الطريف (المؤلف : وكيع القاضي) كتاب الطريف: أول كتاب ألف في وصف بغداد وخططها وقطائعها ومربعاتها وداراتها ونواحيها، ويقال له النواحي في أخبار البلدان ومسالك الطرق، ويرد اسمه في معظم كتب التراجم بالقاف (الطريق) وسماه الصفدي في الوافي الطريف، وهو الأرجح إذ أن لوكيع القاضي كتابا آخر سماه "الشريف" ذكره ابن النديم في الفهرست في ترجمة وكيع، والمسعودي في مقدمة مروج الذهب أثناء تسميته مؤلفات من سبقه للكتابة في فن التاريخ قال: (والكتاب الشريف تأليف أبي بكر محمد بن خلف وكيع القاضي في التاريخ وغيره من الأخبار)
وكتاب الطريف هو الكتاب الذي ينقل عنه الخطيب البغدادي وصف خطط بغداد وسككها ومربعاتها وقطائعها. ألفه وكيع القاضي وهو لقب أطلق على محمد بن خلف الضبي صاحب كتاب "أخبار القضاة" المنشور في الموسوعة، وكان من شيوخ أبي الفرج الأصفهاني روى عنه في الأغاني أكثر من 140 خبرا، ووفاته عام 306هـ وهو جد والد الشاعر ابن وكيع التنيسي (ت 393هـ) صاحب كتاب (المنصف في بيان سرقات المتنبي) وهو غير القاضي وكيع بن الجراح الرؤاسي الذي عناه الشافعي بقوله:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي = فأرشدني إلى ترك المعاصي
ويرد اسمه خطا في بعض الكتب (محمد بن خلف بن وكيع)
وكان من أصدقاء ابن الجراح صاحب كتاب "الورقة" كما يفهم من قصة أوردها الحافظ ابن حجر في لسان الميزان سيأتي ذكرها، وقد نقل عنه ابن الجراح في كتابه "من اسمه عمرو من الشعراء" مرتين، مرة بقوله: "حدثني محمد بن خلف بن حيان" وأخرى بقوله: "حدثني أبو بكر محمد بن خلف" ويلاحظ هنا أن ابن الجراح توفي سنة 296 قبل وكيع بعشر سنوات.
ويرد اسمه في أسانيد التنوخي صاحب نشوار المحاضرة (... حدثني ابن حيان وهو كيع القاضي...)
وجده حيان، بالحاء المهملة لا شك في ذلك، وأخطأ السمعاني في كتاب الأنساب فجعله "جيان" بالجيم، والظاهر أنه خلط بينه وبين محمد بن خلف بن جيان الخلال الذي ترجم له الخطيب البغدادي عقب ترجمة وكيع قال السمعاني في مادة (الضبي): (وأبو بكر محمد بن خلف بن جيان بالجيم والياء آخر الحروف ابن صدقة بن زياد الضَّبِّي القاضي المعروف بوكيع من أهل بغداد، وكان عالماً فاضلاً عارفاً بالسير وأيام الناس وأخبارهم، وله مصنفات كثيرة، منها "كتاب الطريق" و "كتاب الشريف" و "كتاب عدد آي القرآن والاختلاف فيه" وكتب أخر سوى ذلك، وكان حسن الأخبار حدث عن الزبير بن بكار، وأبي حذافة السهمي، ومحمد بن الوليد البسري، والحسن بن عرفة، وعلي بن موسى الطوسي، والحسن بن محمد الزعفراني، وعلي ومحمد ابني إشكاب، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وخلق من أمثالهم. روى عنه أحمد بن كامل القاضي، وأبو عليّ بن الصواف، وأبو بكر محمد بن عمر بن الجعابي، ومحمد بن المظفر وغيرهم. وقيل: إن أبا بكر بن مجاهد سئل أن يصنف كتاباً في العدد، فقال: قد كفانا ذلك وكيع. ومات في شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثمائة).
ونقول الخطيب البغدادي عنه كثيرة جدا، مرة باسمه محمد بن خلف وكيع، ومرة بلقبه "وكيع القاضي" وهو يلحق لقبه باسمه فيقول "محمد بن خلف وكيع، للتمييز بينه وبين أبي بكر محمد بن خلف ابن المرزبان الذي شاركه في اسمه واسم أبيه وكنيته. وقد شاركه أيضا في كنيته واسمه واسم أبيه أبو بكر محمد بن خلف الحداد الذي ينقل عنه وكيع القاضي نفسه في كتابه "أخبار القضاة" ويلاحظ هنا أن كتاب أخبار القضاة لم يسلم من زيادة الناس عليه فقد ورد فيه ذكر المؤلف نفسه أثناء تسمية من ولي قضاء الأهواز.
