النفحة المسكية في الرحلة المكية (المؤلف : أبو البركات السويدي) من أهم رحلات الحج العراقية عن طريق بلاد الشام. طبع لأول مرة في (أبو ظبي: المجمع الثقافي 2003م) بتحقيق د. عماد عبد السلام رؤوف. افتتح السويدي رحلته بترجمة مطولة لنفسه، وأتبع ذلك بفصل ذكر أنه السبب الظاهري لهذه الرحلة، ويتضمن (وقائع مؤتمر المذاهب) الذي انعقد برعاية نادر شاه، في النجف (1156هـ) وقد طبع مستقلا عن الرحلة بعناوين مختلفة. وارتأى المحقق حذفه من طبعته.! خرج السويدي من بغداد بعد استئذان وزيرها يوم 28/ ربيع الأول/ 1157هـ (انظر نص الاستئذان ص90) وهي السنة التي أعلن فيها ابن سعود تأييده لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وتاريخ الرحلة عام (1157هـ 1744م) وذلك عقب الحرب الدامية التي نشبت بين نادر شاه (شاه إيران) وأحمد باشا والي بغداد، وشارك السويدي في الحرب، ووصلنا وصف لقتاله في ساحة المعركة بقلم ابنه،
وكان لذلك أثره في مكانة السويدي عند والي بغداد، فولاه منصب (مفتي كربلاء والنجف)
ولما نزل الموصل في طريقه إلى حلب، يوم الأربعاء 15/ ربيع الثاني/ 1157هـ بعد حصار نادر شاه لها بعام واحد، قال: ورأيت في دار الحكم تلا عظيما كله قلل القنابر والأطواب التي رماهم بها (ص 102)
تضمنت الرحلة مراسلات السويدي مع أبنائه وتلاميذه طوال أيام الرحلة. وتراجم نادرة لأعلام البلاد التي مر بها.
وكان أمير الحاج الدمشقي أسعد باشا العظم والي دمشق، وباني قصر العظم فيها، وفي الكتاب (ص 331) قصيدة مهمة جدة، كتبها المؤلف في مدحه.
وبغض النظر عن الأسباب التي دعت السويدي إلى ذم أو مدح مدينة من المدن التي نزل بها في طريقه إلى الحج، إلا أن تلك الكلمات تفهم في سياق الأحداث التي أحاقت بالمنطقة في تلك الآونة.
قد لا ينطبق ذلك على ما نالته منه حلب وعلماؤها (ص 122 حتى 209) (جنة الدنيا وخزانة الإسلام) مقارنة بما لحق دمشق من حنقه المدوي، غير مستثن من أهلها إلا من سماهم الطبقة الوسطى (ص 242)
وسجل في كتابه ملاحظاته حول كل المدن التي نزل بها في طريقه إلى مكة، وهي ملاحظات جديرة بالدراسة والتفسير، كقوله عن معرة النعمان: ( وهذه البلدة وحشة كأهلها) وقوله عن (سرمين): (وهي قرية ليست مأنوسة، ولا اهلها أهل أنس) وقوله عن (البيرة): (وأهلها : لاعقل ولا فكر ولا كرم ولا مروءة) و(الرُها) (وأهلها ذوو أخلاق رضية، ومكارم سمية، بها الدين ظاهر، والعلم زاهر)
لا يخلو الكتاب من قصص وأخبار قطاع الطريق الذين كانوا يتربصون بالحجاج لنهبهم وسلبهم، ومن ذلك حديثه عن لصوص (عين الرميلة) (ص 113) قال: (وعند هذه العين خرج علينا ونحن نزول قُطّاع طريق من نحو جبل سنجار فاستاقوا من جمال القافلة، وهي في المرعى، سبعة وتسعين جملاً ..)
ومن نوادر ما حكاه (ص 112) عن سكر جمال القافلة بسبب تناولها لحشيش مخدر سماه (الغزوح) وذلك في بلدة (عين زال) قال: ( وفي هذه المرحلة أخذ جمالنا نوع من الجنون فنفرت وألقت أحمالها وأقتابها... فسألت عن سبب ذلك فقيل: إنها أكلت شجرة الغزوح، وكل حيوان حتى بنو آدم إذا أكلوا منها اعتراهم شبه الجنون، حتى أن بعض الناس يضعها في التتن فإن شربها الإنسان أخذته خفة وطرب وجنون، يتخيل له أشياء لا وجود لها، فتارة يضحك، وتارة يبكي، وتارة يخيل له أنه في بحر مغرق، وتارة يخيل له أنه على ظهورالخيل...)
أما عن خط الرحلة فهو: (بغداد، تل كوش، نهر الحسيني، نهر مزارع حمارات، الفرحاتية، المحادر، مهيجر، العاشق، مدينة المنصور، تكريت، وادي الفرس، قزل خان، الغرابي، البلاليق، الخانوقة، القيارة، المصايد، حمام علي، الموصل، بادوش، أسكي الموصل،، تل موس، عين زال، صُفية، الرميلة، المتفلتة، أَزناوور، نصيبين، قره دره، دنيسر، مشقوق، دده قَرْخين، تل العطشان، أصلان جايي، مرج ريحان، الرُها، سروج، الجبجيلي، البيرة، الكَرموش، ساجور، الباب، حلب، خان تومان، سرمين، معرة النعمان، كتف العاصي، المحروقة، خان شيخون، حماة، الرستن، حمص، حَسْيَة شمسين، النبك، بريج، قارة، القطيفة، دمشق، خان ذي النون، خان دلة، المزيريب، المفرق، الزرقاء، خان الزبيب، زيزى، البلقاء، القطراني، الأحساء، معان، قلعة عنزة، العقبة، جغيمان المدورة، ذات حج، تبوك، المَغر، الأخيضر، المعظم، الدار الحمراء، ديار ثمود، العلى، آبار الغنم،، البئر الجديدة، هدية، الفحلتين، العقبة السوداء، وادي القرى، المدينة المنورة، ذو حليفة، بين جبلين، الجديدة، بدر، الحمراء، الصفراء، القاع، رابغ، المستورة، خليص، الأميال السبعة، قديد، عسفان، مكة المكرمة(
|