مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

رحلة الصدّيق إلى البيت العتيق

تأليف : أيمن حجازي
الولادة : 1970 هجرية
الوفاة : 1 هجرية

موضوع الكتاب : الرحلات

تحقيق : 'NA'

ترجمة : 'NA'



إقرأ الكتاب
نقاشات حول الكتاب
كتب من نفس الموضوع (1279)
كتب أخرى لأيمن حجازي (1)



() التواصل الاجتماعي – أضف تعليقك على هذا الكتاب

 

قصة الكتاب :
تأليف
السيد صديق حسن خان
1248-1308هـ 1832-1889م
المقدمة

هذه رحلة تعليمية تستفيض في شرح شؤون الفقه والشعائر الإسلامية، ولا سيما ما يتعلق منها بالمناسك والواجبات والفروض اليومية المترتبة على الحاج، وإن كانت في منطلقها ومسارها رحلة حج إلى الديار المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة. فالرحالة يجهد نفسه ويجهد قارئه معه في متابعة كل ما يخطر، وما لا يخطر، في بال المسلم الذي ينوي التوجه إلى بيت الله الحرام ليؤدي فريضة الحج والعمرة. والرحالة لا يترك مسألة ولا شاردة من المسائل المتعلقة بالأماكن المقدسة وكيفية زيارتها وما قيل فيها مما تعددت فيها الاجتهادات والآراء والمرويات واستأثرت باهتمام الفقهاء والباحثين وشغلت حيزا من مدوناتهم. إلا وكان لها مكان في متن رحلته ونصيب من البحث والتدقيق حيث يأخذها من مصادرها ويستعرض أسانيدها كما وردت في أحاديث ومدونات أئمة المذاهب الإسلامية وأبرز علمائها.

القوافل الأولى
بدأ المسلمون بأداء فريضة الحج في العام التاسع للهجرة، أي في العام التالي لعام الفتح، وأصبحوا يتوافدون إلى مكة من شتى ديار الإسلام في بقاع الأرض كافة، ليؤدوا فريضتهم، فمنهم من يأتيها براً ومنهم من يأتيها بحراً، ومن ثم جواً.
وكان يصل مكة قوافل أربع:
الأولى من بلاد المغرب مروراً بمصر, وهي قافلة برية؛ والثانية من مصر, وهذه القافلة تحمل معها كسوة الكعبة؛ والثالثة قافلة الشام، وتضم الحجَّاج القادمين من بلدان آسيا الوسطى وما حولها وتركيا والأناضول وبلاد الشام؛ أما القافلة الرابعة فهي قافلة الهند، وتحمل بضائع قيمة ومختارة يشتري منها الحجاج على مختلف جنسياتهم في مكة. وتصل هذه القوافل مكة قبل عيد الأضحى بستة أيام على الأقل.
ولاشك أن محامل الحجَّاج كانت تتعرَّضُ لكثيرٍ من المتاعب والمشاق والأهوال فلا يكاد يصلُ الحاجُ إلى مكَّة ويؤدّي الفريضة ومن ثم يعود إلى دياره حتى يرى الموتَ نصبَ عينيه مرَّات ومرَّات. وهذه المخاوف والأخطار لا بدَّ أن تأخذ طريقها إلى مذكّرات الحجَّاج وحكاياتهم ومروياتهم، فقد يقوم الحاج بسرد وقائع رحلته وتكرار ما جرى معه، كلما أوتي فرصة لذلك.
كثرٌ هم من دونوا رحلاتهم وأسهبوا في وصف الطريق والقافلة والأماكن التي مرُّوا بها وشعائر الحج والمصاعب التي واجهتهم أثناء أدائها، لكننا نجد اختلافاًً بين مستويات مدوناتهم سواء من حيث الشكل أو البنية، أو بطريقة السرد وجمالية الأسلوب ومستوى اللغة، فبعضهم اعتمد الوصف الدقيق والعين المتتبعة لكل أثر صَغُرَ أم كَبر، ومرَّ مرورا عابرا على ذكر الشعائر الدينية، والبعض الآخر ركز على شعائر الحج واستفاض بالشرح والوصف لكل جزئياتها ولم يتطرق إلى ذكر العديد من الأماكن التي عبرها والمواقع العمرانية التي شاهدها في رحلته، بل اكتفى بعموميات يسيرة، ومنهم من عرض مسائل فقهية وبيَّن الآراء والفتاوى فيها، ومنهم من تحدَّث عن الطبيعة واهتمَّ بالمكان وبالثروات الباطنية وبالنشاط الاقتصادي وغير ذلك.. كما فعل الأمير شكيب أرسلان في رحلته إلى الحج \"الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف\" إذ أظهر اهتماماً كبيراً بالمكان تاريخياً واقتصادياً وجغرافياً. ولكل نوع من الأنماط التي ذكرناها أمثلة كثيرة في رحلات الحج.