ومن النقول عن وكيع ما نقله ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة منصور بن المهدي (ت 236هـ) عم المأمون قال: (وذكر وكيع بن خلف أنه رأى دنانير ضربت لمنصور بن المهدي في سنة إحدى ومئتين عليها كانت زعم مردودة، فلما ضعف منصور عن قبول ما دعي إليه من ذلك عدل بالأمر إلى إبراهيم بن المهدي فبايع الناس له بالخلافة، وسموه المبارك، وخلعوا المأمون).
وهذه ترجمته في الفهرست لابن النديم قال في أخبار الأخباريين: (وكيع القاضي أبو بكر محمد بن خلف بن حيان بن صدقة المعروف بوكيع القاضي وكان مفنناً في جميع الآداب وولي القضاء ببعض النواحي وكان أولاً يكتب لأبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي وله من الكتب كتاب أخبار القضاة وتاريخهم وأحكامهم كتاب الشريف يجري مجرى المعارف لابن قتيبة كتاب الأنواء كتاب العزو وأخبار كتاب المسافر كتاب الطريق ويعرف أيضاً بالنواحي ويحتوي على أخبار البلدان ومسالك الطرق ولم يتمه كتاب التصرف والنقد والسكة كتاب البحث). =وقع خطأ في اسمه وكنيته في المخطوطة ف التي أشار إليها رضا تجدد في نشرته ص 127=
وترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد قال:
(ذكر من اسمه محمد واسم أبيه خلف:
محمد بن خلف بن حيان بن صدقة بن زياد، أبو بكر الضبي القاضي، المعروف بوكيع: كان عالماً فاضلاً عارفاً بالسير وأيام الناس وأخبارهم، وله مصنفات كثيرة منها: كتاب الطريق، وكتاب الشريف وكتاب عدد آي القرآن والاختلاف فيه.
بلغني أن أبا بكر بن مجاهد سئل أن يصنف كتاباً في العدد. فقال: قد كفانا ذاك وكيع.
وكتب آخر سوى ذلك، وكان حسن الأخبار. حدث عن الزبير بن بكار، وأبي حذافة السهمي، ومحمد بن الوليد البشري، والحسن بن عرفة، والعلاء بن سالم، وعلي بن مسلم الطوسي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وعلي بن شعيب، والحسن ابن محمد الزعفراني، ومحمد بن عبد الرحمن الصيرفي، وعلي ومحمد ابني أشكاب، والعباس بن أبي طالب، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وخلق كثير من أمثالهم. وكان يسكن بالجانب الشرقي في درب أم حكيم.
روى عنه: أحمد بن كامل القاضي، وأبو علي بن الصواف، وأبو طالب بن البهلول، ومحمد بن عمر بن الجعابي، وعلي بن محمد بن لؤلؤ، وموسى بن جعفر ابن عرفة السمسار، وأبو جعفر بن المتيم، ومحمد بن المظفر، وغيرهم.
أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: أبو بكر محمد بن خلف بن حيان بن صدقة بن زياد البغدادي المعروف بوكيع القاضي الضبي، كان فاضلاً، نبيلاً، فصيحاً، من أهل القرآن والفقه والنحو، وله تصانيف كثيرة في أخبار القضاة، وفي عدد آي القرآن، وكتاب الشريف، والرمي والنضال، والمكاييل والموازين وغير ذلك.
أخبرنا محمد بن علي بن مخلد الوراق، أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران، قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن علي كاتب صافي قال: أنشدنا وكيع محمد بن خلف لنفسه:
إذا ما غدت طلابة العلم تبتغي = من العلم يوماً ما يخلد في الكتب)(عدوت بتشمير وجد عليهم = ومحبرتي أذني ودفترها قلبي)..
أخبرنا محمد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع، قال: أبو بكر المعروف بوكيع حمل أقل الناس عنه نزراً من الحديث وشيئاً من تصانيفه للين شهر به.
قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل قال: مات محمد بن خلف ابن حيان بن صدقة أبو بكر وكيع في يوم الأحد لست بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلثمائة. وكان يتقلد على كور الأهواز كلها)
وترجم الخطيب البغدادي لوالده خلف بن حيان قال:
(خلف بن حيان بن صدقة والد وكيع القاضي: ذكر أحمد بن كامل أنه كان أحد الموصوفين بالشطارة وحدث عن يزيد بن هارون روى عنه ابنه محمد المعروف بوكيع) .
وترجم له القفطي في (المحمدون من الشعراء) قال:
محمد بن خَلَف بن حيان بن صدقة بن زياد، أبو بكر الضبيّ المعروف بوكيع، كان عالماً، فاضلاً، عارفاً بالسِّيَر وأيام الناس وأخبارهم. وله مصنفات كثيرة منها: كتاب "الطريق"، وكتاب "الشريف"، وكتاب "عدد آي القرآن والاختلاف فيه".
وسئل أبو بكر ابن مجاهد- رحمه الله- أن يصنّف كتاباً في العدد فقال: قد كفانا ذاك وكيع؟ وكُتُب أُخر سوى ذلك.
وكان حسن الأخبار، وروى عن جماعة كثيرة من مشايخ العلم؛ وكان يسكن ببغداد في الجانب الشرقي في درب أمّ حكيم. روى عنه أحمد بن كامل القاضي وطبقته، وكان من أهل القرآن والفقه والنحو؛ وله تصنيف في "أخبار القضاة"، وله كتاب في "الرْمى والنضال" وكتاب في "المكاييل والموازين".
وكان له شعر جيد أميَزُ من شعر العلماء. كتب إليّ عمر بن محمد بن طبرزد الدَّارقزِّيّ، أنبأنا ابن خيرون عن أحمد بن علي ابن مهدي، أخبرنا محمد بن علي بن مخلد الورّاق، أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن علي كاتب صافي قال: أنشدنا وكيع ابن خلف لنفسه:
إذا ما غدت طَلاَّبة العِلم تبتغي من العلم يوماً يُخلّد في الكتب
غدوت بتشمير وجدٍّ عليهم ومحبَرتي أذني، ودفترها قلبي
أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا ابن خيرون، أخبرنا أحمد بن علي: قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل قال: مات محمد بن خلف بن حيان ابن صدقة، أبو بكر وكيع، في يوم الأحد لستٍّ بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثمائة، وكان يتقلّد القضاء على كور الأهواز كلها.
وترجم له الذهبي في النبلاء قال:
(وكيع الإمام المحدث الأخباري القاضي أبو بكر محمد بن خلف بن حيان بن صدقة الضبي البغدادي الملقب بوكيع صاحب التآليف المفيدة.
حدث عن: أبي حذافة السهمي والزبير بن بكار والحسن بن عرفة وطبقتهم فأكثر.
حدث عنه: أبو علي بن الصواب ومحمد بن عمر الجعابي ومحمد بن المظفر وأبو الفرج صاحب الأغاني وأبو جعفر بن المتيم وآخرون. قال أبو الحسين بن المنادي: أقلوا عنه للين شهر به.
وقال الدراقطني: كان نبيلاً فصيحاً فاضلاً من أهل القرآن والفقه والنحو له تصانيف كثيرة.
قلت ولي قضاء كور الأهواز كلها وتوفي في ربيع الأول سنة ست وثلاث مئة).
ومن طرائف أخباره ما حكاه التنوخي في "نشوار المحاضرة" قال: (حدثني أبو القاسم الجهني قال: جرى بيني وبين محمد بن خلف، القاضي وكيع، ملاحاة في شيء، بحضرة أبي الحسن بن الفرات، فولدت بيننا عداوة، فبحثت عن عيوبه. فبلغني أن له أباً ساقطاً في أصحاب الصناديق بباب الطاق، فركبت حتى جئت إليه، فرأيته يعمل الصناديق بيده، وفاتشته، فإذا هو أسقط رجل، وأجهله. وانصرفت فكاتبت جماعة من وجوه الشهود بالجانبين، وأشرافهم من البطنين، وأكابر التجار والكتاب والتناء، وواعدتهم بحضور مسجد هناك كبير، فحضر خلق كثير. وركبت ، فحين حصلت هناك، قلت: علي بخلف الصناديقي، فجاءوا بالشيخ كما أقيم من العمل، وآلته معه، ويده ملوثة، كما كنت وصيتهم.
