استكشاف السر المقصود من كتب الشيخ السبكي محمود (المؤلف : مصطفى أبو سيف الحمّامي) استكشاف السر المقصود من كتب الشيخ السبكي محمود
الشيخ محمود خطاب السبكي من كبار شيوخ الإسلام في العصر الحديث، له أتباع ومريدون ومساجد ومنتديات في مختلف انحاء مصر، ولد بقرية سبك الأحد، محافظة المنوفية عام 1858م ووفاته عام 1933م والكتاب في التحذير من أفكاره، وكان مؤلف الكتاب قد تتلمذ له مدة، وهو الشيخ مصطفى أبو سيف الحمّامي، من كبار تلامذة شيخ الإسلام مصطفى صبري، وقد قدم له بعض كتبه، وكان خطيبا مفوها شاعرا رقيقا، له ترجمة في (معجم البابطين للشعراء) وفي الأعلام للزركلي، ووفاته عام 1368هـ 1949م وقد خمل ذكره بسبب كلامه المستهجن في شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (غوث العباد ببيان الرشاد)
وقد طبع كتابه (استكشاف السر المقصود من كتب الشيخ السبكي محمود) بمطبعة الواعظ بالقاهرة (غرة سنة 1336هـ اكتوبر 1917) وقد استوقفني فيه فصل في غاية الأهمية يتعلق بالأحاديث التي تحذر من احترام صاحب البدعة أو السلام عليه وثواب من ينتهر صاحب البدعة والجريمة التي يرتكبها من يلاقيه بالبشر قال: (ص30) رأيت سيدي يذكر في ذم البدع والتنفير منها ومن اهلها أحاديث كثيرة، بعضها لا تساعده الأحاديث الصحيحة ولا أصول الإسلام فراجعت بعض ذلك البعض في كتب الموضوعات فرأيته موضوعا مكذوبا على رسول الله (ًص) من تلك الأحاديث ما يصدر به كتبه سيدي وهو حديث: (من أعرض عن صاحب بدعة بغضا له في الله ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا، ومن انتهر صاحب بدعة آمنه الله يوم الفزع الأكبر ومن أهان صاحب بدعة رفعه الله تعالى في الجنة مائة درجة ومن سلم على صاحب بدعة أو استقبله بالبشر أو استقبله بما يسره فقد استخف بما انزل على محمد (ص):
من هذا الحديث المكذوب نشأ التقاطع بين أتباع الأستاذ وبين الأمة، فإن كل واحد من أولئك المريدين البسطاء يحب أن يكون في أرقى درجات الكمال في الإسلام، وحيث رأوا رسول الله (ص) وعد من يعرض عن صاحب البدعة بغضا له في الله أن يملأ الله قلبه أمنا وإيمانا. وبشر من انتهر صاحب البدعة بالأمان يوم الفزع الأكبر. ووعد من أهان صاحب البدعة بمائة درجة في الجنة يرتفعها على سواه، ورمى بالاستخفاف بدينه من سلم على صاحب البدعة أو استقبله بالبشر أو بما يسره. فمن ذا الذي لا يعرض عن جميع الناس ويبغضهم حتى يمتلئ قلبه أمنا وامانا وأي امرئ يصبر على انتهار المبتدعين إذا كان الأمان يوم الفزع الأكبر جزاءه، ومن يتأخر عن إهانة المبتدعين بكل ما في وسعه إذا كان يعتقد أنه بذلك يرتفع مائة درجة في الجنة، ومن ذا الذي يستطيع أن يحرك لسانه بالسلام على مبتدع أو يقابله بالبشر أو بما يسره وهو يعلم أنه إن فعل ذلك فقد استخف بالإسلام، ومن استخف بالإسلام كفر. فهو واجب عليه ألا يسلم ولا يبش في وجه الناس لئلا يقع في ورطة الكفر الذي يحبط عمله ويخلده في جهنم. يا سيدي الأستاذ الأمة ثلاثة وسبعون فرقة، كل فرقة منها تعتقد أن من سواها مبتدع، فإذا عملت بذلك الحديث المكذوب كل هذه الفرق قل لي بربك كيف تكون حال الأمة الإسلامية، إنها والله إذا طاوعته يا سيدي لتصبحن وقد ودعت الصفاء والعز والتقوى إلى غير تلاق. نعم تصبح كل طائفة تتربص لسواها لتثب عليها الوثبة التي تتقرب بها إلى الله تعالى فيكون الكل في النار.
سيدي: قل لي أليس مطلوبا منا أن نناظر المبتدعين ونبين لهم شؤم بدعتهم وخطاهم في عملهم واعتقادهم قياما بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا أعرضنا عن أصحاب البدع وأبغضناهم وانتهرناهم وأهناهم ولم نسلم عليهم ولم نلقهم إلا بكل عبوسة: كيف نستطيع الاجتماع بهم والجلوس معهم ومناظرتهم حتى نزحزحهم عما هم عليه.
سيدي: إذا نحن فعلنا بهم كل ما تطلبه منا بذلك الحديث أليس يحصل بذلك تفرق في الكلمة وتباعد في الأجسام وحزازات وتحاقد في القلوب وعزمات من الفريقين على الإيذاء والنكاية، وإذا وصلت الأمة إلى هذه الحالة السيئة قل لي بربك أيصلون أيصومون أيحجون أيزكون، ايتفرغون لأي نوع من انواع العبادة (لا لا) بل ربما يكفرون بالله العظيم، وكثيرا كفر الغضب اهله.
لتعلم يا سيدي أن اتحاد الكلمة أصل جميع الخيرات كما أن انقسام الناس وتقاطعهم أصل كل الشرور، ومن تسبب في انشقاق العصا وتفرق الكلمة فقد تسبب في أكبر معصية يعصى بها الله تعالى بعد الكفر: فهل يا سيدي تريد أن تلصق كل هذه الشرور برسول الله (ص) وتوقع كل هذا الفساد باسمه
|