وفرة المعلومات
رحالتنا محمد صديق خان عمد في كتابه \"رحلة الصديق إلى البيت العتيق\"( ) إلى الاستطراد بذكر آياتٍ وأحاديثَ لمختلف الأمور المتعلقة بالحج من الإحرام إلى الطواف إلى السعي إلى غير ذلك من الشعائر، وكان يعلّق على الأحاديث ويورد الآراء فيها على اختلافها، ويميّز صحيحها من ضعيفها من حَسَنها... ولم يتوانَ في إيراد كم هائل من المعلومات المفيدة للحاج حول كلِّ منسك من مناسك الحج مع ذكر آراء المذاهب فيها. فقد أجاب على كثير من الأسئلة التي قد تجول في خاطر المسلم عن مناسك الحج وأحكامها وشروطها وكيفية أدائها، وقدمها لنا بشكل مفصل ومرتب، وقد أفرد كلا منها على حدة مما لا يترك مجالاً للبس أو الخلط بينها، وهذا ما جعل استطراده على حساب نص رحلته، فهو لم يفرد لوصفها إلا عشر صفحات في آخر الكتاب، أورد خلالها سير رحلته وبعض المعلومات العامة التي أبقت تفاصيل الرحلة محجوبة عن أعيننا.
والنهج الذي اتبعه محمد صديق لا يقلل من شأن المؤلَّف بل يعطيه درجة بالغة الأهمية من حيث المعلومات القيمة التي قدمها، فهو يمتاز باهتمام بالغ بالعلم والمعرفة كما يمتاز بسعة الاطلاع على ذخائر التراث، وله شغف واضح بالبحث عن مزيد من الكتب وقراءتها والإفادة منها قدر المستطاع، وهذا ما يبدو جلياً من خلال ذكره لعدد كبير من الكتب والمصادر. ومثال على ذلك قوله:
(وقد كنت اشتريت من الحديدة:
1- كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم.
2- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول.
3- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار.
4- فتح القدير في فني الرواية والدراية من التفسير.
وغير ذلك مما شغفت به.)
إن صديق حسن خان رحالة مولع بالتحصيل واكتساب العلم، محب للمعرفة، وهذا الحب ليس بغريب على رجل من رجال النهضة العربية له الكثير من المصنفات في لغات شتى، فقد كان دؤوباً في الاطلاع على كل ما يتعلق بالدين وعلومه من أمهات الكتب ونوادرها، وهذا ما دفعه إلى الكتابة والتأليف، وولَّد لديه نظرة ثاقبة وفكراً منيراً في استكشاف الأمور والرجوع إلى مصادرها وتقليبها على شتى وجوهها.
النص الذي يحتفي بوصف الطريق كما ورد في متن الرحلة لا يزيد عن صفحات عشر يحدد يوم بدء الرحلة، وهو يوم الاثنين 27 شعبان 1285هـ = (14 ديسمبر/ كانون الأول 1868) انطلاقاً من بهوبال في وسط الهند حتى وصل إلى ممبئي (بومباي) ومنها استقل مركباً في التاسع من رمضان متوجها بحرا إلى ميناء جدة. ولكن الريح لم تسعفه فقد هدأت واختفت ثلاثة أيام مما تسبب بتوقف المركب دونما أي حركة. ثم هبت الريح المواتية من جديد لتدفع المركب إلى مبتغاه. ويصف الصديق حال المسافرين معه والأمراض والآلام التي عانوها على متن السفينة. ولم يسلم رحالتنا من المرض فقد أصابته الحمى وجعلته يفطر يومين أو ثلاثة أيام ومن ثم يتابع صومه. لكن هذه الأحداث لم تكن لتثنيه عن تدوين كتابه (الصارم المنكي على نحر ابن السبكي) بخط يده، فيقول: \"ولم أضيع زمن ركوبي البحر عبثاً\".

