وقال الشيخ المعلمي رحمه الله في مقدمة كتاب بيان خطأ محمد بن اسماعيل البخاري في تاريخه للامام الرازي :
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه على محمد وآله وصحبه . وبعد فان معرفة نقلة الاخبار ورواة الاحاديث والاآثار عليها مدار التمييز بين الصحيح والسقيم والمقبول والمردود ، ومن اهم فروعها معرفة ما وقع من الخطأ في بعض كتب أسماء الرجلا المتلقاة بالقبول والاعتماد إذ قد يستند إليها في ذلك الخطأ بناء على أنها أهل للاستناد .
وكنت ذكرت في مقدمة كتاب الجرح والتعديل لابن ابى حاتم الرازي ومقدمة كتاب موضح أو هام الجمع والتفريق لابي بكر الخطيب البغدادي أن لابن أبى حاتم كتيبا جمع فيه تعقبات ابيه وابى زرعة الرازيين على التاريخ الكبير للبخاري ، وكنت أحسبه جزءا صغيرا وان عامة فوائده قد شملها كتاب الجرح والتعديل . ثم ان صديقى العزيز البحاثة المحقق الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الصنيع مدير مكتبة الحرم المكى وعضو مجلس الشورى في الدولة السعودية العلية .
وهو من أولى العناية البالغة بكتب الرجال وتحقيق الاسانيد ، وقف على ذكر ذاك الكتيب في فهرس المخطوطات المصورة للادارة الثقافية لجامعة الدول العربية فأخبرني بذلك وذكر لى أن المجموعة الجليلة ( تاريخ البخاري ، وكتاب الجرح والتعديل ، والموضح للخطيب ) لا تتم إلا بهذا الكتاب ، وان خدمتي لتلك الكتب تتقاضانى أن أقوم بخدمته ، وان ما وفقت له دائرة المعارف العثمانية من طبع تلك الكتب لا تكمل إلا بطبعه . ثم لم يمهل أن طلب صور ذاك الكتاب على نفقته الخاصة ولم اشعر الا وهو يقدم إلى الصور .
1 - اسم الكتاب وقع في صدر هذه النسخة تسميته هكذا " بيان خطأ محمد بن اسماعيل البخاري في التاريخ " وجاء اسمه في ترجمة عباد بن عبد الصمد من لسان الميزان " كتاب خطأ البخاري " وفى التهذيب في ترجمة حسين بن شفى " خطأ البخاري " وفى ترجمة على بن حفص المروزى " كتاب الرد على البخاري " والاول هو المعتمد .
2 - الموضوع والفائدة موضوع الكتاب على التحديد بيان ما وقع من خطأ أو شبهه في النسخة التى وقف عليها الرازيان من تاريخ البخاري . والشواهد تقضى أن ابا زرعة استقرأ تلك النسخة من اولها إلى آخرها ونبه على ما رآه خطا أو شبهه مع بيان الصواب عنده . وترك بياضا في مواضع . ثم تلاه أو حاتم فوافقه تارة وخالفة أخرى واستدرك مواضع .
واذ كان البخاري والرازيان من اكابر أئمة الحديث والرواية وأوسعهم حفظا واثقبهم فهما واسدهم نظرا فمن فائدة هذا الكتاب أن كل ما في التاريخ مما لم يعترضه الرازيان فهو على ظاهره من الصحة باجماعهم ، ومثله بل أولى ما ذكرا انه الصواب وحكيا عن التاريخ خلافه والموجود في نسخ التاريخ ما صوباه .
ومن فائدته بالنظر إلى المواضع التى هي في نسخ التاريخ على ما حكياه وذكر أنه خطأ معرفة الخلاف ليجتهد الناظر في معرفة الصواب وكثير من ذلك لم ينبه عليه في الجرح والتعديل ولا غيره فيما علمت .
3 - النظر في تعقبات الرازيين وجدت المواضع المتعقبة على أضرب :
الاول ما هو في التاريخ على ما صوبه الرازيان لا على ما حكياه عنه وخطآه ، وهذا كثير جدا لعله اكثر من النصف ، وقد ذكرت في مقدمة الموضح أن البخاري أخرج التاريخ ثلاث مرات وفى كل مرة يزيد وينقص ويصلح ، واستظهرت ان النسخة التى وقعت للرازيين كانت مما أخرجه البخاري لاول مرة ، وهذا صحيح ، ولكني بعد الاطلاع على هذا الكتاب علمت انه لا يكفى لتعليل ما وقع فيه من هذا الضرب لكثرته ، ولان كثيرا منه يبعد جدا أن يقع من البخاري بعضه فضلا عن كثير منه ، وتبين لى أن معظم التبعة في هذا الضرب على تلك النسخة التى وقعت للرازيين ،،،
وعلى هذا فوق ما تقدم شاهدان :
الاول : ان الخطيب ذكر في الموضح ج 1 ص 7 هذا الكتاب ثم قال : " وقد حكى عنه في ذلك الكتاب أشياء هي مدونة في تاريخه على الصواب بخلاف الحكاية عنه " وقد وقف الخطيب على عدة نسخ من التاريخ مختلفة الاسانيد إلى البخاري . الثاني : ان أبا حاتم هو زميل أبى زرعة ولابد ان يكون قد اطلع على تلك النسخة وعرف حالها يقول في مواضع كثيرة من هذا الكتاب " وانما هو غلط من الكاتب " أو نحو هذا راجع رقم 10 ، 31 ، 42 ، 66 ، 89 ، 210 ، 229 ، 230 ، 239 ، 404 ، 460 ، 472 ، 609 .
يعنى أن الخطأ فيها ليس من البخاري ولا ممن فوقه وانما هو من كاتب تلك النسخة التى حكى عنها أبو زرعة ، وثم مواضع أكثر مما ذكره الحمل فيها على الكاتب اوضح . قد اعترض هذا بما في أول هذا الكتاب عن ابى زرعة
" حمل إلى الفضل بن العباس المعروف بالصائغ كتاب التاريخ ذكر أنه كتبه من كتاب محمد بن اسماعيل البخاري فوجدت فيه . . .
" والفضل ابن العباس الصائغ حافظ كبير يبعد أن يخطئ في النقل ذاك الخطأ الكثير . وقد ذكرانه كتب من كتاب البخاري والظاهر انه يريد به نسخة البخاري التى تحت يده والاوجه التى تحمل التبعة على تلك النسخة توجب أحد أمرين : الاول أن يكون الفضل بن العباس حين نقل النسخة لما يستحكم علمه وقد تكون نسخة البخاري حين نقل منها لا تزال مسودة فنقل ولم يسمع لا عرض ولا قابل .