الرياش المصطنعي (المؤلف : أبو العلاء المعري) الرياش المصطنعي كتاب في شرح مواضع من الحماسة الرياشية، وهو من نوادر مؤلفات أبي العلاء المعري الضائعة ألفه للأمير مصطنع الدولة، أبي غالب كليب بن علي، وكان قد أرسل إلى أبي العلاء نسخة من الحماسة الرياشية، وسأله أن يخرج على حواشيها شيئاً لم يذكره أبو رياش، مما يحتاج إلى تفسيره، فخشي أن تضيق الحواشي عن ذلك، فصنع هذا الكتاب، وجمع فيه ما سنح مما لم يفسره أبو رياش، ويقع في أربعين كراسة.
وقد ترجم ياقوت لأبي الرياش في معجم الأدباء قال:
أحمد بن إبراهيم أبو رياش وجدت بخط الحميدي، فيما رواه عن التنوخي في كتاب نشوار المحاضرة قال: هو أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي، ووجدت بخط بعض أدباء مصر قال: أبو رياش، أحمد بن إبراهيم الشيباني، ولعل أبا هاشم كنية إبراهيم، مات فيما ذكره أبو غالب همام بن الفضل بن مهذب المغربي في تاريخه في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة.
قال أبو علي المحسن بن علي التنوخي: ومن رواة الأدب الذين شاهدناهم أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي، وكان يقال: إنه يحفظ خمسة آلاف ورقة لغة، وعشرين ألف بيت شعر، إلا أن أبا محمد المافروخي أبر عليه، لأنهما اجتمعا أول ما تشاهدا بالبصرة، فتذاكرا أشعار الجاهلية، وكان أبو محمد يذكر القصيدة فيأتي أبو رياش على عيونها، فيقول أبو محمد لا، إلا أن تهذها من أولها إلى آخرها، فينشد معه ويتناشدا إلى آخرها، ثم أتى أبو محمد بعده بقصائد لم يتمكن أبو رياش أن يأتي بها إلى آخرها، وفعل ذلك في أكثر من مائة قصيدة. حدثني بذلك من حضر ذلك المجلس معهما.
وحكى أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري، في كتابه المعروف بالرياش المصطنعي: أن أبا رياش كان طويل الشخص، جهير الصوت، يتكلم بكلام البادية، ويظهر أنه على مذهب الزيدية، ويتزوج كثيراً ويطلق، وكان يقول: ولدت بالبادية، ولعبت بالحضرمة، وتأدبت بالبصرة، والحضرمة بستان في ناحية اليمامة، له خاصية في عظم البصل، والريش والرياش حسن الهيئة والشارة.
ويلاحظ هنا أن أبا الرياش هذا غير الإمام الرياشي الذي تكثر الرواية عنه في كتب الأدب واللغة فهذا أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي قال الذهبي في ترجمته:
العباس بن الفرج أبو الفضل الرياشي البصري النحوي، صاحب العربية. أخذ عن: الأصمعي، وأبي عبيد المثنى، وأبي داود الطيالسي، وعبد الله بن بكر السهمي، وأبي عاصم النبيل، وطائفة.
وعنه: إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، ومحمد بن يزيد المبرد، وابن دريد، ومحمد بن أبي الأزهر، وأبو خليفة الجمحي، وأبو عروبة الحراني، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وخلق آخرهم أبو روق الهزاني.
وكان من الأدب واللغة بمحل عال. كان يحفظ كتب أبي زيد الأنصاري وكتب الأصمعي كلها.
وقد قرأ كتاب سيبويه على أبي عثمان المازني، فكان المازني يقول: قرأ علي الرياشي الكتاب وهو أعلم به مني.
وذكر الخطيب في ترجمته بعد أن وثقه أن الزنج قتلته بالبصرة سنة سبع فيمن قتلوا، وكان قائماً يصلي الضحى في مسجده، رحمه الله، فلم يدفن إلا بعد زمن.
وفي يتيمة الدهر للثعالبي فصل مطول من سيرته أورده في ترجمة ابن لنكك قال: (واتفق في أيامه هبوب الريح للمتنبي، وعلو رتبته، وبعد صيته، وارتفاع مقدار أبي رياش اليمامي، وسمو نجمه،ونفاق سوقه، وفوزهما بالمراتب والحظوظ دونه وسعادتهما من الأدب بما شقي به، وحصل أبو الحسن على ثلبهما، والتشفي بذمهما،والقعود تحت المثل السائر "أوسعتهم ذما وأودوا بالإبل"
قال: وكان أبو رياش باقعة في حفظ أيام العرب وأنسابها وأشعارها، غاية بل آية في هذ دواوينها وسرد أخبارها، مع فصاحة وبيان، وإعراب وإتقان، ولكنه كان عديم المروءة، وسخ اللبسة، كثير التقشف، قليل التنظف. وفيه يقول أبو عثمان الخالدي:
#كأنّما قمل أبي رياش= ما بين صئبان قفاه الفاشي
#وذا وذا قد لجّ في انتفاش= شهدانج بدد في حشحاش
وكان مع ذلك شرهاً على الطعام، رجيم شيطان المعدة، حوتي الالتقام، وثعباني الالتهام، سيئ في المواكلة، دعاه أبو يوسف اليزيدي والي البصرة إلى القصعة، فكان بعد ذلك إذا حضر مائدته أمر أن يهيأ له طبق يأكل عليه وحده.
ودعاه يوماً الوزير المهلبي إلى طعامه، فبينا هو يأكل معه إذ امتخط في منديل الغمر، وبزق فيه، ثم أخذ زيتونة من قصعة فغمزها بعنف حتى طفرت نواتها فأصابت عين الوزير، فتعجب من سوء شرهه، واحتمله لفرط أدبه.
وفي شره أبي رياش يقول ابن لنكك ما هو في نهاية الملاحة وحسن التعريض:
#يطير إلى الطعام أبو رياش= مبادرةً ولو واراه قبرُ
#أصابعه من الحلواء صفرٌ = ولكنّ الأخادع منه حمرُ
أنشدني أبو عبد الله محمد بن حامد الخوارزمي. قال: أنشدني الصاحب لابن لنكك في أبي الرياش وكان يطعن على أبي نواس وأبي تمام:
يقول:
#ابن هاني أفسد الشعر ضلّةً = وشعر أبي تمّامكم هو أضيع
#أبا الريش، يا صفعان، صفعك واجب = ولكن مضى من كان في الله يصفع
وقال أيضاً:
وقال فيه وقد ولي عملاً بالبصرة:
#قل للوضيع أبي رياش لا تبل = ته كل تيهك بالولاية والعمل
#ما ازددت حين وليت إلا خسة = كالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسل
وأورد الثعالبي غير ذلك من أهاجي ابن لنكك للرياشي عزفنا عن ذكرها لما فيها من الفحش
|