الوصول وأداء الفريضة
وفي 26 رمضان وصل الحديدة، وبعد إقامة ثمانية عشر يوماً فيها، قضى معظمها بمراجعة كتب الحديث، تابع طريقه إلى جدة آملا أن يصلها في أسبوع، ولكن لا تجري الرياح بما تشتهي السفن، فقد استغرقت رحلة البحر الأحمر تلك نحو شهر، وبلغ ركاب السفينة من اليأس كل مبلغ. وعند وصول السفينة مقابل يَلَمْلَم أحرموا بالعمرة، ونزلوا في جدة في التاسع من ذي القعدة. وهذا يعني أن رحلة البحر، مع أيام التوقف والانتظار في الموانئ، استغرقت شهرين كاملين.
بعد استراحة ثلاثة أيام من مشقة السفر، قام الصديق بأداء العمرة، ويعبر بصدق عن سعادته بالوصول إلى تلك الديار المباركة فيقول: \"ومن أول نظرة وقعت إلى جمال الكعبة المكرمة، ذهلنا عن مصائب السفر ومشاقه كلها..\".
ويتحدث عن شعائر الحج وأدائها منسكاً منسكاً على الترتيب حتى الإفاضة إلى مزدلفة ومنها إلى مِنى ثم إلى مكَّة. وهو يغادر مكة في 15 صفر 1286هـ متوجها إلى المدينة فيصلها بعد عشرين يوماً. وبعد \"حضور المسجد النبوي والسلام على المرقد المنور المصطفوي وأصحابه..\" كما يقول، أقام أسبوعا في المدينة المنورة ثم عاد إلى مكة في الثاني عشر من ربيع الأول، وأدى عمرة ثانية إضافة إلى فريضة الحج. وبعد أن قام بطواف الوداع في أوائل جمادى الأولى، استقل مركباً من جدة إلى ممبئي ماراً بالحديدة. وبعد اثنين وعشرين يوماً من معاناة أهوال البحر ومتاعب السفر وصل ميناء ممبئي، ومنها عاد إلى مدينته بهوبال التي بلغها في أوائل جمادى الآخرة بعد رحلة حج دامت ثمانية أشهر، حسب تقديره، أوتسعة أشهر حسب التواريخ التي وردت في نص الرحلة.
يختم الرحالة حديثه بالقول: \"ونحن الآن مقيمون بـ \"بهوبال\" إلى ما شاء الله المتعال...).
إن وصف مسار الرحلة – كما أشرت من قبل – لا يزيد عن عشر صفحات، لكن ما دونه الرحالة في متن رحلته يمتاز بأهمية علمية، وخاصة في ما يتعلق بمناسك الحج، تجعل هذه الرحلة ذات قيمة معرفية بالغة، فكل ما ورد بين دفتي الكتاب يدعونا إلى التأمل والمتابعة ما يجعله حريا بالقراءة المتأنية التي تزودنا بالمتعة والاستفادة من اللآلئ المعرفية المكنونة في صدفات هذا الكتاب.

