قصة الكتاب :
أضخم الحماسات مادة. لا يكاد ديوان من الدواوين المجموعة يخلو من شعر تفردت بذكره. تناهز ضعف حماسة أبي تمام، وقد نهج فيها البصري نهج أبي تمام، وزاد عليه ثلاثة أبواب، هي: باب أكاذيب الشعراء وخرافاتهم، وباب ملح الترقيص، وباب الزهد والإنابة. ونسج فيها على منوال الخالديين في كتابهما (الأشباه والنظائر) وفي اقتصارهما على شعر الجاهليين والمخضرمين، سوى قطع معدودة، ساقها لبيان معنى سبق إليه شاعر متقدم.
ألف البصري حماسته سنة 647هـ لصاحب حلب السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي الثاني، قتيل المغول سنة 659هـ ثم لما ترك حلب إلى بغداد، سنة 654هـ أعاد تأليفها وزاد عليها زهاء ضعفها، وأهداها للخليفة المستعصم قتيل المغول سنة 656هـ
ووصلتنا كلا النسختين، فمن الأولى نسخة مكتبة عاشر أفندي باستانبول، كتبت في حلب سنة 647هـ وتقع في 240 ورقة. ومن الثانية: نسخة راغب باشا باستانبول، وهي نسخة خزائنية، تعتبر أجل ما وصلنا من نسخ الحماسة البصرية، نسخت في حياة البصري سنة 654هـ وتقع في 335 ورقة. كما وصلتا نسخة ثالثة، نسخت أيضاً في حياة المؤلف سنة 651هـ وهي تزيد على نسخة حلب، وتنقص عن نسخة بغداد، منها نسخة في مكتبة نور عثمانية باستانبول، في 317 ورقة.
طبع الكتاب لأول مرة في الهند سنة 1966م بتحقيق د. مختار الدين أحمد. وهي طبعة مليئة بالأخطاء العلمية، انظر جدولاً عنها في زهاء عشرين صفحة، في طبعة د. عادل سليمان جمال، الصادرة عام 1999م وهي مشروع نيله الدكتوراه، قدم لها بمقدمة جليلة، عن الكتاب ومؤلفه، وأشار إلى إغفال أصحاب التراجم كلهم لذكر البصري، حتى ابن العديم الذي كتب تقريظاً للكتاب، ضمن تقاريظه الإثني عشر، المدرجة في ذيل الكتاب. وتضم نسخة راغب باشا (1636) قطعة، أضاف إليها المحقق زياداتٍ من نسخ أخرى لتصبح (1709) قطع. وأشار إلى ما تفردت بذكره من الشعر، في جدول استوعب (14) صفحة. وأتبعه بقائمة في أوهام البصري، كنسبة الشعر إلى غير قائله، ونسبة الشعراء إلى غير عصورهم.
قال ابن العديم: (طالعت الحماسة البصرية مطالعة بصير منتقد، وتأملتها تأمل خبير معتقد، فألفيت مؤلفها....لسان الأدب وحجة العرب... قد كساها من حسن اختياره بزة رفيعة، وأبدع ما أودع فيها ملح الأشعار الرائقة البديعة).
|