المذيل على تاريخ بغداد (المؤلف : السمعاني) المذيل على تاريخ بغداد: تاليف تاج الإسلام أبي سعد السمعاني التميمي (506 – 562هـ) من أعاظم كتب التاريخ الضائعة، شأنه شأن معظم مؤلفات عصره، إلا أنه قد وصلنا قسم كبير منه عن طريق نقول المؤرخين التي لا تكاد تحصى ، وفي مقدمتهم العماد الكاتب في الخريدة وياقوت الحموي في معجم البلدان ومعجم الأدباء وابن الجوزي في المنتظم والصفدي في الوافي والذهبي في التاريخ، والسبكي في طبقاته، وهو الكتاب المقصود في كل كتبهم إذا أطلقوا قولهم: (قال السمعاني). وقد ذيّل به على تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، فكان نظيره في منزلته العالية التي يشار إليها بالبنان.
قال ابن الأثير في مقدمة اللباب: (أتى فيه بكل فضيلة وأبان عن كل نكتة جليلة، وهو نحو خمسة عشر مجلداً ومن ذلك تاريخ مرو يزيد على عشرين مجلدا، وكذلك الأنساب له نحو ثماني مجلدات). وفي كلام ابن الأثير هذا ما يرجح كلام من قال إن كتاب التحبير لم يصلنا سوى منتخب منه، لأن ابن النجار نقل من خط السمعاني أسماء مصنفاته ومقاديرها قال: ("نقلت أسماء تصانيفه من خطه: الذيل على تاريخ الخطيب أربعمئة طاقة، تاريخ مرو خمسمئة طاقة ....وفيها: التحبير في المعجم الكبير ثلاثمئة طاقة )
قال الصفدي في ترجمته: (وجمع ذيلاً على تاريخ الخطيب لبغداد وأتى فيه بكل مليحة .... ) قال: (ويقع في أربع ماية طاقة، والطاقة نصف كراس). وقال الذهبي بعدما سمى تصانيفة: (والطاقة يخال إلي أنها الطلحية) وفي القاموس مادة طلح: (والطَّلْحِيَّةُ: للوَرَقَةِ من القِرْطاسِ، مُوَلَّدَةٌ). ويبدو أن المقصود بالطاقة ما يعرف اليوم بالملزمة، أي 16 صفحة.
ولتقدير الطاقة فإن كتابه التحبير المنشور في الموسوعة يقع في 300 طاقة. أي أصغر من المذيل بمقدار الربع. قال : (وكتاب الأنساب ثلاث مئة وخمسون طاقة) وهو منشور في الموسوعة أيضا، وأكبر كتبه (تاريخ مرو) ويقع في 500 طاقة.
وذكره الصفدي في مقدمة الوافي أثناء تسميته من سبقه إلى التأليف في التاريخ وأولها تاريخ بغداد قال : (تاريخ بغداد للخطيب أبي بكر، والذيل عليه للسمعاني، والذيل عليه لابن الدبيثي وفيه ما لم يذكره السمعاني وذكر من أغفله أو كان بعده. والذيل عليه لابن القطيعي، والذيل لمحب الدين ابن النجار، والذيل لأبي بكر ابن المارستاني، والذيل لابن الساعي).
وتناوله ابن الجوزي في المنتظم بالذم في ترجمة شيخه الحافظ ابن ناصر السلامي قال: (ذكره ابن السمعاني في المذيّل فقال: كان يحب أن يقع في الناس. وهذا قبيح من أبي سعد، فإن صاحب الحديث مايزال يجرّح ويعدّل. فإذا قال قائل: إن هذا وقوعٌ في الناس دلّ على أنه ليس بمحدّث، ولا يعرف الجرحَ من الغيبة. ومذيّل ابن السمعاني ما سماه إلا ابن ناصر، ولا دلّه على أحوال الشيوخ أحد مثل ابن ناصر، وقد احتج بكلامه في أكثر التراجم، فكيف عوّل عليه في الجرح والتعديل، ثم طعن فيه؟ ولكن هذا منسوبٌ الى تعصّب ابن السمعاني على أصحاب أحمد. ومن طالع كتابه رأى تعصبه البارد وسوء قصده. ولا جرم لم يمتّع بما سمع، ولا بلغ رتبة الرواية. انتهى كلام ابن الجوزي.
وعلق عليه الإمام الذهبي الحنبلي بقوله: (قلت: يا أبا الفرج، لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثله. فإنه عليك في هذا الفصل مؤاخذات عديدة، منها أن أبا سعد لم يقل شيئاً في تجريحه وتعديله، وإنما قال: إنه يتكلم في أعراض الناس. ومن جرّح وعدّل لم يسمَّ في عرف أهل الحديث أنه يتكلم في أعراض الناس، بل قال ما يجب عليه، والرجل قد قال في ابن ناصر عبارتك بعينك التي سرقتها منه وصبغته بها. بل وعامة ما في كتابك المنتظم من سنة نيف وستين وأربعمائة الى وقتنا هذا من التراجم، إنما أخذته من ذيل الرجل، ثم أنت تتفاجم عليه وتتفاجح. ومن نظر في كلام ابن ناصر في الجرح والتعديل أيضاً عرف عترسته وتعسّفه في بعض الأوقات.
