كتاب الملاحن
(المؤلف : ابن دريد)
كتاب الملاحن لابن دريد
كتاب صغير، تقع مطبوعته في 26 صفحة.
والملاحن هي الكلمة تقولها ولا تقصد منها معناها المتداول، وإنما معنى آخر نصت عليه معاجم اللغة، قد يكون ذلك بقصد النكتة والمزاح والدعابة كما قال الطرماح:
(وأَدَّتْ إِليَّ القوْلِ عنهُنَّ زَوْلةٌ = تُلاحِنُ أَو ترْنُو لقولِ المُلاحِنِ)..
وقد يكون تعمية عن العذال والرقباء كما يقع مثل ذلك في أخبار الظرفاء والمجان.
أما الملاحن التي أوردها ابن دريد في كتابه فهي مما يسأل عنه رجال الأمن والتحقيق في المعتقلات والسجون، لذلك افتتح الكتاب بقوله: (هذا كتاب ألفناه ليفزع إليه المجبر المضطهد على اليمين المكره عليها فيعارض بما رسمناه ويضمر خلاف ما يظهر ليسلم من عادية الظالم ويتخلص من حيف الغاشم وسميناه كتاب الملاحن واشتققنا هذا الاسم من اللغة العربية الفصيحة التي لا يشوبها الكدر، ولا يستولي عليها التكلف وما توفيقنا إلا بالله) قال: (ومعنى قولنا الملاحن لأن اللحن عند العرب الفطنة، ومنه قول النبي (ص): لعل أحدكم ألحن بحجته من بعض: أي أفطن لها وأغوص عليها، وذلك أن أصل اللحن أن تريد شيئا فتوري عنه بقول آخر)
وكأمثلة على الملاحن التي ساقها ابن دريد قوله ص 6 : وتقول: والله ما كنت عاملا قط، ولا أصلح لذلك. فالعامل قدر الذراعين من أعلى الرمح. وتقول: والله ما كنت ساعيا قط ولا أصلح لذلك فالساعي الذي يلي الصدقات. وتقول: والله ما رأيت لفلان كاتباً ولا عرفت له كاتبا، من قولهم كتبت الإداوة إذا خرزتها ... وتقول والله ما دخلت لفلان بيتا ... والبيت القبر.... والبيت المرأة قال الشاعر: (ما لي إذا أجذبها صأيتُ = أكبرٌ قد غالني أم بيت)
وتقول والله ما نصح فلان فلانا ولا يحسن أن ينصح، فالنصح الخياطة والمنصحة الإبرة ... (ص 8) وتقول والله ما عندي جحشة ولا أملكها. فالجحشة الصوف الملفوف ... وتقول: والله ما أخذت لفلان بقرة ولا ثورا، فالبقرة العيال الكثير، يقال جاء فلان يسوق بقره أي عيالا كثيرا، والثور القطعة العظيمة من الأقط. ( ص9) وتقول: والله ما أخبرني فلان بشيء أي ما فعل بي ذلك. وتقول: والله ما أمليت هذا الكتاب ولا قرأته. قوله "أمليت" من قوله عز وجل: "إنما نملي لهم ليزدادوا إثما" وقوله قرأت أي جمعت قال الشاعر: (هجان اللون لم تقرأ جنينا) وتقول: والله ما كنت قائدا قط، ولا أصلح لذلك، فالقائد الجدول (ص10) وتقول: والله ما رأيت من هؤلاء القوم كافرا ولا فاسقا. فالكافر الذي قد تغطى بثيابه والفاسق الذي قد تجرد من ثيابه. من قولهم انفسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها. (ص11) وتقول: والله ما رأيت فلانا راكعا ولا ساجدا ولا مصليا: فالراكع العاثر ... والساجد المدمن النظر في الأرض ... والمصلي الذي يجيء بعد السابق من الخيل. (ص12) وتقول: والله ما رأيت صليبا قط ولا مسسته، فالصليب العظم السائل الودك، والجلد الذي سال ودكه.... وتقول والله ما عندي نبيذ ولا أملكه. فالنبيذ الصبي المنبوذ، وكل شي ألقيته من يدك فقد نبذته. (ص15) وتقول: والله ما لي في هذا الكتاب خط. فالخط سِيف البحر. (ص16) وتقول: والله ما عرفت لفلانة بعلا ولا رأيته، ولا رأيت لها زوجا: فالبعل النخل المستبعل الذي يشرب بماء السماء، والزوج النمط الذي يطرح على الهودج. قال الشاعر: (زوج عليه كلة وقرامها) (ص17) وتقول: والله ما أبصرته أي لم أقشر بُصرَهُ والبُصر قشر اعلى الجلد. (ص22) وتقول والله ما رأيت فلانا بعين ولا كلمته بلسان، فالعين العين من الماء واللسان الأمر تبلغه قال الشاعر: (إني أتتني لسان ما أسر بها = من عَلْوَ لا عجب فيها ولا سخرُ). وآخر الكتاب (ص26) تقول: والله ما كان خلفي ولا قدامي، فالخلف المربد وراء البيت قال الشاعر: (وجيئا من الباب المجاف تواتراً =وإن يقعدا بالخلف فالخلف أوسع) .. والقدّام السيد، وأنشد: (إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم = ضرب القدار نقيعة القدّام)..
طبع الكتاب لأول مرة في مطبعة كلية هايدلبرج في ألمانيا سنه 1882 بعناية المستشرق الألماني هاينريخ توربكه في 26صفحة عدا فهارس الألفاظ، وهذه الطبعة متاحة للتحميل في مواقع كثيرة ولا صحة فيها لما ورد في بيانات الكتاب من أنه في 82 صفحة، فقد ألحق الناشر بالكتاب كتابا آخر في ترجمة نشيد الإنشاد للنبي سليمان وسماه "نشيد النشود" ويليه ترجمة ما سماه "تسبيح التسابيح" وهي ترجمة للعربية تختلف في ألفاظها وكلماتها عن الترجمات الشائعة للعهد القديم.
وعلى غرار كتاب ابن دريد وضع صاحبه المفجع البصري كتابه (المنقذ من الأيمان) والأيمان جمع يمين قال ياقوت في ترجمة المفجع: (وله أيضاً: كتاب المنقذ في الأيمان يشبه كتاب الملاحن لابن دريد إلا أنه أكبر منه وأجود وأتقن) قال وبينه وبين ابن دريد مهاجاة. وذكره أبو المنصور الثعالبي في كتاب اليتيمة فقال: (المفجع البصري صاحب ابن دريد والقائم مقامه في التأليف والإملاء)
ولد المرحوم هاينريخ توربكه في مدينة منهايم (جنوب غرب ألمانيا) يوم الثلاثاء 7/ ذي الحجة/ 1252هـ الموافق 14 آذار سنة 1837. وتوفي يوم الجمعة 12/ جمادى الأولى سنة 1307 الموافق 3/ 1/ 1890م والخاء في اسمه تلفظ شينا أيضا، وهو عند لويس شيخو: هنري توربكه.
|