مشكاة الأنوار
تأليف : أبو حامد الغزالي
الولادة : 1058 هجرية الوفاة : 1111 هجرية
موضوع الكتاب : التصوف
الجزء :
تحقيق :
ترجمة :
|
|
|
|
|
|
قصة الكتاب :
من أشهر رسائل الغزالي، كتبها جوابا على أسئلة وجهها إليه أحد محبيه، وربما أراد هذا السائل أن يهدي الكتاب إلى أحد أتباع مذهب الثنوية ويدعوه به إلى الإسلام. وختمها بقوله: (فهذا ما حضرني في جواب هذه الأسئلة، مع أن السؤال صادفني والفكر متقسم، والخاطر متشعب، والهم إلى غير هذا الفن منصرف...إلخ) وموضوعها الرئيس شرح آية النور: (الله نور السموات والأرض...إلخ) والحديث: (إن لله سبعين حجابا من نور وظلمة) وقد بنى تفسيره للآية على تقدير أن المراد بقوله تعالى (مثل نوره) أي (مثل نوره المتجلى في الإنسان). وبناه على ثلاثة فصول. تناول في الفصل الثالث: المحجوبين بالظلمة المحضة، وهم الدهريون. والمحجوبين بنور مقرون بظلمة، ومنهم المشركون، وعباد الجمال، من الأتراك، والمجوس والصابئة والمجسمة والمُشبّهة. والمحجوبين بمحض الأنوار، وهم أتباع أرسطو. واشتهر عن الغزالي في الكتاب دفاعه المطول عن الحلاج، وقد أشار إلى ذلك ابن خلكان في ترجمته للحلاج، ونقل الدميري النص برمته في كتابه (حياة الحيوان) انظر ذلك على الوراق.
وذهب في الفصل الثاني إلى أن ألفاظ الآية: (المشكاة) و(المصباح) و(الزجاجة) و(الشجرة) و(الزيت) و(النار) رموز تشير إلى معان مستترة وراءها. وليس ذلك فقط، بل ما من شيء في عالم الشهادة إلا وهو رمز لشيء في عالم الغيب. وعلى هذا فيجب أن نعتبر ألفاظ التمثيل الواردة في القرآن بمثابة مفاتيح أسرار الغيب، فتؤول كما تؤول رموز الأحلام.
وفيه قوله: (وإنما الواصلون صنف رابع...إلخ) وهو الفصل الذي استخرج منه د. عفيفي (نظرية المطاع) (ص 25) وذكر فيها ما ذهب إليه نيكلسون من أن مراد الغزالي بالمطاع يمثل الصورة المثالية التي يسميها متأخرو الصوفية (الحقيقة المحمدية) أو (الروح المحمدي) أو (الإنسان السماوي الذي خلقه الله على صورته) وهو كما يقول عفيفي فهم خاطئ لقوله تعالى (مطاع ثم أمين) لأن المقصود بالمطاع (الأمر الإلهي).
ويعتبر الكتاب أحد الكتب المقطوع في صحة نسبتها إلي الغزالي، ويذهب الباحثون، وفي مقدمتهم ماسنيون إلى أنه مما ألفه في سنواته الأخيرة، في الفترة التي قضاها في طوس، بين عامي (495 و 505هـ) ونجد فيه =كما يقول= إحالات إلى كتب ألفها في ذات الفترة، مثل كتاب (محك النظر) و(معيار العلم) و(المقصد الأسنى) مما يدل أنه ألفها قبل المشكاة أيضا.
وليس للباحثين اهتمام واسع بالكتاب، فأول من تناوله بالبحث (جيردنر) سنة (1914م) في مجلة الإسلام، بالإنجليزية تحت عنوان: (مشكاة الأنوار ومشكلة الغزالي) ثم نشر ترجمة كاملة للكتاب إلى الإنجليزية، عام (1924م)
وتلاه فنسنك في مقال في عشر صفحات، نشره في ليدن سنة (1944م) أثار فيها موضوع الصلة بين المشكاة وتساعات أفلوطين، ذهب فيه إلى أن الغزالي استمد مادة الفصل الأول من كتابه، من الفصل الخامس من التساع الرابع، من كتاب أفلوطين وهو الفصل الذي يعالج فيه أفلوطين موضوع الإبصار، وقد نشر د. عبد الرحمن بدوي في كتابه (أفلوطين عند العرب: ص 189 ـ 192) شذرات من ترجمة عربية قديمة لهذا التساع. ورجح إمكانية أن يكون الغزالي قد اطلع عليه. انظر تفصيل ذلك في مقدمة نشرة عفيفي (ص 16) وفيها رد على كلام د. بدوي.