ثم تقول: فإذا قال قائل إن هذا وقوع في الناس دل على أنه ليس بمحدّث، ولا يعرف الجرح من الغيبة، فالرجل قال قوله، وما تعرّض لا الى جرح ولا غيبة حتى تلزمه شيئاً ما قاله. وقد علم الصالحون بالحديث أنه أعلم منك بالحديث، والطرق، والرجال، والتاريخ، وما أنت وهو بسواء. وأين من أضنى عمره في الرحلة والفنّ خاصة وسمع من أربعة آلاف شيخ، ودخل الشام، والحجاز، والعراق، والجبال، وخراسان، وما وراء النهر، وسمع في أكثر من مائة مدينة، وصنّف التصانيف الكثيرة، إلى من لم يسمع إلا ببغداد، ولا روى إلا عن بضعة وثمانين نفساً؟ فأنت لا ينبغي أن يُطلق عليك اسم الحفظ باعتبار اصطلاحنا، بل باعتبار أنك ذو قوة حافظة، وعلم واسع، وفنون كثيرة، واطلاع عظيم. فغفر الله لنا ولك.
ثم تنسبه الى التعصب على الحنابلة، والى سوء القصد، وهذا - والله - ما ظهر لي من أبي سعد، بل، والله، عقيدته في السنّة أحسن من عقيدتك، فإنك يوماً أشعري، ويوماً حنبلي، وتصانيفك تنبئ بذلك. فما رأينا الحنابلة راضين بعقيدتك ولا الشافعية، وقد رأيناك أخرجت عدة أحاديث في الموضوعات، ثم في مواضع أخَر تحتج بها وتحسّنها. فخِلنا مساكتتة).
ثم قال الذهبي: قال أبو سعد، =أي في كتابه المذيل= وذكر ابن ناصر: (كان يسكن درب الشاكرية، حافظ، ديّن، ثقة، متقن، ثبْت، لغوي، عارف بالمتون والأسانيد، كثير الصلاة والتلاوة، غير أنه يحبّ أن يقع في الناس. كان يطالع هذا الكتاب، ويُخشى عليه ما يقع له من مثالبهم، والله يغفر له. وهو صحيح القراءة والنقل. وأول سماعه من أبي الصّقر، وذلك في سنة ثلاث وسبعين).
قال ابن النجار: "نقلت أسماء تصانيفه من خطه: الذيل على تاريخ الخطيب أربعمئة طاقة، تاريخ مرو خمسمئة طاقة، معجم البلدان خمسون طاقة، معجم شيوخه ثمانون طاقة، أدب الطلب مئة وخمسون طاقة، الإسفار عن الأسفار خمس وعشرون طاقة، الإملاء والاستملاء خمس عشرة طاقة، تحفة المسافر مئة وخمسون طاقة، الهدية خمس وعشرون طاقة، عز العزلة سبعون طاقة، الأدب واستعمال الحسب خمس طاقات، المناسك ستون طاقة، الدعوات أربعون طاقة، الدعوات النبوية خمس عشرة طاقة، دخول الحمام خمس عشرة طاقة، صلاة التسبيح عشر طاقات، تحفة العيد ثلاثون طاقة، التحايا ست طاقات، فضل الديك خمس طاقات، الرسائل والوسائل خمس عشرة طاقة، صوم الأيام البيض خمس عشرة طاقة، سلوة الأحباب خمس طاقات، فرط الغرام إلى ساكني الشام خمس عشرة طاقة، مقام العلماء بين أيدي الأمراء إحدى عشرة طاقة، المساواة والمصافحة ثلاث عشرة طاقة، ذكرى حبيب رحَل وبشرى مشيب نزل عشرون طاقة، التحبير في المعجم الكبير ثلاثمئة طاقة، الأمالي له مئتا طاقة، خمس مئة مجلس، فوائد الموائد مئة طاقة، فضل الهر ثلاث طاقات، ركوب البحر سبع طاقات، الهريسة ثلاث طاقات، وفيات المتأخرين خمس عشرة طاقة، كتاب الأنساب ثلاثمئة وخمسون طاقة، الأمالي ستون طاقة، بخار بخور البخاري عشرون طاقة، تقديم الجفان إلى الضيفان سبعون طاقة، صلاة الضحى عشر طاقات، الصدق في الصداقة، الربح في التجارة، رفع الارتياب عن كتابة الكتاب، أربع طاقات، النزوع إلى الأوطان خمس وثلاثون طاقة، تخفيف الصلاة في طاقتين، لفتة المشتاق إلى ساكني العراق أربع طاقات، من كنيته أبو سعد، ثلاثون طاقة، فضل الشام في طاقتين، فضل يس في طاقتين".
وفي تاريخ دمشق لابن عساكر قوله (ج36/ ص 47) في ترجمة السمعاني وهو من أصدقائه: (واجتمعت به بنيسابور وببغداد وبدمشق وسمع بقراءتي وسمعت بقراءته وكتب عني وكتبت عنه وكان متصونا عفيفا حسن الأخلاق وعاد إلى بغداد وذيل تاريخ بغداد وسمعه بها وعاد إلى خراسان ودخل هراة وبلخ ومصر إلى ما وراء النهر وطوف فاستفاد وحدث فأفاد وأحيا ذكر سلفه وأبقى ثناء صالحا لخلفه وآخر ما ورد علي من أخباره كتاب كتبه بخطه وأرسل به إلي وسماه كتاب "فرط الغرام إلى ساكني الشام " في ثمانية أجزاء كتبه سنة ستين وخمسمائة يدل على صحة وده ، ودوامه على على حسن عهده ضمنه قطعة من الأحاديث المسانيد وأودعه جملة من الحكايات والأناشيد فذكرني حسن صحبته ودلني على صحة محبته وهو الان شيخ خراسان غير مدافع عن صدق ومعرفة وكثرة سماع لأجزاء)
|