الأمثال المولدة (المؤلف : أبو بكر الخوارزمي) من ذخائر العرب المكتشفة في أواخر القرن العشرين، ويضم (2119) مادة، من أمثال المولدين ومواطن إرسالها وتمثلاتهم الشعر، وبيان أصول الأبيات السائرة على ألسنتهم، في بغداد وبلاد الشام. وفي مقدمة الخوارزمي للكتاب قوله:
(وهذا -أرشدَكَ اللهُ- كتابٌ التُقِطَ من أفواهِ الشُّطارِ والعيَّارينَ، وجُمعَ في مجالِس المُغنِّين والمُضحكين، ورَوِيَ مِن البَمِّ والزِّير، وحَصلَ في أثناءِ البَرابِطِ والمزامير، وسُمِعَ أكثرُ ما فيه من السُّؤّالِ والسَّابلةِ، وتُلُقِّفَ مِن كلام الظُّرفاءِ والصُّوفيَّة، فإن طالبتَنا في أسانيدهِ باسم الحسن البصريِّ وبالرِّوايةِ عن بَكْرٍ بن عبد اللهِ المُزْني والمراسيل عن فَرقَدِ السَّبْخي، والسَّماعِ عن محمَّد بن كعب القُرظيّ، وقَتَادةَ بنِ دِعامةَ السَّدوسي، وأخذْتَنَا في أبياتِهِ برواية الأصمعيِّ، واختيار المُفضَّل الضَّبّي، وتصحيح أبي عثمان المازنيِّ، وإجازةِ محمَّد بنِ المُستنيرِ النَّحويّ، وأبي عبد اللهِ بنِ الأعرابيِّ، أَو أَرَدْتَ مِنّا في أمثاله أن يكون من حِكَمِ أكثمَ بنِ صيفيٍّ، أو أمثالِ بَيْهَس الفِزاري، أو نوادرِ عامرِ بن الظَّرِب العَدوانيّ، وعمرو بن حُمَمَة الدَّوسي، كنت قد طالبتَنا بما نعيَى به، وتَحكَّمتَ علينا بما نعجزُ عنه، وكلُّ شيءٍ من مَعدنِهِ يُجلبُ، وكلُّ مَتَاعٍ في قَرارتِهِ يُطلبُ).
قال: (ثمَّ إنَّ هذا كتابٌ صَنََّفناهُ نُداري به الزَّمانَ، وَنُجانِسُ بتأليفِهِ الوقتَ، وَلِكُلِّ زمانٍ تصنيفٌ يَحكيهِ، وفي كلِّ وقتٍ عِلمٌ يَقتضيهِ، وربَّما ضاق الوقتُ عن صِرْف الجِدِّ، وَجَلَّ عن كلِّ الهزْل، فاحتيجَ إلى سلوكِ طريقةٍ بينهما ...)
طبع الكتاب لأول مرة في الجزائر عام 1994م في عدد خاص من أعداد مجلة (اللغة والأدب) بتحقيق الأستاذ محمد حسين الأعرجي الأستاذ بجامعة آدم مسكيفيج في بوزنان – بولندة، وأعاد نشره عندنا في المجمع الثقافي عام (2003م)
ويعود الفضل إلى المحقق في تصحيح نسبة الكتاب إلى الخوارزمي ثم في تصحيح اسم الكتاب، ليكون (الأمثال المولدة) كما سماه الثعالبي في كتابه (النهاية في الكناية) وكان الظن ان الكتاب من تاليف الثعالبي، إذ لم تصلنا سوى نسخة يتيمة منه ضمن مجموع يضم طائفة من كتب الثعالبي، كتب عليه (كتاب الأمثال، وكتاب منتخب سنن العرب وكتاب التحسين والتقبيح، وكتاب تحفة الوزراء وكتاب المبهج ومواسم العمر وسر الحقيقة كلها للثعالبي رحمه الله)
والمجموع من أوقاف شيخ الإسلام فيض الله أفندي على مدرسته بقسطنطينية، ورقمه في مكتبة فيض الله (2133) ويقع ي (66) ورقة، وقد كتب في واسط في شعبان (1028هـ) عن أصل وقع الفراغ منه يوم 29/ رمضان/ 442 بعد وفاة الخوارزمي ب 59 سنة، ولكن النسخة كما يقول المحقق فيها من التحريفات والتصحيفات شيء غير قليل.
وبقي أن أشير إلى أن أبا بكر الخوارزمي هو ابن أخت الإمام الطبري صاحب التاريخ والتفسير، وفي ذلك يقول:
وآمل مولدي وبنو جرير = فأخوالي ويحكي المرء خاله
فها أنا رافضي عن تراث = وغيري رافضيٌّ عن كلاله
انظر في مقدمة المحقق ما ذهب إليه من ان البيتين مما نحلته إياه الحنابلة وإنكاره أن يكون الطبري خاله.
وأفاد المحقق ان الخوارزمي زار المتنبي في بيته في حلب عام (346هـ) لينضم بعدها إلى ندماء سيف الدولة، وكان عمره (23) سنة، وكان من ثمرة صداقتهما كتاب الخوارزمي الضائع (شرح ديوان المتنبي)
واخترت هذا المثل نموذجا لعمل الخوارزمي في الكتاب: وهو قولهم: (ما رأيت الشعانين) قال:
ويقولون لمن استحسن من الوجوهِ غيرَ حَسنٍ، وأُعجِبَ بغير مُعجِبٍ: (ما رأيتَ الشعانين) أي ما حضرت عيداً تشهده الملاحُ، فتراهم فتعرف تصرَّف ما بينهم.
|