مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث

بعد صدور روايته <عين الشلال>

يأتي الدكتور إبراهيم نظام الدين فضل الله من الندوات الثقافية، ومن محاضرات قاعات التدريس الجامعي، والمؤلفات الأكاديمية، ليدخل من بوابة روايته <عين الشلال> الحكاية التي هزمت مخرز الإحتلال> الصادرة عن دار الفارابي في العام 2010 ، إلى مملكة الرواية العربية، ليثري السرد الروائي العربي بلغة أكاديمية متخصصة، لأن لديه خبرة طويلة في هذه الدراسات، ومنها دراساته في علم النفس الأدبي، وعلم الإجتماع الأدبي،····· إلخ، إضافة إلى دراساته في قضايا السرد العربي، وأبرزها كتابه <المقاومة في الرواية العربية···

ويتابع في روايته تشريحه لقضايا المقاومين ونسيج العلاقات التي أقاموها بينهم وبين محيطهم، وسوف نتابع سبر أغوار هذا السرد من خلال هذا اللقاء مع الروائي الدكتور إبراهيم فضل الله، الذي بادرنا إلى سؤاله:

ماذا أردت أن تقول من خلال رواية عين الشلال؟

- أنا من القائلين: إن النص الإبداعي هو الذي يعبر عن نفسه لا عن مؤلفه، وإستنادا ً إلى هذا الرأي فإني أقول: إن رواية <عين الشلال> تعالج صراع المقاومة اللبنانية المرير مع المحتلين، من خلال عرض مسيرة نضال أسرة مؤلفة من الأب والأم وطفلهما، من سكان إحدى القرى المحاذية للحدود الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلة

ماهي الدوافع التي جعلتك تلجأ إلى كتابة هذه النوعية من الروايات؟

- لم تكن في بداياتي الأدبية أية مشاريع أوخطط كي أصبح روائياً، فقد كنت منهمكاً في دراسات أكاديمية ومنهجية، تعالج قضايا ادبية متنوعة، وحصل أنني إكتشفت أثناء قيامي بدراسة الإتجاه المقاوم في الرواية العربية، ومن خلال إطلاعي على معظم السرد العربي منذ ولادة فن الرواية العربية، منذ اوائل القرن العشرين حتى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، أن المقاومة التي ناضلت في ساحات جبل عامل والتي جسدت رؤية هذا الجبل، في مقاومة كل محتل عبر التاريخ، لم تأخذ نصيبها الوافي في السرد العربي، لقد فاجأني هذا الفراغ في طرح مثل هذا الموضوع في الرواية العربية على الرغم من وجود الكثير من النصوص السردية التي عالجت قضايا المقاومة الفلسطينية وعلاقاتها مع العامليين، أو النصوص التي تحدثت عن مقاومة العامليين الذين إلتحقوا في صفوف المقاومة الفلسطينية، أو بعض النصوص الروائية التي عالجت قضايا المقاومة التي خاضتها بعض الأحزاب القومية واليسارية، ولما وجدت فراغاً هائلاً في النصوص الروائية التي تعالج قضايا المقاومة ببعدها الشامل، الذي يتضمن قضايا المقاومة عسكرياً وإجتماعياًً وفكرياً····الخ، وخصوصاً المقاومة ببعدها الإسلامي الإيماني، هذا البعد الذي مثلته تلك الشريحة من الشباب المؤمن في العام 1982 قمت بكتابة هذه الرواية التي تغطي في سردها، الأحداث التي حصلت في فترة زمنية تمتد من البدايات الأولى للمقاومة وصولاً إلى حرب تموز في العام 2006·

أفهم من كلامك أن هذه الرواية تاتي ضمن مشروع روائي متكامل، فما هي الخطوات الأدبية المقبلة والمتممة لهذا المشروع؟ - نعم هي جزء من مشروع أدبي متكامل، فأنا عاكف الآن على وضع اللمسات الأخيرة على كتابة دراسة حول المقاومة في الأدب والحضارة والثقافة، كما ان هناك رواية ثانية في طريقها إلى النشر، ستتابع مواكبة مسيرة المقاومة سردياً، وتغطي الرواية الجديدة عمل المقاومة الممتد من عام التحرير في 2000، وصولاً إلى العام 2006 ،

قلت إن روايتك هذه فريدة من نوعها ولم يسبقها نص مماثل من حيث الموضوع والمعالجة، ونحن نعلم، ولا شك أنك أنت أيضاً تعلم أن هناك الكثيرمن النصوص التي عالجت قضايا المقاومة في لبنان، سواء أكانت هذه النصوص لبنانية، أوفلسطينية، أوعربية، ولا داعي لتعداد هذه الأعمال لكثرتها، فكيف تبرر فرادة روايتك؟

- بالتأكيد تمثل عين الشلال فرادة في مضمونها، ولا أبالغ إذا قلت أيضاً إنها فريدة في نوعها الروائي، ويتطلب إيضاح هذا الموضوع شرح جوانب فنية وتقنية وأكاديمية ··· ومن الطبيعي أن شرح هذه القضايا المتشعبة لا يتسع المجال لها في هذا اللقاء كما أنني لا أريد أن أثقل على القارئ بقضايا أكاديمية تحتاج إلى متخصصين للمناقشة وإبداء الرأي،

بعد هذا الشرح المختصر عن فرادة رواية عين الشلال نعود إلى نص الرواية، فأنت تبادرنا في مقدمتها بقولك: <إن هذا النص الذي أقدمه هو نص مشترك بين الواقع والخيال>· فكيف يتداخل الواقع مع الخيال في إنتاج نص إبداعي؟ وماذا أردت أن تقول للقارئ من خلال هذا الكلام؟