بحث وتدقيق
لا بدَّ لي هنا أن أذكر شيئاً ولو يسيراً عن العمل الذي قمت به في هذا الكتاب المفيد والممتع، فقد تعاملت مع النص على أنه مخطوطة بكر لأنه في الحقيقة يعج بالمعلومات القيمة والثمينة والتي تحتاج مزيدا من البحث حتى يتم تقديمها للقارئ بعد التثبت من صحتها. والأمر الثاني الذي أود أن أشير إليه هو العدد الكبير من الأعلام البشرية التي وردت في مجمل الكتاب والتي لم يأتِِ أحد على التعريف بها أو حتى الإشارة إليها من قبل. وعلى سبيل المثال لا الحصر، ورد اسم أو بالأحرى لقب (الخطابي، أو المروزي) ونحن لا نعلم من هو الرجل إلا بالبحث والكشف والتثبت، ثم يتبين لنا أن (المروزي) قد أُطلق على أكثر من شخصية، والحال ينطبق على الكنية أيضاً (أبو أمامة، أبو يعلى، أبو يوسف). وهذا ما جعلني أتابع جميع الأعلام الواردة في الكتاب وأقوم بذكر ترجمة لها. وكنت أوفق أحياناً في العثور على معلومات وافرة، وأحياناً أخرى أكتفي بالقليل الذي يفي بكشف اللثام عن اسم العلم الوارد ذكره. وقد أضفت شروحاً للكلمات الغريبة أو التي تحتاج إلى تعريف كمصطلح أو مكان أو غير ذلك ليتسنى للقارئ الحصول على المعلومة دون اللجوء إلى معين أو وسيلة إيضاح وتفسير من خارج الكتاب. وقد استدعى هذا العمل كثيرا من الجهد في البحث والتقصي للوصول إلى صيغة الكتاب التي بين أيدينا وقد تطلبت إضافة ما يزيد على ثلاث مائة هامش. والتزاما بالأمانة العلمية التي درجنا عليها في \"ارتياد الآفاق\"، وضعت بجانب الهامش المضاف حرف (م) اختصارا لكلمة (محرر). وهذه الهوامش تتضمن أيضاً مراجعة الآيات القرآنية التي مرت في متن الكتاب مع ذكر اسم السورة متبوعا برقم الآية. وهناك بعض الأخطاء البسيطة والهفوات التي قد تكون مطبعية، وقد آثرت تصحيحها دون الإشارة إليها لتقديري أنه لا حاجة تستدعي ذلك.
وفضلا عن ذلك، قمت بوضع كشاف حضاري وفهارس في نهاية الكتاب، مما يساعد على سرعة البحث وسهولة تناول المعلومة المطلوبة.

الرحَّالة
محمد صديق خان بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني البخاري القنوجي، أبو الطيب: من رجال النهضة الإسلامية المجددين. ولد 1248هـ/ 1832م في قنوج (بالهند) ونشأ فيها وتعلم في دلهي، سافر إلى بهوبال طلباً للعيش ففاز بثروة وافرة. قال في ترجمة نفسه: \" ألقى عصا الترحال في محروسة بهوبال، فأقام بها وتوطن وتمول، واستوزر وناب، وألَّف وصنَّف\" وتزوج بملكة بهوبال، ولُقب بنواب عالي الجاه أمير الملك بهادر. له نيّف وستُّون مصنفاً بالعربية والفارسية والهندية.( )
وختاماً أسأل الله أن أكون قد وفقت وقدمت لهذه الرحلة ما يتناسب مع قيمتها العلمية والمعرفية وغنى محتواها الذي يشكل دليلا وافيا لكل ما يتعلق بالحج وشعائره، ويسلط الضوء على كثير من المسائل الفقهية التي طالما أثارت جدلا بين علماء المسلمين. والله ولي التوفيق.
وختاماً أرجو أن أكون وفقت في إعادة تقديم هذه الرحلة.

أيمن ياسين حجازي
أبوظبي 10-5-2006

 

  
كتب من نفس الموضوع 1279 كتاباً
رحلة ابن بطوطة
رحلة ابن جبير
سفر نامه
رحلة ابن فضلان
تاريخ المستبصر
المزيد...
  
كتب أخرى لأيمن حجازي1 كتاباً
الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف 1929

أعد هذه الصفحة الباحث زهير ظاظا .zaza@alwarraq.com


مرآة التواصل الاجتماعي – تعليقات الزوار