كتمان السر وحفظ اللسان (المؤلف : الجاحظ) كتمان السر وحفظ اللسان:
رسالة مشهورة. ذكرها ياقوت باسم (رسالة في كتمان السر). إلا أننا نلمس تغيراً واضحاً في أسلوب الرسالة، يبدأ من الفصل الذي افتتحه بقوله (فنريد أن نعلم: لم صار الإنسان على ما منع أحرص منه على ما أبيح) فالكلام في هذه الفصل أشبه بكلام أبي حيان ومسكويه.
وموضوعها: دراسة أسباب ضعف الناس عن كتمان السر، وما الأسرار التي يعجزون عن حفظها، مثل سر الأديان، وأسرار الملوك، ومعايب العظماء. تناول في فصولها آفة الغيبة التي ضرب الله فيها المثل بأكره ما تكرهه النفوس. ونقل فيها فقرة من إنجيل متى (7/ 3) (أيرى أحدكم القذاة في عين أخيه...)
قال: (وبهذه الجبلة التي جبل الناس عليها نقلت الأخبار عن الماضين..ونقشوا خواطرهم في الصخور، واحتالوا لنشر كلامهم بصنوف الحيل..ولولا حلاوة الإخبار لما انتقلت الأخبار.)
وتستوقفنا في الرسالة نصوص تدعو إلى التريث في نسبتها إلى الجاحظ، كاستشهاده بمعنى قول ابن دريد (ت321هـ): (وإنما المرء حديث حسن) وقوله: (والمتفقهون يتأولون في الأيمان السلطانية ما يُلحق بها عند السلطان التهمة..إلخ).
وانفرد بذكر نوادر أديبة، وحكم وأمثال، وأحاديث وأشعار، منها: (ثلاثة في ظل عرش الله، يوم لا ظل إلا ظله) وقصة بهرام والطائر، وقوله: (والطير أيضاً لو سكت لكان خيراً له) وقول أحد الملوك شعراً (ما يريد الناس منا..إلخ).
وصلتنا نسختان من هذه الرسالة: نسخة الأصل، وهي نسخة مكتبة داماد بتركيا. ونسخة بول كراوس وطه الحاجري، وهي مقابلة على نسخة الداماد، وعلى كتاب المختار من كلام الجاحظ لمجهول.
وطبعت لأول مرة ضمن مجموعة تضم أربع رسائل للجاحظ، بتحقيق باول كراوس وطه الحاجري (لجنة التأليف والترجمة والنشر: 1943م) وأعاد المرحوم عبد السلام هارون نشرتها في رسائل الجاحظ (ج1 ص135 حتى172).
|