حديث افتراق الأمة (المؤلف : المَقبَلي) رسالة صغيرة، للعلامة صالح بن مهدي المَقبَلي (ت 1108 هـ)، نشرها لأول مرة المرحوم محمد رشيد رضا في المنار ضمن نشرته لكتاب المقبلي (العلم الشامخ في تفضيل الحق على الآباء والمشائخ) (1328هـ/ 1910م) ثم طبع بتحقيق صديقنا الأستاذ عبد الله السريحي معتمدا مخطوطة لم يسبق نشرها، فكان الحلقة الثالثة من سلسلة (رسائل وأبحاث في حديث افتراق الأمة) التي صدر منها في مجلة "عالم المخطوطات والنوادر بحثان:
الأول وهو أهمها وسبب ما ألف في الموضوع من رسائل: "رسالة في حدث افتراق الأمة " للعلامة أحمد بن علي بن مطير الحكمي (ت 1068هـ)، في المجلد الثامن، العدد الأول، (المحرم-جمادى الآخرة 1424هـ/مارس-أغسطس 2003م) ص139-163.
الثاني: "العذب النمير في جواب مسائل عالم بلاد عسير، وهو جواب سؤال عن حديث افتراق الأمة" لشيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني (ت 1250هـ)، في المجلد العاشر، العدد الثاني، (رجب-ذو الحجة 1426هـ/سبتمبر2005م-فبراير 2006م) ص469-485.
وكان سبب إثارة هذا النقاش كما يقول الأستاذ السريحي رسالة أحمد بن علي بن مطير الحكمي (ت 1068هـ)، التي ذهب فيها إلى عدم صحَّة "حديث افتراق الأمة"، مدعيا عدم صحة إسناده، وعدم صحة متنه لمعارضته لكثير من قواعد الإسلام، ومع النصوص القطعية المعارضة له، وتوالت ردود الفعل على تلك الرسالة من علماء اليمن في تلك الفترة، فمنهم من شاركه الرأي وذهب إلى عدم صحة الحديث سندا ومتنا، مثل شيخ الإسلام الشوكاني، في رسالته المشار إليها "العذب النمير". ومنهم من تصدى لنقد الرسالة والدفاع عن صحة الحديث، ومن ثم صحة النتائج المترتبة عليه، وممن تصدَّى للرد عليه (كما أشرنا سابقا في مقدمة تحقيق رسالة ابن مطير): محمد بن الحسن بن القاسم (ت1079 هـ)، برسالة عنوانها "حل الإشكال الوارد على حديث افتراق الأمة والكشف عن وجوه صحته النيِّرة المضية". وكذلك محمد بن إبراهيم بن المفضل (ت 1085هـ)، في رسالته "الإشارات المهمَّة إلى صحة حديث افتراق الأمة". أما العلامة يحيى بن الحسين بن القاسم (ت 1100هـ)، فقد ألَّف كتاباً عنوانه "المسالك في ذكر الناجي من الفرق والهالك"، ضَمَّنه الرد على ابن مطير، وتوضيح المعايير التي يراها معقولة وصحيحة للحكم بنجاة أو هلاك أي من الفرق الإسلامية.
ومنهم من أقرَّ بصحة إسناد الحديث، ولكنه لم يُقرّ بالتأويل الشائع للحديث، وكذلك بالنتائج المترتِّبة على هذا التأويل، فسعى لتأويله بشكل يخفِّف من تلك النتائج التي بَنى عليها المتكلِّمون آراءهم وأحكامهم حول نجاة أو هلاك الفرق الإسلامية، ومن هؤلاء العلماء: محمد بن إسماعيل الأمير (ت 1182هـ)، وصالح بن مهدي المقبلي (ت 1108 هـ) وكان العلماء كما يقول الشوكاني في البدر الطالع (1/288-289.) يتنافسون في امتلاك مؤلفات المقبلي ويحتجّون بترجيحاته، قال (وهو حقيق بذلك. وفي عبارته قوة وفصاحة وسلامة تعشقها الأسماع وتلتذّ بها القلوب، ولكلامه وقع في الأذهان، قلَّ أن يمعن في مطالعته من له فهم حقيقي على التقليد بعد ذلك، وإذا رأى كلاماً متهافتاً زيَّفه ومزَّقه بعبارة حلوة، وقد أكثر الحط على المعتزلة في بعض المسائل الكلامية، وعلى الأشعرية في بعض آخر، وعلى الصوفية في غالب مسائلهم، وعلى الفقهاء في كثير من تفريعاتهم، وعلى المحدِّثين في بعض غلوهم، ولا يبالي إذا تمسَّك بالدليل بمن يخالفه كائناً من كان)
فلقي من مقلِّدي ومتعصِّبي عصره أذى شديداً، وناصبوه العداء، واتَّهموه بأنه ناصبي (3) ومعادٍ لمذهب أهل البيت (المذهب الزيدي)، مما اضطره إلى بيع ممتلكاته والرحيل بأهله إلى مكة (1080هـ) وكان الحسن بن علي بن جابر الهبل، الشاعر، في مقدمة من ناصبه العداء حتى قال فيه:
(المقبلي ناصبي = أعمى الشقاء بصره)(
فرق ما بين النبي =ي وأخيه حيدره)(
لا تعجبوا من بغضه = للعترة المطهرة)(
فأمه معروفة = لكن أبوه نكره)....
ويؤكِّد كراتشكوفسكي في كتابه (داغستان واليمن، ص 114 ـ 115 ترجمة جليل كمال الدين، مجلة المورد، م8، ع 2) أن تأثير المقبلي ومؤلفاته، قد حافظ على قوَّته في أوساط العلماء الداغستانيين حتى بداية القرن العشرين ونشوب الحرب العالمية الأولى والثورة البلشفية.
ورأيت على مسودة هذا البحث بخط صديقنا السريحي هذه النادرة، ويبدو أنه لم ينشرها في الكتاب، وهو كلام المقدسي في (أحسن التقاسيم: نشرة الوراق ص 12) يرجح فيها رواية (كلها في الجنة إلا واحدة) قال:
(وقالت طائفة من الكرامية كل مجتهد مصيب في الاصول والفروع جميعا إلا الزنادقة، واحتج صاحب هذه المقالة، وهو قول جماعة من المرجئة بخبر النبي صلى الله عليه وسلم،" يفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتين وسبعين في الجنة وواحدة في النار. وقال بقية الأئمة: لا مصيب إلا من وافق الحق وهم صنف واحد، واحتجوا بالخبر الآخر إثنتان وسبعون في النار وواحدة ناجية وهذا أشهر، إلا أن الأول أصح أسنادا والله أعلم. فإن صح الأول فالهالكة هم الباطنية، وإن صح الثاني فالناجية السواد الأعظم)
والمقبلي: نسبة إلى قرية المقبل (بفتح الميم والباء)، في عزلة العزكي من مخلاف بني حبش من أعمال كوكبان، شمال غرب صنعاء، ومولده بها سنة 1038 هـ، على الأرجح•
|