فقلت لهم: أعزكم الله، إني كنت سألتكم الحضور لأخاطب هذا الشيخ بحضرتكم بشيء آخذ خطوطكم به، فاحفظوا ما يجري. ثم قلت: يا شيخ، من أنت؟
قال: أنا خلف بن فلان.
قلت: وكيع قاضي، من هو منك؟
قال: ابني.
فقلت لمن حضر من شيوخ المحلة: هو كما قال؟
فقالوا: نعم.
قلت: أنت بهذه الصورة مع اتساع حال ابنك؟
قال: لأنه عاق بي، فعل الله به وصنع، ودعا عليه.
فقلت له: يا شيخ، تحفظ القرآن؟
قال: أحفظ منه ما أصلي به.
فقلت: تحسن شيئاً من القراءات؟
قال: لا.
قلت: وكتب الحديث قط؟
قال: لا.
قلت: رويت من الأخبار، والآثار، والآداب، والأشعار شيئاً؟
قال: لا.
فلم أزل أعدد عليه العلوم وأصنافها، وهو يقول لا، لا.
قلت: فتحسن شيئاً من النحو أو العروض أو المنطق؟
قال: لا.
فقلت: أعزكم الله، إن وكيعاً رجل كذاب، متعاط العلم والأدب، ولم آمنه في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكذب في العلوم، وأن يجعل ذلك طريقاً متى مات هذا الشيخ، فيقول: حدثني أبي، وأخبرني أبي، ويضع على لسانه كل كذب. فأردت أن تحفظوا على هذا الشيخ ما ذكره من أنه ليس من هذا الأمر، ولا إليه، حتى لا يمكنه ادعاء ذلك عليه بعد موته، وأن تعرفوا أيضاً فسقه بعقوقه والده، وسقوط مروءته، بتركه أباه على هذه الحال.
قال: فما فارقتهم حتى أخذت خطوطهم بما جرى، على أشنع شرح قدرت عليه، وأجابوا هم إليه. وصرت بالمحضر معي إلى مجلس الوزير، وتركته في خفي، وأجريت الحديث مع وكيع، إلى أن شاغبته في الكلام، وقلت: لا تسكت يا ابن الصناديقي الجاهل، فامتعض. وأخرجت المحضر، وعرضته على الوزير، وسألته أن ينفذ ويستدعي أباه ويشاهده. فضحك الوزير، وسقط وكيع من عينه وقامت قيامته من يدي).
ومن طرائف أخباره أيضا ما حكاه التنوخي في نشوار المحاضرة قال: (حدثني أبو الحسين، قال: حدثني أبي، قال: حدثني وكيع القاضي. قال أبو الحسين: وقد رأيت محمد بن خلف، وكيع، وكتبت عنه أشياء كثيرة، ليس هذا منها.
قال: كنت أتقلد لأبي خازم، وقوفاً في أيام المعتضد، منها وقوف الحسن بن سهل.
فلما استكثر المعتضد من عمارة القصر المعروف بالحسني، أدخل إليه، بعض وقوف للحسن بن سهل، كانت في يدي، ومجاورة للقصر.
وبلغت السنة آخرها، وقد جبيت مالها، إلا ما أخذه المعتضد.
فجئت إلى أبي خازم، فعرفته اجتماع مال السنة، واستأذنته في قسمته في سبله، وعلى أهل الوقف.
فقال لي: فهل جبيت ما على أمير المؤمنين؟
فقلت: ومن يجسر على مطالبة الخليفة؟
فقال: والله، لا قسمت الارتفاع، أو تأخذ ما عليه، ووالله، لئن لم يزح العلة، لا وليت له عملاً.
ثم قال: امض إليه الساعة، وطالبه.
