نزهة الألباب في تاريخ مصر وشعراء العصر ومراسلات الأحباب (المؤلف : محمد حسني العامري) من نوادر كتب التراجم المعاصرة ألفه المرحوم محمد حسني العامري ( ( 1291 – 1374 هـ) ( 1874 - 1954 م) كاتب جوازات (باسبورتات) السويس).
و نشره وهو في الثالثة والعشرين من عمره (مطبعة الهلال بالفجالة عام 1314هـ) وفي مقدمة الكتاب أنه ابن الشريف الشيخ حسن خضر شريف العامري الحسيني، وذكر في المقدمة أنه افتتح الكتاب بذكر رسائل تاريخية بعث بها إلى صديق له اسمه (فاضل) تضمنت تاريخ مصر منذ الطوفان، وتوجها كما يقول بقصيدة نابغة العصر أحمد شوقي (وهي الرسالة التاسعة في الكتاب ص73 والقصيدة ألقاها شوقي في المؤتمر المشرقي الدولي الذي عقد في جنيف في سبتمر 1894م وهي 264 بيتا، وقد افتتحها بوصف ركوبه الباخرة التي أقلته إلى جنيف، فقال:
هَمَّتِ الفُلكُ وَاِحتَواها الماءُ وَحَداها بِمَن تُقِلُّ الرَجاءُ
ثم أتبعت ذلك بذكر أجناس الحجاج الذين يمرون على السويس وشرحت صفاتهم وكمياتهم وأثبت بعض لغاتهم الغريبة، (وتجد هذا الفصل ص89) وفيها كلامه عن حجاج الكويت ومحبته لهم (ص 101) وحجاج بلاد الكيب (الكيف) أو (أفريقيا الجنوبية) (ص 102) وأهل شنقيط وفصاحتهم وارتجالهم الشعر (ص 107) وأهل ودّاي ص 108 (وهي برور لا بحار فيها) ويهود صنعاء (ص 111) وفي (ص 116- 118) نبذة مهمة عن الشعر الحميني بعث بها إليه صديق له من علماء جدة (أصله من عنيزة) واسمه مبارك بن مساعد البسام النجدي
قال: وبعد ذلك دونت سجايا العرب وحالة الشعر ببلاده والأدب، وطرزت هذا بأشعار العرب الحالية التي يدعونها (حمينية) وهي تتركب من لغتهم العامة، ويضمنونها الحكم والمواعظ وأخبار الوقائع والعوايد (انظر أمثلة من هذا الشعر ص 119 وما بعدها) وحديثه عنه (ص128) وقد شرع في الفصل الثاني ص 126 بذكر شعراء العصر، وذكر أنه أعلن عن ذلك قبل تأليف الكتاب في مجلة الهلال بعددها السابع من السنة الثالثة الصادر 1/ديسمبر/ 1884م
ويجب الاعتراف بأن المؤلف لم يكن موفقا في إنجاز كتابه ولا في ترتيبه ولا في اختياره للشعر، باستثناء الشعر الحميني الذي اختاره له صديقه مبارك بن مساعد البسام النجدي، وبالرغم من ذلك فقد ضم تراجم نادرة وأخبارا طريفة ومعلومات في غاية الأهمية عن قبائل العرب، وهو يفتتح حديثه عن العرب بذكر الكويت ولم يكن قد سمع باسم الكويت قبل أن يلتقي موكب الحاج الكويتي عام 1312هـ ويفسر سبب مجيء أهل الكويت للحج عن طريق السويس
وأكتفي بنسجيل المؤاخذات التالية على الكتاب:
-1- الكتاب مشروع لم يكتمل وأهمل فيه عشرات البلدان العربية في عصره، وطائفة من كبارشعراء مصر من أمثال حافظ إبراهيم
-2- لم يرجع إلى مصادر مطبوعة إلا في النادر واكتفى في معلوماته بمقابلاته التي أجراها مع الحجاج في مكتبه في السويس، ومراسلاته التي وصلته جوابا على مشروعه في مجلة الهلال، ونرى أنه أكثر من ذكر شعراء حلب في القسم المتعلق بشعراء الشام بسبب أوراق في تراجم شعراء حلب بعث بها إليه الفاضل ميخائيل أفندي فتح الله الحمصي
- 3- وهو من فينة إلى أخرى يعلن سخطه على الوقت الذي كان سببا في إهمال لقائه بشاعر أو بحثه عن ديوان فيكتفي في مرات كثيرة بذكر اسم الشاعر فقط. ولا يستبعد أن يكون هذا السبب هو الذي منعه من تبييض قصيدة عبد الفتاح الطرابيشي (1277 - 1330 هـ) (1860 - 1912 م) حيث يقول في ترجمته : وله قصيدة تزيد عن الخمسين بيتا هي في بابها أحسن ما قيل في عصرها، تركتها رغم الإرادة ساخطا على الحال التي منعتني عن إثباتها كلها، وأحسن عزاء لي التمثل بقوله منها
أخلاي قد جار الزمان وأهله = علي ولي لم يبق خل مهذب
- 4- تركيزه فيما يختاره من الشعر على مدائح الخديو عباس حلمي الذي رفع الكتاب إلى سموه، ولعل هذا كان في مقدمة الأسباب التي دعت إلى كساد الكتاب وخمول مؤلفه.
