الجراب الجامع لأشتات العلوم والآداب (المؤلف : عبد الصمد ابن كنون) كناش أدبي طريف لا بأس في التوسع بالتعريف به لندرته، جمعه العلامة عبد الصمد بن (محمد التهامي) بن (محمد المدني) المستاري ثم الطنجي الشهير بكنون (1290 - 1352هـ) والد المؤرخ الكبيرعبد الله كنون، طبع قديما في حياة مؤلفه ثم صدرت طبعة ثانية له (مطبعة الكواكب: تونس 1406 جانفي 1986) بعناية محمد أبو الأجفان التميمي القيرواني الأستاذ المساعد بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بتونس (ويقع في (375 صفحة) مع الفهارس. ولم يخل من بعض الهنات ، كنسبة أبيات ابن فارس (نديمي هرتي) إلى القاضي عبد الوهاب، ونسبة قصيدة أبي مدين التلمساني (594هـ) (أنت بما قد سقَيتَ شارب) إلى صفي الدين الحلي (ص 187)
وصرح ابن كنون في مقدمته أنه حذا به حذو البهاء العاملي في "الكشكول" قال: (فألفيته طبق المراد وممثلا لما استقر في الفؤاد ...فقوي عزمي حينئذ على جمع ما كتبته وما حرصت عليه وقيدته .. من تحريرات فقهية وفوائد حديثية ونكت عربية ومسائل كلامية ونقول تاريخية ولطائف أدبية ومختارات شعرية مما يأخذ بالألباب وقلما يعثر عليه مجموعا في كتاب) وختمه بفصول في أنظام عمه محمد بن المدني (ت 1302هـ) (ص286) وأنظام والده (ت1331) (ص294) وما نظمه هو في مختلف علوم اللغة (ص 314 – 338) وجرى فيه على اصطلاحات فقهاء المغرب ومنها (عج: أي الشيخ علي الجهوري) (ضيح: أي كتاب التوضيح للشيخ خليل بن إسحق وهو شرح لمختصر ابن الحاجب) (ح: حينئذ) (خ: خليل بن إسحق)
ومن نوادره فيه ص 204 تحقيق في نسب الأشراف الأدارسة في جبل العلم ونواحيه وهم أربع أسر: أحفاد أبي بكر جد عبد السلام ابن مشيش وجماعة بني عمران وأولاد أبي العيش أحمد بن القاسم كنون وجماعة أولاد كنون بن عيسى ومن هؤلاء سلف المؤلف ، وتحقيق نسب آل الشاوي (ص 82) في ترجمة سيدي أحمد الشاوي قال : (وأصله من عرب الشاوية أهل بلاد تامسنا وهو من العرب الحجازيين من أحياء بني هلال وسليم الذين نقلهم العبيديون ملوك مصر إلى صعيد مصر ثم دفعوا إلى برقة وأفريقية ثم إلى المغرب، أدخلهم إياه يعقوب المنصور الموحدي، كل ذلك لأسباب ذكرها ابن خلدون) و(ص 99 ترجمة العياشي صاحب الرحلة (ت1090هـ) قال (ص96) وأعيّاش، بهمزة في أوله وتشديد في ثالثه: قبيلة من البربر تعرف بآيت عياش، ومن فوائده (ص100 ترجمة ابن الصالح الشرقي وهو من حفدة الولي الشير سيدي محمد الشرقي (ت 1180) وله (ذخيرة المحتاج في صاحب اللواء والتاج صلى الله عليه وسلم) أكمل منه ما ينيف على أربعين سفرا، وله تقاييد وتأليف أخر ... ودفن بجعيدان حيث زاوية جده وسائر أهله من بلاد تادلا) و ترجمة الطبيب قاسم بن محمد بن إبراهيم الغساني المعروف بالوزير (ص 113) كان من أطباء السلطان أحمد المنصور الشريف الملقب بالذهبي، ألف كتبا في الطب، منها "شرح نظم ابن غزوان في الحميات" و"حديقة الأزهار في شرح ماهية العشب والعقار" واختصره في جزء صغير ورّخ تمامه بعام 994هـ ) وترجمة داود الأنطاكي (ص107) قال: (وفي "تذكرته" مسائل جديرة بالإنكار، منها ما أطنب به في الخمر، وصرح الشهاب في رحلته بأنه من الملاحدة، وغيره بأنه فيلوسفي ، نعوذ بالله من الضلال)
وكلمة عن كتاب (المدخل في الحوادث والبدع) لابن الحاج (ت 737هـ) (ص 305) والرد على قول علي الخواص (إياك ومطالعة كتاب المدخل لابن الحاج المالكي رحمه الله فإن غالبه من التنطعات)
