أزهار الأنهار (المؤلف : أسامة بن منقذ) أزهار الأنهار: أحد مؤلفات أسامة بن منقذ الضائعة، ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون" قال: (أزهار الأنهار: لمؤيد الدولة أسامة بن مرشد الكناني المتوفى سنة أربع وثمانين وخمسمائة). ورجع إليه ابن العديم في "بغية الطلب" أثناء ترجمته لأسامة وهي من التراجم الطوال قال: (واجتمعت به بدمشق، وأنشدني قصائد من شعره سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. قرأت بخط مؤيد الدولة أسامة في كتابه الموسوم بأزهار الأنهار، وقد أجاز روايته مع غيره لجماعة أجازوا لنا ذلك عنه منهم: الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: ومما يخصني من غرائب اللبن أنني حين ولدت التمس لي من يرضعني، فقدر الله سبحانه الدر من امرأة كبيرة قد نيفت عن الستين سنة، ليس لها ولد صغير، فدرت علي وأرضعتني إلى حين فطمت، وعاشت بعد فطامي نحوا من خمس عشرة سنة وكانت رحمها الله متى عصرت ثديها طار منه اللبن كأنها مرضعة).
ونقل منه في ترجمة القاضي أبي النمر ابن العنزي قال: (أبو النمر ابن العنزي: القاضي، من بيت كبير بالشام، مشهور ولهم اتصال بملوكها، وحرمة عندهم، وأصلهم من كفرطاب، وسكنوا حماة بعد استيلاء الفرنج على كفرطاب، وهذا القاضي أبو النمر كتب عنه مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ. فإنني نقلت من خط أسامة من كتابه الموسوم بأزهار الأنهار قال: حدثني القاضي أبو النمر ابن العنزي رحمه الله بحصن شيزر قال: سافرت إلى اليمن فاتصلت ببعض سلاطين اليمن، فأتاه الخبر بعصيان أهل بلد من بلاده، فركب وسار إليه، وأنا صحبته، وهو في خلق كثير على الركاب، وأقسم ليستبيحن دماءهم وأموالهم، فسرنا حتى نزلنا على المدينة، وأمر بالتأهب لقتالهم وهدم المدينة، فرأينا امرأة قد خرجت من المدينة، وجاءت تتخطى الناس حتى وصلت إلى السلطان وأنا عنده فسلمت عليه فرحب بها، وأكرمها وأجلسها، ثم قال لها: ما حاجتك؟ قالت: جئتك أسألك أن تهب لي هذه المدينة وأهلها، فقال: هؤلاء قد أظهروا العصيان والشقاق، وقد أقسمت أن أستبيح دماءهم وأموالهم، فقالت: بل ترجع عن هذا إلى المعتاد من صفحك وكرم عفوك، وتهب لي ذنبهم ودماءهم وأموالهم، فقال ما أفعل ولا أفسد مملكتي وأستدعي عصيان رعيتي بصفحي عن هؤلاء المنافقين، فغضبت، وقامت، وقالت: نسيت حقي وحرمتي واطرحتني، حتى إني أسألك في مدينة من مدائنك لتقضي بها حقي، ولا توجب سؤالي، ثم ولت، فأطرق، ثم قال: ردوها، فلما عادت اعتذر إليها وتلطفها، وقال: قد وهبت لك البلد وأموال أهله ودماءهم، وها أنا راحل، ثم أمر الناس بالرحيل ونفذ من رتب أمر البلد وسار. فسألت عن تلك المرأة، فقيل لي إن هذه امرأة كانت ترضعه، وكان أبوه مالك هذه البلاد فقام عليه أخوه فقتله، وملك البلاد، وهذا إذ ذاك طفل، فتطلبه عمه ليقتله فخبته هذه المرأة بينها وبين ثيابها، وأخفته، وخرجت به من البلد فربته في خمول، واختفى حتى كبر وجار عمه على الرعية، وأساء إليهم، فوثبوا عليه وقتلوه، ونفذوا فأحضروا هذا وملكوه عليهم كما ترى، فهي تذكره بما فعلته في حقه، وهو يرعى لها ذلك الصنع).
ورجع إليه الوطواط في كتابه "مباهج الفكر" أثناء حديثه عن "بقر الخيس" قال: وبأرض مصر بناحية دمياط بقر يسمى بقر الخيس، وهي بقر رقاق طوال الرقاب قرونها كالأهلة، وبينها وبين سواها كما بين الغزال والغنم وفيها نفور ووحشية لا ينتفع بشيء منها غير اللبن وما يكون منه وهي وإن كانت وحشية فإنها مملوكة، ولها رعاة لكنها لا تعلف، ومأواها حيث يكون العشب والماء دائما ولهذا لا توجد إلا في جزائر بحر تنيس، ورعاتها يسمون الإناث منها بأسماء متى دعيت بها إلى الحلب أجابت ... وقال المسعودي: رأيت بالري نوعا من البقر يبرك كما تبرك الإبل وتثور بحملها كما تثور، والغالب عليه حمرة الحدق، وسائر البقر ينفر منه، وحكى ابن منقذ في كتابه أزهار الأنهار عن المدائني أن لها اعرافا كأعراف الخيل، قال ابن منقذ: وأظنها الأبقار التي توجد فيها البراجم وسمعت من يقول أنها أبقار عمالة في بلاد يقال لها خم وتافة وبلجستان وهي ملونة بيض وسود وبلق، والبراجم تكون في رؤوس أذنابها وهي الكبار على كتفها وهي الصغار، وسمعت من يقول: أنها أبقار تخرج من الصين تلد وترضع، وكانت العرب إذا أوردوا البقر فلم تشرب إما للكدر وإما لقلته ضربوا الثور فيقتحم الماء لأن البقر تتبعه كما يتبع الشول الفحل. قال شاعرهم في ذلك: (هجوني إذا هجوت جبال سلمى = كضرب الثور للبقر الظماء)
|