الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد

فإن كتاب الفتوحات المكية كتاب فلسفي تحدث عن الفلسفة الإلهية وهو يركز على مبدأ وحدة الوجود ، واستخدم المصطلحات الفلسفية بكثرة ، ولقد حاول أنصار هذا التوجه الفكري أن يزينوه بهالة من العظمة كالأسلوب الرفيع أو العبارات الغامضة وما شابه ذلك ، وأنا أعتقد أن قلة هم الذين قرأوا الكتاب لكبر حجمه وصعوبة عبارته    ، وأنا شخصيا لاأزعم أني قرأت الكتاب كاملا ولكني قرأت كثيرا منه على اعتبار أني أعمل في مجال البحث في الفرق وأقول إن مقدمة هذا الكتاب ((كاملة  ))تبين عقائد القوم  وتؤكد مبدأ وحدة الوجود فهو يدعي أنه صعد إلى السماء ومدَّ له الرسول صلى الله عليه وسلم طرف ردائه وقدمه بين يدي الله والأنبياء ليلقي كلمة  ويقول إنه قابل عيسى عليه السلام وأخذ عنه وأنه قابل الخضر وأخذ عنه وهذه إدعاءات فالخضر قد مات قد ذكر ابن قيم الجوزية أنه لاتصح في حياة الخضر أية أحاديث وأكد هذا ابن حجر العسقلاني في الفتح وهو مصداق الحديث الشريف ((لايبقى بعد مائة سنة مما هو حي اليوم أحد أو كما قال صلى الله عليه وسلم )) ولو كان الخضر حيا لرآه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم

كما أن ابن عربي هو القائل

العبد رب والرب عبد      ياليت شعري من المكلف

إن قلت عبد فذاك رب     أو قلت رب أنّى يكلف

وله أشعار أخرى كثيرة في معاني وحدة الوجود وهذا هو منهج الفلاسفة من سقراط إلى أفلاطون إلى أرسطو إلى أفلوطين مؤسس مدرسة الأفلاطونية المحدثة ولعلي إن رغبت إدارة الموقع أن أرسل بمقالات أكثر تفصيلا في الموضوع /عبد الرحمن نموس

اختلط على الكثيرين ابن عربي وعلومه:

1- الحضور والآخذين عنه العلم (الطلاب المتلقين) ليسوا طلاب مبتدئين إنما هم علماء ومن علماء الطبقة الأولى فمثلاً حينما يقول نظرت في وآت نفسي فلم أجد غير الله فقد فهمها قلقلوا العلم والثقافة على أن والعياذ بالله شرك مع أن الرجل وببسيط العبارة يقول في تفسير قوله تعالى  "ونفس وما سواها "

2- النهج العلمي والعبارات العلمية لا يفهمها إلا من فقه مصطلحات تلكم العلوم  (فنجد كثير من علومه حتى الآن يكتشف العلم بعض جوانبها كوجودات وانعدمها والوجود الصوتي وعدم انعدمه بل يتخامد فهذا يدل على أنه يتحدث عن علوم مع سدنتها وأربابها)   

3- لكل زمن نهج علمي خاص فالزمن الذي وجد فيه يتطلب هكذا مستوى من العلم والفلسفة للعلوم وهذا لا ينكره أحد .

4 -بل لكل بلد طبيعة فهم للعلوم والمعارف

5- اللغة ومفردات الجزالة والغرابة تختلف من بلد لأخر ومن زمن لأخر ومما ورد في الأثر أن كلمة " يحور" ما كانت من كلام قريش فأحد كبار الصحابة استغربها أمام  النبي عليه الصلاة والسلام حين نزلت فأرسله صلى الله عليه وسلم لأحدى بقاع  العرب فسمعها من أم تخاطب ابنتها عند مشارف تلك القبيلة فعاد وأخبر النبي عليه وآله الصلاة والسلام  وذاك الشافعي رضي الله عنه وفي القرن الهجري الثاني عندما دخل مصر نزل خمس مستويات حتى فهموه لا بل والبعض لم يفهمه رضي الله عنه

6- الرجل ذكر عقيدته وقد أوردها بعض المعلقين

7- واحترم قول أحد العلماء المتوفى منذ عقدين تقريباً رحمه الله  فيما سمي بالسعودية حيث قال عندما سأل عن ابن عربي "الله أعلم أن هذا الرجل يتحدث بمعاني ومفاهيم وعلوم لا يحيط بها إلا قلة قليلة في زمامننا فلا يرتقي الكثيرين لمعنى ومضمون ما يقول فينكر من ينكر عليه جهلاً منه وليس خطأ أو سوء عقيدة عند ابن عربي فالرجل أقر له حتى ابن قيم  الجوزية أو ابن تيمية  (عندما خرج من سجنه وقابل احمد ابن عطاء الله السكندري) وأوضح له بعض ما اشكل عليه من أقوال ابن عربي والذي استغفر الله فيما ظن عن ابن عربي وصحح ما قال فيه )   

لما طرد الغزالي الفلسفة من الباب دخلت  من الشباك ولكن بلباس التصوف وابن عربي وامثاله انما هم فلاسفة  وقولهم انما هو جهد عقلي بشري فيه الصواب وفيه الخطأ كاي بشر اخر وكل الاخرين الموصوفين بالعارفين انما هم بشر يصيبون ويخطئون ويؤخذ منهم ويرد عليهم الا ان لباس التصوف جعلهم عند الناس بمنزلة تقديسية فوق البشر والامر ليس بهذه الشاكلة ولما كان التعبير عن القبول او الرفض لاي شخص انما بطريقة تكفيره او تقديسه في ذلك الزمان والامر اليوم ليس كمثله بالامس فلابد من النظر لمثل هؤلاء المفكرين على انهم  منتجون بشريون (بكسر التاء)والابتعاد عن التقديس او التكفير بالنسبة لنا نحن على الاقل الذين نهتم بالمنتج(بفتح التاء) البشري لغرض الاستفادة مما يمكن الاستفادة منه او ترك مالايمكن الاستفادة منه ولايمكن ان نتعاطى مع الاشخاص ونحن في القرن الحادي والعشرين كما كان الامر في ذلك الزمان والا فما نحن حينئذ الا ان نكون كما قالوا انا وجدنا ابائنا على ملة وانا على اثارهم مقتدون وشكرا