قصة الكتاب :
أشهر تآليف قدامة بن جعفر، وأول كتاب تناول نقد الشعر على غير ما ألف الناس نقده قبله. طارت شهرته في كل مكان، وأحدث ضجة عالية في عالم الأدب، وتناوله الأدباء بالردود والشروح، فألف الآمدي صاحب الموازنة كتاباً سماه (تبيين غلط قدامة) وتبعه ابن رشيق بكتابه (تزييف نقد قدامة) فتصدى لنصرته عبد اللطيف البغدادي في كتابه (رفع الظلامة عن قدامة) وكذلك فعل ابن أبي الإصبع (654هـ) في كتابه (الميزان) فانتصر فيه لقدامة من ابن رشيق، وفيه قوله: (فإني رأيت ابن رشيق القيرواني قد ذهب أيضاً إلى تغليطه في كتاب، كان ستره أولى به من إظهاره، فإنه ينادي عليه بجهله) (انظر في هذا البرنامج: تحرير التحبير). قال حاجي خليفة ما معناه: (إن قدامة ضمن كتابه عشرين باباً في فنون البديع، توارد هو وابن المعتز على خمسة منها وهي: التشبيه والتتميم والمبالغة والطباق والجناس، وبقية العشرين مما انفرد به قدامة). وهو من أسرة مسيحية كانت تعيش في البصرة، اعتنق الإسلام أيام المكتفي بالله، وكان ملماً بالأدب اليوناني، سيما كتب أرسطو في الشعر والخطابة، وفي كتابه ما يستدل به على استفادته من هذين الكتابين، انظر في ذلك كتاب (أثر الفكر اليوناني على الناقدين العربيين الجاحظ وقدامة) ويتضح هذا الأثر جلياً في الفصل الذي عقده لعيوب المعاني، كباب التناقض على طريق القنية والعدم، وباب التناقض على طريق السلب والإيجاب. ولعله أول من سمى (المخلع) بهذا الاسم، فقد عده في عيوب الوزن، وشاهده عليه قصيدة عدادها في المخلعات. قال د. طه حسين: (ونحن عندما نقرؤه نحس من أول فصوله أننا بإزاء روح جديد، لا عهد لنا بمثله، انظر مثلاً كيف يعرف الشعر، وكيف يحلل تعريفه، فستجد ذلك شيئاً تقديرياً محضاً) طبع الكتاب مرات كثيرة، أولها طبعة ليدن سنة 1856م، وطبعة مطبعة الجوائب سنة 1302هـ وطبعات أخرى حديثة، لم أعثر في واحدة منها على وصف لمخطوطة الكتاب، الذي يبدو أنه ناقص من آخره ? (انظر في هذا البرنامج كتاب (البديع) لابن المعتز). أما كتاب (نقد النثر) المطبوع سنة 1930 منسوباً لقدامة، فقد ثبت أنه قطعة من كتاب (البرهان في وجوه البيان -ط) لابن وهب الكاتب. وانظر في كتاب (الوافي) للصفدي في هذه الموسوعة ترجمة أبي القاسم جعفر بن قدامة والد قدامة. كان من أعيان عصره، وقد ذكره أبو حيان في كتابه (المحاضرات والمناظرات).