مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

عين وجناح

تأليف : محمد الحارثي
الولادة : 1962 هجرية
الوفاة : 2018 هجرية

موضوع الكتاب : الرحلات

تحقيق : 'NA'

ترجمة : 'NA'



إقرأ الكتاب
نقاشات حول الكتاب
كتب من نفس الموضوع (1269)




() التواصل الاجتماعي – أضف تعليقك على هذا الكتاب

 

قصة الكتاب :
الرِّحلات التي سيخوضُ غمارها قارئ هذا الكتاب ما هي إلاّ مُحصِّلة لتجربةٍ ومغامرةِ حياةٍ أعطيتها، كما أعطتني، أفضل ما لديها في عَقدي الثلاثيني إثر إجازتي في الجيولوجيا وعلوم البحار.. ذينك التخصُّصين العلميّين اللذين وهَبْتهما جُلّ طاقتي سُدى، رغم إلحاح شجرة الرغبة الكامنة في دراسة الآداب واللغات.
لكن الرياح، كما يُقالُ، جرت بما لا تشتهي أبدانُ السفن، إذ لم ألبث أن تركتهما طواعية في مَهَبِّ تلك الرِّياح، رغم ما يعنيه التخصُّصان في بلد دَيدَنهُ عبادة عمّتنا النخلة وصناعة الثروة السمكية واستنزاف آبار النفط، لأسُوح بعد ذلك في أرض الله الشاسعة أحجاراً ومُحيطات.. مأخوذاً، في الغالب، برنين النقيضين: الرَّماد والذهب في منعطفات القصائد، إلى جانب محاولة الإنكباب على حياة ومصير عَبَثيّين، كان من حسن طالعي أن أعيشهما طولاً وعرضاً حتى بلوغ الجُرح مَداه، واجتراح مَداهُما في الأربعين.
* * *
لقد كان مُقدَّراً لأبي، رحمه الله، في خمسينيّات وستينيّات القرن المُنصرم أن يَشدَّ مئزر الترحال إلى زنجبار أسوةً بمن سبقه من أفراد العائلة الذين افترشوا هناك حديقة أندلسهم الخاصّ بسبب من تلك الظروف المعيشية القاسية التي كانت تعيشها عُمان آنذاك، إلا أنه كان واحداً ممن آثروا البقاء مُخالفاً غلَبَة مصير حرمني لاحقاً من طفولة الفاكهة الطرية ولغتها \"السواحيلية\"؛ لكنه باختياره ذاك عزز فيَّ، دون أن يدري، أشواك الطفولة الأولى واستشراسها للبقاء الذي أفصح فيما بعد عن تعبير خاص لهويّتي النفسية استطاع في بيداء الفاكهة وواحات أشواكها أن يوائم بين مسمار الرَّمز وتفاحة أمثولته في رحلة مصير لا أنكر عذوبتها وعذاباتها؛ قلّما أتيحت لواحد مثلي تربّى في حُدود المتاح من أوكسيجين الستينيات والسبعينيات، ذاك الأوكسيجين الذي لم نكن لنفهم حتى مُفردته المُعْجَمَة فضلاً عن الفرق في التعبير بين هواء وهوىً تسرَّبَ بإلْفِهِ وألِفهِ المقصُورة، في الفصحى، كما شذرات أهوائنا التي لم يكن ممكناً أن نبوح بها حتى لإلْفِنا في حديقة المغامرات الإيروتيكية الصغيرة بين الأفلاج والنخيل والقلاع المهجورة في بلد محفوف بغموض واضح ووضوح غامض كـ عُمان.
* * *