ثم تلاه مونتجومري وات، في بحث عن الكتاب نشره في مجلة الجمعية الملكية الآسيوية سنة 1954م. ذهب فيه إلى أن الفصل الثالث من الكتاب مدسوس عليه، انظر تفصيل ذلك في نشرة عفيفي (ص 30).
ورأى د. عفيفي أن الغزالي جرؤ في هذا الكتاب على ما لم يجرؤ بالتصريح بمثله في أي مؤلف آخر. فقد أشرف فيه على القول بوحدة الوجود، وخلص بعد مناقشات طويلة إلى القول بأنه (ليس في الوجود موجود حقيقي إلا الله، لأن كل ما سواه مستمد وجوده منه، وما كان وجوده عارية فهو في حكم المعدوم، فالعالم في حقيقته لا وجود له) (كل شيء هالك إلا وجهه) وكما أنه (لا إله إلا هو) (فلا هو إلا هو)..
وللكتاب ترجمتان قديمتان إلى اللاتينية، قام بإحداهما إسحاق بن يوسف الفاسي.
وقد وصلتنا (36) نسخة من مخطوطات الكتاب، تحتفظ بها مكتبات العالم، واعتمد د. عفيفي منها مخطوطتين، وهما: مخطوطة شهيد علي، وقد اتخذها أصلا لنشرته، وهي أقدم مخطوطات الكتاب، حيث فرغ ناسخها من نقلها في رمضان سنة (509هـ) قال: (نجز الكتاب وصادف فراغ صاحبه عبد المجيد بن الفضل الفزاري الطبري ليلة الجمعة وهي الليلة التاسعة من شهر رمضان سنة تسع وخمسمائة، وهو يحمد الله تعالى كثيرا على نعمته، ويصلي على محمد النبي وزمرته).
وتقع في (43) صفحة، وجاء فيها عنوان الكتاب (كتاب المشكاة والمصباح). قال د. عفيفي: (ولاحظنا فيها =لسوء الحظ= كثيرا من الأخطاء والتحريفات والأغلاط النحوية، حتى في اسم الغزالي، مما يدل على أن الناسخ لم يكن على حظ كبير من الثقافة اللغوية)
والثانية: مخطوطة بلدية الإسكندرية، وهي مكتوبة بخط فارسي جميل، وتاريخها عام (907هـ) وتقع في (37) صفحة. وهي أدق من نسخة شهيد علي، وبها كلمات، وأحيانا جمل قصيرة، هامة، ساقطة من نسخة شهيد علي، وفي صفحة العنوان (كتاب مشكاة الأنوار للإمام الغزالي رحمه الله تعالى) وفي آخرها: (تمت كتابة مشكاة الأنوار ومصفاة الأسرار، اللهم اغفر لنا مع الأبرار، يسر العسر يا ميسر الأعسار ويا خارق الأستار، بحرمة محمد سيد شفيع الأشرار وقامع الكفار، تاريخه سبع وتسعمائة من الهجرة النبوية).
وهو غير (مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار) المنسوب للغزالي، انظر التعريف به وبكتاب ابن عربي في زاوية التعليق على الكتاب.