وانفرد فيه بذكر قصائد لشوقي لا وجود لها في كل الأعمال المعتنية بشعر شوقي زختم ترجمته بقوله وقد نال صاحب الترجمة صوتا من اقتراح الهلال = يشير هنا إلى ما أعلنه جرجي زيدان من مسابقة للشعراء في الهلال وقد ذكرها المؤلف في مقدمة كلامه عن الشعراء= إلا أنه والحق يقال كوكب شعراء العصر ولست أبالغ إذا قلت إن شعره إلهام إلهي ولولا مراعاة ماليتي (ولم أقل نزهتي لأن نغمه هو نزهة الألباب) لاستمريت أكتب من شعره حتى يشهد الطرس لدى تاريخ العصر أن حضرة المترجم له جدير بما وصفناه به حفظه الله.
زمن فوائده ترجمة مطولة (ص137) للشيخ سالم بن أحمد بن محسن بن أبي بكر العطاس مفتي مملكة جهور (1) الكائنة شمالي استراليا، وموطنه الأصلي حضرموت قال (فقد كنت في حضرته يوما ودخل علينا كل من الأماجد الشريف شرف وشقيقه الشريف محمد، نجلي الشريف عبد المحسن، من أشراف مكة المكرمة، قدما للسويس في ذلك اليوم من جهة الهند، وبعد السلام والتحية جلسنا جميعا حول أستاذنا ودار الحديث بينه وبيننا عن الممالك وأحوالها والأمم وأميالها، منها الملازمة لجانب الحيادة، ومنها الطامعة في الزيادة مع ادعاء السيادة، فلما اتسع مجال المقال وحمي وطيس الجدال، اعتدل الأستاذ من فراشه وصار يشرح ما يناسب الموضوع من الآيات المقدسة القرآنية، والأحاديث الشريفة النبوية، ومنها تدرح إلى ذكر الخلافات الإسلامية، وما جرى عند قيام الدولة الأموية من سفك الدماء الطاهرة بين كربلاء والسامرة، =ربما يريد سامراء= حتى لم يبق من أهل بيت النبوة غير النساء والأطفال، ثم بكى وقال: ونحن الحاضرون أبناؤهم فلنبك على ما أصابهم ..... واستمر الأستاذ يذكر الدول الإسلامية واحدة بعد الأخرى حتى وصل إلى وقتنا الحاضر، فتنفس الصعداء وقال: أما وقتنا الحاضر الذي يدعونه أهله بعصر الحرية والعدالة والمدنية فهو والحق يقال وقت القوة، أعني بها قوة المال الذي هو الآن العلم المفيد والرأي السديد والسيف الحديد، إن جار في حكمه وصف بالعدل، وإن تدنّأ فعينُ الفضل.)
ومن فوائده (ص142) ترجمة صديقه الشيخ مبارك بن مساعد البسام النجدي، فذكر الخدمات التي أسداها له في تأليف هذا الكتاب، ثم ساق ترجمته وفيها أنه ولد في بلدة عنيزة عام 1258هـ ثم ذكر سياحته في بلاد الشام ودخوله حلب ومعرة النعمان وديار بكر والرها وأعالي جزيرة ابن عمر وعبر الدجلة بعد دخوله الموصل إلى السامرة ودخل بغداد مما يلي بلاد العجم ومما يلي بلاد العرب ... ودخل بلد سيدنا الزبير ومنها إلى الكويت ورأى بالبلدتين المذكورتين من أخيار العرب ثم عاد إلى وطنه عام 1276م ... إلخ وانظر في مجالس الوراق موضوعا مطولا كتبته عن الكتاب
|