حجاز سياحة نامه سي (السياحة الحجازية)
(المؤلف : سليمان شفيق باشا)
هذا الكتاب غير كتاب (سياحت نامه) المشهور الذي ألفه أولياء جلبي. وهو سجل ضخم، باللغة التركية، يضم تقريرا مفصلا عن أوضاع الجزيرة العربية عام (1307هـ) أعده صاحب الرحلة القائد العسكري سليمان شفيق باشا، الذي ولي منصب (متصرفية لواء عسير) (ما بين 1908م و1912م) إبان ثورة الإدريسي. ثم ولاية البصرة عام (1913م) وهو وصاحب (المذكرات) المشهورة والمنشورة على صفحات جريدة الأهرام بترجمة محب الدين الخطيب ما بين (6/ 11/ 1924م الموافق 9/ ربيع الثاني 1343هـ إلى 23/ 1/ 1925م الموافق 28/ جمادى الثانية/ 1343هـ (العدد 14576) وقد أعاد المرحوم حمد الجاسر نشرها على صفحات مجلة العرب (ربيع الأول 1391هـ مايو 1971م ص856). وتدور أحداث هذه المذكرات حول قيام صاحبها أثناء توليه للبصرة بمفاوضة السلطان عبد العزيز آل سعود للحيلولة دون تدهور العلاقة مع الدولة العثمانية بعد دخول عبد العزيز الأحساء، وانتهت المفاوضات بمنح عبد العزيز رتبة الوزارة السامية بفرمان سلطاني عال وولاية نجد وقيادتها وإمارتها على أن تنقل بالإرث إلى أولاده. ثم آل الأمر بسليمان شفيق باشا بعد سقوط الخلافة العثمانية =التي كان هو وزيرا للحربية فيها= للجوء إلى عبد العزيز عام (1926م) ثم رغب بقضاء آخر أعوام حياته في القاهرة، وهناك تزوجت ابنته من الثري المشهور (قليني باشا).
وهو من أسرة (سو يلمز) التي اشتهر منها غالب كمالي، والشاعر تيمور كمالي جد المؤلف، والوالي علي كمالي باشا: والد المؤلف، وهو الوالي الخطير، الذي أسندت إليه عدة ولايات، ومنها: ولاية طرابلس الغرب سنة (1294هـ) وولاية الموصل (1303هـ) وآخرها ولاية قونية (1311هـ) وتوفي وهو واليا عليها يوم 23/ رمضان / 1315هـ وكان قبل ذلك قد عين أميراً للصرة الهمايونية (أي موكب الحاج التركي) سنة (1307هـ) فكان برفقته ولده سليمان شفيق باشا صاحب هذا الكتاب، الذي ألفه ليرفعه =كما يرى البعض= كتقرير عن أوضاع الجزيرة العربية، بتكليف من السلطان عبد الحميد، إشباعا لرغبته في دعم مشروعاته الرامية إلى تقوية أواصر التقارب بين ولايات الدولة العثمانية. إلا أن المصادر التاريخية لا تسعفنا في معرفة ما إذا كان قد ألف كتابه هذا تطوعا أو أنه كان بتكليف رسمي، علما بأن مقدمة الكتاب خالية من كل ما يستدل به على أنه مهمة رسمية. وهو يذكر أنه قدم عمله العلمي هذا إلى مقام السلطان عبد الحميد الثاني بناء على رغبته الشخصية. وفرغ من تأليفه في استنبول يوم (27/ ربيع الأول/ 1310هـ الموافق (18/ 10/ 1892م) ويقع في (385) ورقة. . وقد قام د. سليمان آتشي بتعريب الرحلة وسماها (السياحة الحجازية).
وضم الكتاب معلومات نادرة، اقتنصها المؤلف عبر رحلته الطويلة التي ابتدأها من مدينة استنبول إلى بيروت، ومنها إلى دمشق، ثم إلى الحجاز لأداء فريضة الحج.. واشتمل أيضا على رسومات وخرائط من صنع المؤلف، مرسومة بالألوان المائية، تناهز (40) لوحة. وهذا غير الجداول الإحصائية التي أعدها لكل مدينة يمر بها، فهو في إحصائيته عن جدة يذكر أن فيها (3300) بيت، و(900) دكان و(10) مخازن، ومصبغة واحدة، و(47) طاحونة تدار بالحصان، وطاحونة كبيرة و(47) فرنا، و(40) مقهى، و(30) خانا، ومطعمين، وصيدلية واحدة، ومسمكة وصدفي واحد، وكلاستين، ومسلخا واحدا، وغاز خانه، وإدارة مياه، وقلعة وثكنة وجمرك ومحجر صحي، و(6) مخافر و(5) جوامع كبيرة، و(30) مسجدا، و(7) مقابر، وحمامين خربين، وخزان مياه، ومكتب رشدي، ومكتب صبيان. ثم ذكر إحصاءات لعدد الحجاج الذين وصلوا لأداء فريضة الحج في السنة التي حج فيها، فكان عدد الحجاج (60000) حاج، منهم (35000) من جاوة، و(15000) من الهند، و(5) إلى (6) آلاف حاج تركي ومغربي وألباني وكردي وبخاري وقازاني وفلبيني، والباقي من بلاد إسلامية أخرى..
ويرى د. خليل ساحلي أوغلو أن أهم ما في التقرير هو القسم الأخير منه، إذ لخص فيه ظهور الحركة الوهابية، وتحدث عن حكومتهم في نجد وتوسعهم من بعد ذلك، ويضيف فصلا في زهاء (24) صفحة عن إمارة جبل شُمّر، ويتكلم عن ظهور عائلة ابن رشيد. وتحتفظ مكتبة استنبول بالنسخة الأصلية للكتاب برقم (ت، 4199) ويدل حرف (ت) على أن المخطوط مكتوب بالتركي، وفي هذه المكتبة (9948) مخطوطا باللغة التركية، و(6964) بالعربية، و(1615) بالفارسية، عدا اللغات الأوربية ـــ المرجع: (دراسة حول المخطوط التركي: حجاز سياحتنا مه سي) تأليف عبد الفتاح حسن أبو علية. الرياض: دار المريخ 1983م وانظر (عالم الكتب مج6 ص274) حول نشرة محمد بن أحمد العقيلي لكتاب (مذكرات سليمان شفيق باشا: متصرف عسير). وانظر في نوادر النصوص على الوراق (الحركة الوهابية في مراسلات سلطان بني عثمان وولاته)
|