وخبر تحجير لبس الحذاء الأسود (ص112) قال: (وقع النهي من السلطان عام 1011هـ في سائر أقطار المغرب عن لبس السباط الأسود، وأمر بلبس الأصفر مكانه لما قيل: إن الناس اتخذوا الأسود حين استولى العدو على العرائش أسفا عليها) و(ص 245) في لبس السراويل وأن النبي (ص) اشترى سروالا ولم يلبسه، وأن ذلك سنة إبراهيم (ع)
وفي الكتاب تراجم نادرة لأصحاب قبور تزار في المغرب وكانوا كما يصفهم المؤلف بهاليل سقط عنهم التكليف، منهم (ص 83- 100) سيدي عبد العزيز المدعو عزوز (ت 1030) ودفن برأس الجنان من عدوة فاس و(سيدي موسى دفين جرنيز من عدوة القرويين (ت 1092) و(سيدي يدير دفين الشيالين (ت 1042) و(سيدي عبد الله الحداد الدراوي دفين خارج باب الفتوح إزاء سيدي علي حماموش (ت 1040) و(سيدي عبد الجليل المدعو جلول ابن الحاج دفين داخل باب عجيسة (ت1036) و(سيدي مسعود بن محمد الشراط دفين خارج باب عجيسة (ت 1030) و(سيدي عنتر الخلطي (ت 1093) و(سيدي أحمد بن خضرا دفين مكانسة الزيتون (ت 1075) و(سيدي محمد المدعو حمو الراموش (ت 1123) و(البهلولة المعتقدة السيدة عائشة العدوية دفينة مكناسة الزيتون (ت1080 والبهلولة المتبرك بها آمنة البسيونية، من رهط بفاس يعرفون بأولاد البسيون (ت1167) (قال ص113: وأهل الطريق ينهون عن مقاربة المجاذيب ويقولون: إنهم يكسرون ولا يجبرون).
ومن فوائده (فوائد الدرس) (ص155) قال: (وهكذا كان يقول ابن عرفة أنه إذا لم يكن في مجلس التدريس التقاط زائدة من الشيخ فلا فائدة من حضور مجلسه بل الأولى لمن حصلت له معرفة الاصطلاح والقدرة على فهم ما في الكتب أن ينقطع بنفسه ويلازم النظر) وفتوى سيدي محمد بدر الدين الحمومي في عطلة العنصرة (ص 183 ) : حول ما جرت به العادة من قطع مجالس العلوم يوم العنصرة ونص السؤال:((
أسائل بدر الدين حبي هل أتى = بعنصرة نص بقطع المجالس
وهل قطعها عون لبدعة جاهل = أجب سائلا أنت المحلى بنافس))
فأجابه بقوله: ((
جرى العرف أيها المحب بما ترى = بعنصرة فاعلم بترك المجالس
وذاك من التقصير والبدعة التي = فشا ضرها على الفقيه المنافس
وإني لا أقوى على ترك بدعة = كلعب بماء في بيوت المدارس))
ومن فوائده الشعرية: (ص 142 منظومة في فوائد النعناع عدد أبياتها (30 بيتا) ومثلث أبي القاسم المهلبي (ص 144) وشرح مثلث قطرب للعلامة أبي فارس عبد العزيز المغربي (ت 694هـ) وسماه ( المورث لمشكل المثلث) و أرجوزة المأمون العباسي في طلب العلم، انفرد بذكرها ابن عبد البر القرطبي في (جامع بيان العلم وفضله) وهي (34) بيتا و(ص203 منظومة في أولاد عبد الله الكامل:((
مولانا عبد الله أعني الكامل = له بنون ستة افاضل
جعفر في جزولة بسوس = إدريس في زرهون ذو التقديس
ثالثهم سيدنا سليمان = وقبره يوجد في تلمسان
وفي الينبوع دفنوا محمدا = مولانا موسى بلد الهند بدا
مولانا يحيى في بلاد السودان = بجاههم رب قنا من نيران))
ومن آثار المؤلف فيه (ص 314 رسالة له سماها (محصل المنقول في الأفعال المبنية للمجهول) ورسالة في قول العامة (حاشاكم) (ص299) وفتواه في عدم جواز تعدد صلاة العيد في بلد واحد مثل بغداد ومصر. (ص196) ونختار من شعره قوله (ص202)(
الحرث ذو ربح ولو بالفاس = والشرط هم سبب الإفلاس
لاسيما وبغض هذا الناس = إمامهم شاع بلا التباس
وهبه كان من بني العباس = فاحذر وقيت سبب الإتعاس)
|