شرح نقائض جرير والفرزدق (المؤلف : أبو عبيدة) برواية أبي عبد الله اليزيدي عن أبي سعيد السكري عن أبي عبيدة
تحقيق الدكتور محمد إبراهيم حُوّر والدكتور وليد محمود خالص
منشورات المجمع الثقافي (أبوظبي: 1998 ط 2)
3 مج (1306 صفحة)
النقائض جمع نقيضة، وهي القصيدة التي ينقض بها الشاعر ما هُجي به مستخدما نفس البحر والقافية.
وأشهر شعراء النقائض على الإطلاق جرير، وله نقائضه المروية مع الفرزدق والأخطل، وعمر بن لجأ. وقد طبعت (نقائض جرير مع الأخطل) في مطلع القرن العشرين، بعناية أنطوني صالحاني اليسوعي.
أما نقائضه مع الفرزدق فهي أشهر تلك النقائض وأكثرها نصيبا من اهتمام الرواة واعتناء شيوخ الأدب بشرحها.
وقد كثرت هذه الشروح والرويات كثرة أفضت إلى اختلاط النسخ واختلاف الروايات بما يطول الحديث عنه.
وما جاء على غلاف هذه النشرة أنها برواية اليزيدي عن السكري عن ابن حبيب عن أبي عبيدة هو جزء من الحقيقة. فقد ساهم في إنجاز مادة الكتاب (13) راوية كما أوضح المحققان (ص 44 – 52) وبيّنا نصيب كل راوية منهم حسب فرز مجدول لأربع نسخ من مخطوطاته.
وقد استغرقت مقدمة المحققين ومقدمة بيفان (156) صفحة من الكتاب.
وكان المستشرق وليم رايت قد أعلن في شهر تموز من عام (1883م) أنه منذ سنوات يقوم بإعداد نشرة لنقائض جرير والفرزدق بالرواية القصيرة لأبي عبيدة، وبالرواية الطويلة للسكري، وأنه سيصدر كلا منهما بطبعة مفردة، ولكن حالت وفاته عام 1889 دون تحقيق أمنيته، فقام المستشرق البريطاني (أنتولي إشلي بيفان) (1859 – 1933م) بتلفيق نشرة من الروايتين صدرت عن مطبعة بريل بمدينة ليدن بهولندا بين سنتي (1908 – 1912م) في ثلاثة أجزاء، اشتمل الجزءان الأول والثاني على متن الكتاب، وجاءا في (1054) صفحة، يلي ذلك ملحق يقع في (42) صفحة اشتمل على فروق كبيرة بين النسخ التي اعتمدها في نشرته، وضم الجزء الأول مقدمة باللغة الإنجليزية، أتى فيها على وصف مخطوطات الكتاب وهي (نسخة اكسفورد، ونسخة لندن، ونسخة ستراسبورغ) واما الجزء الثالث فجاء في (637) صفحة، هي فهارس الكتاب.
كان لصدور نشرة بيفان بمقدمته المطولة وملاحظاته وهوامشه الرصينة دوي في الأوساط المعنية بتحقيق تراث العرب، ، وقد عد المرحوم عبد السلام هارون نشرة بيفان من أمثلة النشر العلمي الرائع (نوادر المخطوطات 2/ 348)
وفي عام (1935م) أعاد عبد المنعم الصاوي طبع الكتاب معتمدا على نشرة بيفان حرفيا بعد أن جردها من الحواشي والفهارس.
ثم قام الأستاذ قاسم محمد رجب (صاحب مكتبة المثنى ببغداد) بنشر طبعة بيفان مصورة على الافسيت.
ولكن سرعان ما اكتشف المختصون شروخا وثغرات وأخطاء لا تغتفر أسفرت عن استخراج نسخة واحدة من مجموعة روايات، ويلخص الدكتور شاكر الفحام في كتابه (الفرزدق: ص 254) كل ذلك بقوله : (وبذل بيفان جهودا صادقة في نشر الكتاب: استقرى المصادر، وأعمل النظر، وأدام المراجعة، ونقب في الدواوين تحدوه الرغبة والعزم أن يبلغ بعمله ما يؤمله من الكمال والإتقان، واتيح لبيفان حظ من النجاح عظيم يكافئ ما بذل من جهود وما أنفق من وقت... ولكنه قصر عن الغاية أشواطا، وعثر عثرات، فبدت في عمله ثغرات وثلم، تدعو المحقق أن يعود إليه، يلم الشعث ويرأب الصدع) وساق الفحام مآخذه على بيفان عقب هذا الكلام، ومنها أنه اعتمد على ثلاث نسخ في التحقيق، بينها اختلاف شديد في الحجم وترتيب النصوص والقصائد فقطع اوصال نسختين من النسخ ليساير ترتيب النسخة الثالثة، ومنها عدم استقصاء نسخ الكتاب المتوفرة، وتجاهله اختلاف العبارات وتباين طرق الرواية ما دام المعنى واحدا، وقد عجز عن قراءة بعض الأبيات قراءة سليمة فوقع في أخطاء غيرت المعنى أو عمته. ودعا الفحام في ختام ملاحظاته إلى ضرورة إعادة تحقيق الكتاب
فقام المحققان (حوّر وخالص) بإعادة تحقيق الكتاب، معتمدين مخطوطات بيفان الثلاث، وثلاثا أخرى لم يطلع عليها بيفان هي نسخة القاهرة، ونسخة بغداد، ونسخة تونس.
وأوضحا في مقدمة نشرتهما أن بيفان يعتبر في نشرته للنقائض مؤلفا وليس محققا، إذ ترك لنفسه الحرية الكاملة في استخراج كتاب واحد من روايات مختلفة، وإثبات وإهمال ما شاء من الفروق، وإدخال تعديلات على النص الأصلي بالإضافة والحذف والتقديم والتأخير. وبالرغم من كل ذلك تبقى نشرة بيفان ذكرى مستشرق أفنى شبابه في تحقيق كتاب (شرح نقائض جرير والفرزدق).
|