها.
هي قصة الشاب رودين رومانوفتش راسكولينكوف، شاب يبلغ 23 عاماً، مطرود من الجامعة، ذو شخصية متناقضة ومزدوجة، فهو غير مبال وكاره للمجتمع، لكنه أيضاً محب ودافئ وحنون. خلفيته الاجتماعية من عائلة مقتدرة، ويعيش في فقر مدقع، وبسبب طيشه ورعونته واضطراب تفكيره، ظن أن الطريق الى تخليص نفسه من ضائقته المالية وحالته التعسة ستتم بضربة واحدة يعود بعدها الى الحياة المستقيمة.
ضربة الحظ هذه هي أن يقتل مرابية عجوز غبية وصماء وشرهة ولا تقيم وزناً لأحد أو تتعاطف مع أي فقير من الدائنين، ولا يثير تدميرها حياة الآخرين الندم،وكل ما تحلم به هو الفوائد الربوية، كما أنها دمرت حياة اختها وكانت تعذبها رغم أنها تقوم على خدمتها. وهي بالنسبة إلى بطل الرواية عجوز تسيء إلى العالم، ويجب التخلص منها، إضافة الى أنها قد تموت خلال أشهر قليلة، فلماذا الانتظار؟!
راشكولينكوف، بطل الرواية، يقوم بجريمته، ويقتل العجوز المرابية وهو يحلم بأن يساعد والدته وشقيقته ويستكمل تعليمه الجامعي. بعد الجريمة، تبدأ عملية نفسية معقدة ،فيظهر أمام القاتل سوء ما عمل ويبدأ بذلك عذاب ضميره. فها هو بين ما أوجده الله في الإنسان من نوازع الخير والشر، وبين القانون الذي هو من وضع البشر. أدى به هذا النوع من الصراع الجواني الى العزلة والانفصال عن الناس. ويستمر عذابه النفسي وتأنيب الضمير، فيقرر من تلقاء نفسه القبول بالعذاب الذي سيفرضه القانون ليكفر عن جريمته، لكنه يعرف سلفاً بأن العقاب الذي يحدده القانون لن يكون أقسى من العذاب الداخلي، ورغم ذلك يسلم نفسه للقانون والمحاكمة. ويخوض أثناء سجنه ، تجربة إنسانية تعيد اليه إنسانيته في علاقة حب مع بائعة هوى اسمها سونيا كان تعرّف اليها من والدها السكير الذي أرغمها على ممارسة الدعارة للكسب المالي. وهكذا يفعل الحب فعله في تغيير البنية النفسية لهذا الشاب الطائش، الى جانب العقوبة البدنية في السجن