فقلت: من يوصلني إليه؟
فقال لي: امض إلى صافي الحرمي، وقل إنك رسولي أنفذت في مهم، فإذا وصلت فعرفه ما قلت لك. فجئت فقلت لصافي ذلك، فأوصلني، وكان آخر النهار. فلما مثلت بين يدي الخليفة ظن أن أمراً عظيماً قد حدث وقال: هيه! قل، كأنه متشوف، فقلت له: إني ألي لعبد الحميد قاضي أمير المؤمنين وقوف الحسن بن سهل، وفيها ما قد أدخله أمير المؤمنين إلى قصره، ولما جئت بمال هذه السنة امتنع من تفرقته إلى أن أجبي ما على أمير المؤمنين، وقد أنفذني الساعة قاصداً بهذا السبب، وأمرني أن أقول: إني حضرت في مهم، لأصل. فسكت ساعة مفكراً ثم قال: أصاب عبد الحميد، يا صافي، هات الصندوق. قال: فأحضره صندوقاً لطيفاً، فقال: كم يجب لك؟ فقلت: الذي جبيت عام أول من ارتفاع هذا العقار: أربع مئة دينار. قال: كيف حذقك بالنقد والوزن؟ قلت: أعرفهما، قال: هاتوا ميزاناً، فجاؤوا بميزان حراني حسن عليه حلية ذهب، فأخرج من الصندوق دنانير عيناً، فوزن لي منها أربع مئة دينار، فقبضتها وانصرفت إلى أبي خازم بالخبر، فقال: أضفها إلى ما اجتمع للوقف عندك، وفرقه في غدٍ في سبيله، ولا تؤخر ذلك، ففعلت. فكثر شكر الناس لأبي خازم بهذا السبب وإقدامه على الخليفة بمثل ذلك، وشكرهم للمعتضد في إنصافه.
ومن نوادر أخباره قصة جرت أحداثها قبل وفاته بثلاث سنوات أيام الخليفة المقتدر في وزارة علي بن عيسى يوم 15 رجب سنة 303هـ انظر القصة بطولها في "نشوار المحاضرة" وأولها: (الوزير علي بن عيسى يرفع التكملة ويضع الخراج على الشجر) والتكملة قانون في منتهى القسوة والطغيان، وينص على أن القرية المضروب عليها الخراج لو هاجر منها جماعة من أهلها فعلى أهل القرية أن تخرج الخراج كاملا عن الجماعة المهاجرة. وقد طبق أبو الحسن ابن الفرات هذا القانون على بلاد فارس لما فتحها عام (298هـ)
وفي الحاوي للفتاوي للسيطي:
(وقال السهيلي في الروض الأنف في الحديث المروي لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مؤمنين. قلت وقفت عليه مسندا فأخرجه أبو بكر محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع في كتاب الغرر من الأخبار قال حدثنا إسحاق بن داود بن عيسى المروزي ...إلخ)
أما ما ورد في (غاية النهاية) في ترجمة تلميذه أحمد بن كامل، وانه يعرف بوكيع فالظاهر أنه من أوهام النساخ.
ومن أخباره في كتاب "لسان الميزان" في ترجمة الكذاب المارق رأس الإسحاقية النصيرية إسحاق بن محمد النخعي الأحمر صاحب كتاب "الصراط" ما نقله الحافظ ابن حجر عن كتاب أخبار المعتضد، قال:
(وقال عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر في كتاب أخبار المعتضد حدثني أبو الحسن أحمد بن يحيى بن علي بن يحيى حدثني أبو بكر محمد بن خلف المعروف بوكيع قال كنت أنا ومحمد بن داود بن الجراح نسير إلى إسحاق بن محمد النخعي بباب الكوفة نكتب عنه وكان شديد التشيع فكنا في يوم من الأيام عنده إذ دخل عليه رجل لا نعرفه فنهض إليه النخعي وسلم عليه وأقعده مكانه واحتفل به غاية الاحتفال واشتغل عنا فلم يزل معه كذلك مدة ثم تسارا إسراراً طويلاً ثم خرج الرجل من عنده فأقبل علينا النخعي لما خرج فقال أتعرفان هذا قلنا لا قال هذا رجل من أهل الكوفة يعرف بابن أبي الفوارس وله مذهب في التشيع وهو رئيس فيه وله تبع كثير وإنه أخبرني الساعة أنه يخرج بنواحي الكوفة وأنه سيؤسر ويحمل فيدخل بغداد على جمل وأنه يقتل في الحبس قال وكيع وكان هذا الخبر في سنة سبعين ومائتين فلما كان الوقت الذي أسر فيه ابن أبي الفوارس وجيء يدخل إلى بغداد وصفته لبعض أصحابنا فذهب حين أدخل فعرفه بالصفة نفسها وذلك في سنة سبع وثمانين)
|