رحلة الأمير يشبك الدوادار (المؤلف : ابن أجا الحلبي) أهم ما وصلنا من تفاصيل حملة المماليك التي سيرها الملك الأشرف قايتباي بقيادة دواداره الكبير يشبك من مهدي للقضاء على تمرد (شاه سوار) ملك الدلغادرية بعد ثلاث حملات باءت بالهزيمة. وكانت الحملة الأولى أيام السلطان خوشقدم مطلع العام 872 بقيادة نائب الشام الأمير برَدْبك البشمقدار الذي انضم إلى سوار بدلا من محاربته، فلما ولي قايتباي السلطنة في رجب/ 872 كان أول أعماله إرسال تجريدة لتأديب سوار في 12/ شعبان/ من نفس العام، بقيادة قلقسيز الأتابكي فانكسرت هذه الحملة كسرة شنيعة في ذي القعدة 872، فجرد قايتباي حملة ثانية في جمادى الآخرة من عام 873 بقيادة أزبك من طخخ لتنكسر أيضا في ذي الحجة من العام نفسه، ثم كانت التجريدة الرابعة والتي هي موضوع هذا الكتاب والتي انتهت بحمل شاه سوار وإخوته وجماعة من قادته إلى مصر وإعدامهم كما هو مفصل في هذا الكتاب، ولكن لم تمض سنوات حتى تغيرت أقدار المنطقة بخروج سيف (أمير آل الفضل في حماة) وشيوخ ربيعة في (الرها) فسقط الدوادار يشبك في معركة (الرها) في أواخر رمضان/ 885هـ وقطعوا رأسه وحشوه قطنا وبعثوا به إلى أبناء حسن الطويل ملك العراقين الذي كان قد أعلن الحرب في جمادى الأولى 877هـ على نواب قايتباي ولكنه لم يصمد امام جبروت الدوادار يشبك فاضطر للفرار في ذي القعدة 877.
طبع الكتاب لأول مرة في القاهرة سنة 1973 بتحقيق د. عبد القادر طليمات، بعنوان تاريخ الأمير يشبك الظاهري، كما طبع لاحقا في دمشق بتحقيق العلامة أحمد دهمان (دار الفكر 1986) ضمن كتابه (العراك بين المماليك والعثمانيين الأتراك) في فصل (ص63 – 160) بعنوان (رحلة الأمير يشبك) وضم إليه ملاحق تغطي الفترة حتى سقوط مصر في يد السلطان سليم.
وكلاهما اعتمد نسخة كتبها المرحوم أحمد زكي لنفسه عن مخطوطته الوحيدة في العالم وهي التي تحتفظ بها المكتبة السلطانية بسراي طوب قبو بأسطنبول، يرجح أنها كتبت زمن المؤلف. ويلاحظ هنا أن السخاوي ذكر الكتاب وسماه (سفرة سوار) إذ قال في ترجمة مؤلفه ابن أجا: (ثم ارتقى لصحبة الدوادار الكبير يشبك من مهدي وراج بسبب ذلك وسافر رسولاً منه ومن السلطان إلى عدة ممالك كتبريز والروم وغيرهما ... وترجم فتوح الشام للواقدي بالتركي نظما ًفي اثني عشر ألف بيت وعمل سفرة سوار وفيها منكر كبير، ... مات في جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين بحلب ...إلخ)
وهذا يعني أن المؤلف قبل مقتل الدوادار يشبك ولم ير ما حل به من انتقام الدلغادرية القاسي
أما المملكة الدلغادرية فهي المملكة التي تعرف في التراث غير العربي ب(ذي القدرية) وأشهر بلادها الأبلستين (وهي نفسها ألبستان) ومرعش وعينتاب،وبسقوطها تمكن بنو عثمان من الوصول إلى مصر والقضاء المبرم على دولة المماليك.
تضمن الكتاب وصفا نادرا للقرى الواقعة بين عينتاب وتبريز وكلاما طريفا عن مجالس السلطان حسن الطويل ملك العراقين، والتي كانت تفتتح بقراءة حديث من صحيح البخاري، وفي بعضها يطلب من ابن أجا أن يشرح له معنى قولهم فلان (أنصاري) وانظر ما يتعلق بالدولة الدلغدارية في (ثمرات الأوراق) لابن حجة الحموي عند قوله: (وما خفي عن كريم علمه وقوع انتقامنا الشريف في الغادر ابن الغادر .... وحلّ ركابنا الشريف بالأبلستين ..)
|