إذا ما كان الإنثيال العفوي غير المخطط له مزيّة هذا الإشتغال وروحه النابضة، فهو اشتغال يَصْبو إلى نوع من الرَّصْد لعين مُجنحَة في بؤرة الصورة الشعرية المستعادة عبر إحالات تاريخية مُبعثرة في الكتاب بين أكثر من هامشٍ ومتن امتزاجاً في أكثر من أقنوم يرنو إلى اشتقاق حقلٍ غير مطروق في السيرة الذاتية ارتحالاً وإقامة في البرزخ المقيم، أبداً، بين رحلة وأخرى، حيث يستحيل المعنى الرمزي للإقامة في وطن أو بلاد أقرب إلى اعتبار تلك المواطنة منفىً متحققاً بمعنى من المعاني. وبالتالي على المرء أن يُحب تجوابه وترحاله أكثر من خضوعه الرومانسي لحب زائف لوطنه المُتحقق ضرورةً. فالترحال أسلوب حياةٍ خاص خبِرَهُ البدو في مفازة الربع الخالي، كما خبِرَتهُ قبائلُ \"الماساي\" في شرق إفريقيا.. تلك القبائل التي اعتبرت الترحال وطناً مُتحققاً مهما كانت الغاية منه ارتحالاً أبدياً للوصول إلى وطن لا يتحقق ولن يتحقق أبداً. فالقصْدُ والقصيدُ، بكُلِّ تلك المعاني وبدونها أيضاً، هو الرِّحلة واللاوصول.
* * *
.. ولأنني لم ولن أكون ذلك اللاعب الماهر في كتابة مقدمة تحفز قارئ هذا الكتاب لخوض غمار رحلاته، إلاّ أنني مدين بواجب الشكر والتقدير للشاعر عبدالله الريامي الذي راجع مسوّدة الكتاب وألهمني ما كان غائباً عن البال في تسيار هذه الرحلات لولا ذاكرته اليقِظة التي ما كنت دونها لأتدارك ما عليّ تداركه، كما هي الحال في امتناني للكاتب شهاب بوهاني على ملاحظاته القيّمة في تلافي الأخطاء التي لا يسلمُ منها كاتب وكتاب.
لا يفوتني، هنا، شكرَ أصدقائي الذين رافقوني في بعض رحلات هذا الكتاب، وشاطروني فرح وهَمَّ كتابته بكافة ما يستطيع الصديق أن يقدمه للصديق، لا سيّما في تذكيرهم إياي ببعض المواقف التي لم أدوِّنها ولم تحتفظ بها ذاكرتي. كما لن يفوتني، بالطبع، واجب الشكر للشاعر محمد أحمد السويدي مؤسس مشروع \"ارتياد الآفاق\" الذي يشرف عليه الشاعر نوري الجرّاح اهتماماً شخصياً ومثابرة على نشر هذا الكتاب وسواه في سلسلة \"سندباد الجديد\" التي أعادت إلى الحياة ضرباً من ضروب الكتابة في ثقافتنا كاد أن يُنسى، رغم أن أسلافنا كانوا رُوّاداً سَبّاقين إليه في ظروف حياتية أقسى مما هو مُتاحٌ لنا اليوم عبر وسائل الإتصال الحديثة التي جعلت من كوكبنا هذا قرية صغيرة، إلاّ أنها ستظل، أبداً، تلك القرية التي تستحق اكتشافنا لها وارتحالنا بين شِعابها والكتابة عنها بشغف لا ينتهي إلى أقصى ما يمكن أن تتيحه المُتعة والمُغامرة.
* * *
أخيراً، آمَلُ أن يجد قارئ هذا الكتاب كاملَ إمتاعِهِ ومؤانسَتهِ في قراءة طبعته-الجديدة هذه-التي تُلُوفِيَتْ فيها أخطاءُ طبعته الأولى التي وقعت بين متنٍ وهامشٍ، وكما يُقال: رُبَّ ضارّة نافعة من حيث لا نحتسب، فقد كانت أخطاءُ الطبعة الأولى فرصة سانحة لإجراء بعض الإضافات والتعديلات الطفيفة التي ارتأيتها، هنا وهناك، بين هامشٍ استضِيفَ، ومَتنٍ أعيدت صياغته، وعناوين فرعية كانت إضافتها كضربة الريشة الأخيرة على لوحة الرحلة، ليكون الإمتاعُ/المَتنُ والمؤانسَةُ/الهامشُ معاً في راحِلَةٍ واحدة تجُوبُ بقنديل قارئها دهْمَاء رحلات هذا الكتاب.
م. ح

 

  
كتب من نفس الموضوع 1269 كتاباً
رحلة ابن بطوطة
رحلة ابن جبير
سفر نامه
رحلة ابن فضلان
تاريخ المستبصر
المزيد...
  

أعد هذه الصفحة الباحث زهير ظاظا .zaza@alwarraq.com


مرآة التواصل الاجتماعي – تعليقات الزوار