(معجم البلدان) و(المشترك وضعا)
يستوقفنا في كتاب (وفيات الأعيان) أن ابن خلكان لم يرجع إلى (معجم البلدان) إلا مرتين الأولى، في ضبطه لاسم الجرجانية، في آخر ترجمة الزمخشري، فقال: (قال ياقوت الحموي في كتاب "البلدان": يقال لهم بلغتهم كركانج، وقد عربت فقيل لها الجرجانية، وهي على شاطء جيحون، والله تعالى أعلم بالصواب). والثانية في ترجمة آق سنقر، قال: وكان قتل آق سنقر على قرية يقال لها رويان بالقرب من سبعين من أعمال حلب، ذكره ياقوت الحموي. ولكنه رجع إلى كتابه (المشترك وضعا والمختلف صقعا) خمس عشرة مرة، تجدها في آخر هذه الورقة، ووصفه بأنه من الكتب النافعة، وقد قرأه برمته كما يفهم من كلامه الآتي، ويستوقفنا في مقدمة ياقوت لكتابه (المشترك) قوله: (أما بعد فهذه طرفة طريفة .. انتخلتها من كتابي الكبير المسمى بمعجم البلدان، وافترعتها من رياض حدائقه الكثيرة الافتنان) قال محقق كتاب (الخزل والدأل) لياقوت (ص29): (فياقوت يقرر هنا أنه انتخل المشترك من معجم البلدان، والانتخال تخير واختزال، وهذا أمر عجيب، ولو عرفنا أن معجم البلدان آخر ما ألفه ياقوت على بعض الأقوال ازداد عجبنا ! إن هذا الأمر دفع بعض الدارسين إلى القول: إن ياقوتا ألف كتابه المشترك أولا ثم ضمه إلى المعجم، أو أن بعض الناس قام بتجريد كتاب المشترك من معجم البلدان ونسبه إلى ياقوت =انظر ملامح أدبية د. الشرباصي ص 63= وقد طبع كتاب المشترك طبعة وحيدة في المانيا سنة 1846م في مجلد واحد بعناية المستشرق فرديناند وستنفلد، وأعيد طبعه مصورا مرات. قلت أنا زهير: (ويبدو أن هذه المشكلة لا حل لها إلا أن يقال إن كتاب (معجم البلدان) لم ينتشر في حياة ياقوت، وبقي في مسودته حتى شرع في تبييضه بعدما استخرج منه كتابه (المشترك) فانتشر كتاب المشترك لصغر حجمه، وبقي كتاب (معجم الأدباء) بعيدا عن متناول المؤرخين في عصر ياقوت والعصور التي تلته، وربما كان ابن حجر العسقلاني أول من نهل منه واتخذه مصدرا يرجع إليه. ومن بعده البغدادي في (خزانة الأدب) وكان ابن العديم = وهو صديق ياقوت = قد اطلع على معجم البلدان بخط ياقوت، إلا أنه لم يعتمده كمصدر إلا ثلاث مرات، في (بغية الطلب) ويلوح لي أن ابن خلكان لم يطلع على (معجم البلدان) وأن المرتين المشار إليهما آنفا من زيادة النساخ، ولو كان ابن خلكان قد اطلع على معجم البلدان لأفاد منه بما يناسب استفادته من كتاب (المشترك). قال ابن خلكان في ترجمته لياقوت: (وتوفي يوم الأحد العشرين من شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة، في الخان بظاهر مدينة حلب... وقدمت حلب للاشتغال بها في مستهل ذي القعدة سنة وفاته، وذلك عقيب موته والناس يثنون عليه ويذكرون فضله وأدبه. ولم يقدر لي الاجتماع به) وقال قبل ذلك: ومن تصانيفه أيضاً كتاب " معجم البلدان "، وكتاب " معجم الشعراء "، وكتاب " معجم الأدباء "، وكتاب " المشترك وضعاً المختلف صقعاً " وهو من الكتب النافعة، وكتاب " المبدأ والمآل " في التاريخ، وكتاب " الدول " و" مجموع كلام أبي علي الفارسي " و" عنوان كتاب الأغاني "، و" المقتضب في النسب " يذكر فيه أنساب العرب، وكتاب " أخبار المتنبي ".
نقولات ابن خلكان عن كتاب (المشترك وضعا والمختلف صقعا): 1- قال في ترجمة أبي العتاهية: مولده بعين التمر، وهي بليدة بالحجاز قرب المدينة، وقيل: إنها من أعمال سقي الفرات، وقال ياقوت الحموي في كتابه المشترك إنها قرب الأنبار، والله أعلم.