طبع الكتاب طبعات كثيرة، أولها في مصر عام (1322هـ) وكانت كما أوضح د. أبو العُلا عفيفي في نشرته للكتاب عام (1383هـ 1964م) تعج بالتحريف والتصحيف والنقص في الكلمات والسطور، والإضافات من الشروح التي اختلطت في كثير من النسخ بأصل الكتاب، ومع ذلك فقد استمر تجار الكتب بإعادة نشر تلك الطبعات على سقمها حتى يومنا هذا، سيما تكرير نشرة محيي الدين صبري الكردي، التي أصدرها سنة (1343هـ) ضمن مجموعة رسائل بعنوان: (الجواهر الغوالي من رسائل حجة الإسلام الغزالي) وزاد الطين بلة أن تصدى لإعادة نشر هذه الرسائل واحد من عوام المسلمين، ضرب بنشرته رقما قياسيا في التهور ،وأكتفي بذكر ضبطه لأول كلمات الكتاب، حيث افتتح أبو حامد كتابه بقوله: الحمد لله مفيض الأنوار، =وفي نسخة: فائض الأنوار= فجعلها هذا المحقق: (مقيض) بالقاف، والياء المشددة، وشرحها في الهامش بقوله: (من قولهم: قيض الله له شيطانا)... وعلى ذلك فقس كل تحقيقاته للكتاب: نشرة دار الحكمة بدمشق.
وفي عام (1411هـ 1990م) أصدر الشيخ عبد العزيز السيروان نشرة جديدة للكتاب، عن مخطوطتين نفيستين، =كما جاء على غلاف النشرة= قال في مقدمتها: (وقد فوجئت بآراء المرحوم أبي العلا العفيفي حول الكتاب والمؤلف، وإعراضه تماما عن كل وسائل التحقيق، سوى مقابلة المخطوطات والتقديم لها، واختيار أقدم نسخة، مع كثرة أخطائها بشكل يغير المعنى، ويُشكل الهدف من العبارة، لذلك اتخذت مخطوطة مكتبة AUB أصلا أحققه ... ووجدتها هدية من الله عز وجل لي، بوضوحها وقدمها وصحتها...إلخ) وذكر أن هذه النسخة تحتفظ بها مكتبة الجامعة الأمريكية، برقم (325) وعمرها (862) سنة، ولم يرد لها ذكر في أي من كتب فهارس المخطوطات المطبوعة حتى الآن (1990م) وفي نهايتها بخط حديث نسبيا: كُتبت بعد 36 سنة من وفاة المؤلف).هذا ما ذكره السيروان في مقدمته للتحقيق، ورأيت في آخر نشرته (ص 86) (وافق الفراغ من نسخه محمد بن عيسى بن محمد بن عبيق الموي ليلة السبت التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وخمسمائة) وأما المخطوطة الثانية التي اعتمدها السيروان، فيبدو أنها غير نفيسة، كما ذكر على غلاف الكتاب، لأنه يصفها بقوله: (وحين قابلتها على بقية النسخ تبينت كثرة التحريف والتقديم والتأخير، فاكتفيت بإيراد صورة عن بعض صفحاتها دون ذكر فروقاتها مع بقية النسخ لكثرة التحريف فيها من دون فائدة تذكر). ونشر (ص14) صورة لبعض صفحات مخطوطات الكتاب، بلا تعيين لها، مكتفيا بقوله: (الصفحة التي تثبت أن الفصل الثالث من الكتاب). ولا شك من أن هذه النسخة التي اعتمدها السيروان جديرة بالتحقيق.
ومن نوادر الغزالي في هذا الكتاب قوله: (العين تبصر الكبير صغيرا، فترى الشمس في مقدار مجن والكواكب في صور دنانير منثورة على بساط أزرق. والعقل يدرك أن الكواكب والشمس أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة؛ والعين ترى الكواكب ساكنة، ... والكواكب تتحرك في كل لحظ أميالا كثيرة) ومن غرائبه تسميته الملائكة أربابا، والله تعالى رب الأرباب (الوراق ص 10)? والفرق بين صورة الرحمن وصورة الله (ص 12) وقوله: (حاش لله فإن إبطال الظواهر رأى الباطنية الذين نظروا بالعين العوراء إلى أحد العالمين ولم يعرفوا الموازنة بين العالمين، ولم يفهموا وجهه. كما أن إبطال الأسرار مذهب الحشوية.
فالذي يجرد الظاهر حشوى، والذي يجرد الباطن باطني. والذي يجمع بينهما كامل.. والكامل من لا يطفئ نورُ معرفته نورَ ورعه) انظر هذا النص بتمامه (ص 12)?
|
|
|
|
أعد هذه الصفحة الباحث زهير ظاظا
.zaza@alwarraq.com
|
مرآة التواصل الاجتماعي – تعليقات الزوار
|