وصية المؤيد بالله الزيدي (المؤلف : المؤيد بالله الزيدي) كتاب (وصية المؤيد بالله الزيدي) من نوادر الكتب، لا أعلم له نظيرا، في موضوعه، وهو مذكرة يومية كان يكتب فيها الإمام المؤيد ما له وما عليه من حقوق الناس، سواء المادية أو المعنوية، فيوصي باسترضاء من تأذى من حكم أصدره، أو حبس حكم به، أو هدية توقع مهديها منه عطاء عليها، أو كلمة بدرت منه في حق رجل ولم يستسمحه عليها، وما إلى ذلك من وقائع وأحداث اجتمعت فكانت كتابا حلوا طريفا، وسجلا حضاريا فريدا من نوعه لأجواء واحد من أهم قصور اليمن في التاريخ، أما صاحب الوصية فهو الإمام الزيدي المؤيد بالله محمد بن المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم بن محمد، مولده عام 1044هـ ووفاته عام ليلة الجمعة 13/ جمادى الآخرة / 1097هـ وكان أبوه المتوكل على الله قد بويع بالإمامة سنة (1054) فعاش المؤيد في بحبوحة الإمارة والملك، وانتدبه أبوه لقمع ثورة ابن عفيف سنة 1065 وهو في الحادية والعشرين من عمره، ثم جعله على رأس جيش لمواجهة علي الهيثمي سنة 1070 وولاه الحكم في صنعاء سنة 1078 وضم إليه الحيمة ونهم وخولان وحراز وسنحان وثلا وبعضا من بلاد همدان، وتوفي المتوكل سنة 1087 فبويع لاين عمه المهدي أحمد بن الحسن، فأقره على ولايته في صنعاء، ولما توفي المهدي سنة 1092 بويع المؤيد بالإمامة، ولكن اجتمع عليه رؤساء البلاد اواقتسموا الإمارة فيما بينهم ولم يتركوا له سوى الاسم والخطبة. قال أبو طالب في كتابه "طيب أهل الكساء" : (كان أزهد الناس وأورعهم وأبعدهم عن الرغبة في الحطام العاجل، آية الزمان في العلم والورع والزهادة، أبعد الناس عن الافتتان بمجلس الشوهاء، فمازال يتطلب لنفسه المخلصات منها من حين دعى وازور بجانبه عنها وصاعر خده، وكان نشأ النشأة الطاهرة وعمل لنفسه قبل أن يلي الخلافة وبعدها للآخرة، فهو كابن عبد العزيز في آل القاسم).
وقال محمد بن علي العمراني (ت 1264هـ) في كتابه (إتحاف النبيه): (وكان يتفقد ما له وما عليه فيتأمل وصيته وما اشتملت عليه، ويتدارك ميله، فكانت وصيته بسبب هذا في مجلدات واحتوت على ما يكون تبصرة لأهل الثبات)
وقد نشر شيخنا عبد الله الحبشي قطعة من هذه الوصية بعنوان (مذكرات المؤيد بالله محمد بن إسماعيل: أول مذكرات شخصية لأحد الساسة في التراث الإسلامي: بيروت: المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1411هـ 1991م عدد الصفحات 302) قال شيخنا الحبشي : (وكان يضع في جيبه مذكرة يومية يكتب فيها ما له وما عليه حتى لا يقع في الشبه والمظالم التي تتعلق بحقوق الناس فكانت هذه المذكرات التي أطلقنا عليها هذا الاسم..... وهي عبارة عن أجزاء كثيرة كان يكتبها المؤيد ويحتفظ بها لنفسه، وقد ضاع أكثرها، وإنما عثرنا على قطعة منها، هي هذه التي بين يديك، ولعل عند أحفاده الكثير منها، وفيما وجدناه كفاية، وقد كتبت بخط التعليق الذي لا يكاد يقرأ، بخط دقيق مهمل من النقط تماما إلا في حالات نادرة، وهذا النوع من الكتابة لا يلتزم الطرق المتبعة في النسخ من تتابع السطور والابتداء من أول صفحة، وإنما يكتب صاحبه في الصفحة كيفما اتفق، فربما كتب في وسطها ثم عاد للكتابة في أعلاها، ثم كتب في أسفل الصفحة، أو العكس، وهذا النوع من الكتابة قد برع فيه اهل اليمن، فلا تكاد تقف على مخطوط إلا وتجد ما يشبه هذه الكتابة، وغالبا ما تكون على حواشي الكتب الضخمة أو تحت العناوين ... إلخ أما عن الفترة التي كتبت فيها هذه المذكرة فيقول الحبشي أنها تدور في زمن قصير بين سنة 1083 و 1088 في أواخر حكم والده، أي كتبت قبل أن يلي الحكم والخلافة. وإن كنا نجده في هذه الفترة يشغل منصب محافظ (عامل) وهذا نموذج من وصايا المؤيد في هذا الكتاب قال:(ص 83): (الرجل الدمشقي الذي وصل إلى حضرة المولى وأهدى لنا "الشفاء" و"شرحه" و"حاشية عليه" وهذه من الكتب. يعرفه الحاج عز الدين الذي بلّغ أن الشيخ حسن راجح عرّفه بأنه أثنى على جانب المولى حفظه الله في مكة لما رأى منه كتاب، أهدى له أربع طاقات أطلس وطاقتين خارة وثبين كتان وقمطر فليقابل بذلك. وحسين الكركشي الدلال يعرفه، فهو الذي وصل مع ولده إلي بذلك، فليقابل إن شاء الله ونعم الوكيل. ومن جملة ما وصل به هذا الدمشقي كتاب "الإتقان في علوم القرآن" نسخة عظيمة لطيفة، لا أدري هل مراده إهداؤها أو الاطلاع فيها، لأنه قد كان جرى ذكرها، وكذلك الجزء الأول من "حياة الحيوان" إن كان مراده المقابلة قوبل بالقيمة إن شاء الله، وإلا عادت إليه، وحسبي الله ونعم الوكيل. و"الإتقان" بين كتبي في البيت الأسفل، والجزء من حياة الحيوان مع القاضي محمد العنسي. ولا إله إلا الله محمد رسول الله
كتاب "الإتقان" الذي وصل به الدمشقي خرجت به إلى "ثلا" وحال رقم هذه هو في "ثلا" بين كتبي فليحقق : هل مراده الهدية، فليقابل إن شاء الله، أو غيرها أرجع وحسبي الله ونعم الوكيل)
|