2- وقال في ترجمة أبي هاشم الجبائي: والجبائي: بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة، هذه النسبة إلى قرية من قرى البصرة خرج منها جماعة من العلماء، هكذا قاله السمعاني في كتاب " الأنساب "، وقال ياقوت الحموي في كتابه " المشترك ": إنها كورة وبلدة ذات قرى وعمارات من نواحي خوزستان، والله أعلم. 3- وقال في ترجمة المقنع الخراساني أثناء حديثه عن قلعته: ولم أر أحداً ذكر هذه القلعة وأين هي حتى أذكرها، ثم رأيت في كتاب الشهاب ياقوت الحموي - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - الذي وضعه في معرفة المواضع المشتركة، فقال في باب سنام بفتح السين: إنها أربعة مواضع والموضع الرابع منها سنام قلعة عمرها المقنع الخارجي بما وراء النهر، والله أعلم، والظاهر أنها هذه القلعة، ثم وجدت في أخبار خراسان أنها هي، وأنها من رستاق كش، والله أعلم. 4- وقال في ترجمة طويس: وذكر ياقوت الحموي في كتابه " المشترك " أن قبر طويس المخنث في سقيا الجزل، وما ذكر أين هي. 5- وقال في ترجمة أبي الفتح الشهرستاني: وشهرستان لفظة عجمية وهي مركبة، فمعنى شهر مدينة، ومعنى الاستان الناحية، فكأنه قال: مدينة الناحية - ذكر ذلك كله أبو عبد الله ياقوت الحموي في كتابه الذي سماه المشترك وضعا المختلف صعقا وفي بعضه زيادة على ماذكره ياقوت 6- وقال في ترجمة الشاعر الرصافي الأندلسي محمد بن غالب ابن الرفاء، بعدما ذكر رصافة الأندلس: وبنى =أي عبد الرحمن الداخل= هذه الرصافة وسماها برصافة جده هشام بن عبد الملك بن مروان، وهي بليدة مشهورة بالشام، كذا قاله ياقوت الحموي-الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - في كتابه المسمى بالمشترك وضعا المختلف صعقا وذكر أن الرصافة اسم تسع مواضع، وعددها، ولولا خوف التطويل لذكرتها، غير أنه لم يذكر رصافة بلنسية، وبهذه الرصافة تكون عشرة مواضع، والله تعالى أعلم. 7- وقال في ترجمته لمدينة الحضر في ترجمة (البتاني): قال ياقوت الحموي في كتابه "المشترك": قصر الحضر بقرب سامرا من أبنية المعتصم، والله تعالى أعلم. وقال في ترجمة معروف الكرخي: والكرخي: بفتح الكاف وسكون الرء وبعدها خاء معجمة، هذه النسبة إلى الكرخ، وهو اسم تسع مواضع ذكرها ياقوت الحموي في كتابه، وأشهرها كرخ بغداد. 8- وقال آخر ترجمة البحتري: وذكر ياقوت الحموي في كتابه " المشترك ": باب السقيا خمسة مواضع، ثم قال في آخر هذا الباب: والخامس قرية على باب منبج ذات بساتين، وهي وقف على ولد البحتري الشاعر، وقد ذكرها أبو فراس بن حمدان في شعره. 9- وقال في آخر ترجمة الخنساء أثناء حديثه عن جبل عسيب: وقال الحافظ أبو بكر الحازمي المقدم ذكره في كتاب " ما اتفق لفظه وافترق مسماه ": إن عسيباً جبل حجازي، ودفن عنده صخر أخو الخنساء، فعلى هذا يكون عسيب اسماً لجبلين: أحدهما بالروم وهو الأشهر، والآخر بالحجاز، وكان من لوازم ياقوت الحموي أن يذكره في كتابه الذي وضعه في البلاد المشتركة الأسماء، ولم أجد ذكره فيه، والله أعلم. 10- وقال في ترجمته للبوصيري: وتوفي في الليلة الثانية من صفر سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ودفن بسفح المقطم، رحمه الله تعالى، وقال ياقوت الحموي في كتاب البلدان المشتركة الأسماء: إنه مات في شوال رحمه الله تعالى. ... 11- ثم قال: والمنستير معبد بين المهدية وسوسة يأوي إليه الصالحون المنقطعون للعبادة، وفيه قصور شبيهة بالخانقاهات وعلى تلك القصور سور واحد، ذكره ياقوت في كتابه، والله أعلم. 12- وقال في آخر ترجمة يزيد بن المهلب: والعقر: بفتح العين المهملة وسكون القاف وبعدها راء، وهو في الأصل اسم القصر، والمواضع المسماة بالعقر أربعة: أحدها هذا ولا حاجة إلى ذكر الباقي، وقد ذكرها ياقوت الحموي في كتابه الذي سماه " المشترك وضعاً ". 13- وقال في آخر ترجمة يزيد بن الطثرية: وذكر الطوسي المذكور أن هذه الواقعة كانت بالعقيق، وقال ياقوت الحموي في كتاب " المشترك وضعاً ": إن العقيق عشرة مواضع ..إلخ. 14- وقال أثناء حديثه عن عسقلان في ترجمة صلاح الدين: هكذا ذكره شيخنا ابن شداد في "السيرة"، وذكر الشهاب ياقوت الحموي في كتابه الذي سماه "المشترك وضعا المختلف صقعا" أنهم أخذوها من المسلمين في رابع عشر جمادى الآخرة من السنة. 15- وقال في ترجمة الرمادي الشاعر يوسف بن هارون: والرمادي: بفتح الراء والميم وبعد الألف دال مهملة وبعدها ياء النسب، هذه النسبة إلى الرمادة، قال ياقوت الحموي في كتابه الذي سماه "المشترك وضعا المختلف صقعا" في باب الرمادة: الرمادة عشرة مواضع، وعدها فقال: الثالث رمادة المغرب، ينسب إليها يوسف بن هارون الكندي الرمادي الشاعر القرطبي. وقال في ترجمة البياسي: والبياسي: بفتح الباء الموحدة والياء المشددة المثناة من تحتها، هذه النسبة إلى بياسة، وهي مدينة كبيرة بالأندلس معدودة في كورة جيان، هكذا قاله ياقوت الحموي في كتابه " المشترك وضعا ".
|