- مجرد ان يضع المؤلف كلمة رواية كتعريف لنصه، فإنه يقول للقارئ أن هذا النص هو محض خيال، هذا من حيث المبدأ الأكاديمي، ولكنني في المقابل أعتبر أن ما أنجزته المقاومة في لبنان هو خيال واقعي أو هو واقع خيالي، وبالتالي فإن مثل هذه الإنجازات الخيالية لم يكن أي منّا يحلم أنها ستكون واقعية أبداً·

إن ما أردت قوله لقارئي: إن واقع الجندي الصهيوني الذي لا يقهر، هو من صنع الخيال الرسمي العربي الذي رسخ الهزيمة واقعاً، وجعل النصرفي واقعنا خيالاً، إلى أن جاءت المقاومة في لبنان، فعكست الصورة المعكوسة اصلاً، وبالتالي أعادتها إلى وضعها الطبيعي، فجعلت من حلم النصر الخيالي واقعاً محققاً، ووضعت واقع الجندي الصهيوني القاهر الذي لا يقهر خيالاً، إنها المقاومة التي قوّمت الواقع العربي فحققته، وبذلك أصبح الواقع خيالا ً، وما كان من الخيال أصبح واقعاً حقيقياً، هذه هي الإشكالية التي تعالجها هذه العبارة·

من الواضح أنك تتمتع بقدرة كبيرة على التخيل، وهذا يجرني إلى سؤالك عن البيئة التي كتبت عنها في الرواية، هل هي خيال أم واقع،أي بمعنى آخر هل عائلة سمير والأحداث التي عايشتها، هي عائلة موجودة بالفعل أم كلها من نسج الخيال؟ كما يفتح لي هذا السؤال سؤالاً آخر، وهو أنني لاحظت من خلال قراءة الرواية أنك قد ركزت تركيزاً شديداً على تقنية الإيحاء الداخلي للبطل (سمير)، كيف إستطعت النفاذ إلى ذلك، وهل حياة سمير هي صورة عنك؟

- نعود إلى الإجابة الإولى، فالواقع العام موجود، أي واقع هذه العائلات الجنوبية التي عانت من إختراقات الجيش الإسرائيلي الحدود اللبنانية، كلما رغب في ذلك، ومن الطبيعي أن يترافق ذاك الدخول إلى القرى مع فرار القرويين العزل والمسالمين والفقراء الذين يكدون في حقولهم وبساتينهم، وترك مساكنهم وأرزاقهم، والهرب في الليالي المظلمة الموحشة والباردة، والمبيت بين بساتين التين والعنب والزيتون، كما أن القصف الإسرائيلي المفاجىء للقرى الحدودية طالما كان يحصد أرواح بعض الفلاحين والمزارعين في حقولهم، أو بيوتهم الهشة التي تتساقط عليها أحدث الصواريخ وأطنان المتفجرات، هذا مع العلم أني أنا من مواليد سكان إحدى هذه القرى، وهذا ما جعلني أشاهد جرائم العدو الوحشية في طفولتي، وبما أنني أعتبر شاهد عيان، فإني قد نقلت بعض الصور السردية من واقع مشاهداتي· لماذا إستخدمت هذه التقنية المحددة من الفضاءات المكانية ، كمكان السكن الجديد لسمير في المخيم، أو مكان عمله في الفرن، أو شط البحرعند تعلمه السباحة ··· الخ، فما هي وظيفة هذه التفاصيل الدقيقة في فضاء المكان المتجزء من المخيم إلى الفرن إلى البحر·······؟

- إن تبدل هذه الأمكنة تحديداً وليس غيرها، كان من أجل إستخدام تقنية تنقل السرد من مكان إلى آخر، من أجل عدم سجن الأحداث في فضاء مكاني واحد، لأن الثبات المكاني يعني الجمود والسكون اللذين يؤديان إلى الموت، بينما التنقل من مكان إلى آخر يعني الفعل والحركة،والفعل والحركة يعنيان صخب الحياة، ومن الطبيعي أن يكون فعل المقاومة هو فعل حركة وحياة، إذن إن تبدل هذه الأمكنة المتنوعة بالتحديد وليس غيرها، كان بسبب ما تتضمنه هذه الأمكنة من حركة في أحداثها مثلت أقسى ما يمكن أن يمر به الإنسان في أي مكان آخر، وبالتالي فإن إنتقال سمير من بيته في قريته إلى المخيم، ثم عمله في الفرن، ثم تعلمه السباجة في البحر،···· إلى آخر هذه التنقلات التي مرت عليه، وعانى منها، والتي تسبب بها العدو، إن هذه الأحداث المتنقلة قد جعلته يختزن قوة التصدي لهذا العدو، وبالتالي فإن هذا الإنتقال ومعاناته، قد مكّناه من تحمل أعباء المقاومة التي تختزن الكثير من الجهد والتعب·

لقد إستخدمت الوصف بشكل دقيق ومكثف في الرواية حتى لنجدك تدخل في أدق التفاصيل؟

- لا يمكن أن يتم بناء هيكل الرواية من دون تقنية الوصف، لأن من وظائف الوصف في السرد نقل الموصوف كما هو - سواء أكان هذا الموصوف مكاناً أوشخصا ً - إلى الآخر الذي لا يراه، وبعبارة أبسط فإن وظيفة الوصف هي بعث الحياة في الموصف وإعطاء صورة واقعية عنه، هذا مع العلم أنني إستخدمت تقنية الوصف الذاتي، بحيث يتوحد المكان الموصوف مع ذات الشخصية، وبذلك يسبر الوصف دواخل الشخصية ويعبر عن نفسيتها ومشاعرها من قلق أو حيرة أو إضطراب أو فرح أوبهجة أوسرور، وبالتالي يكون الوصف آداة تعبير داعمة لرؤية الشخصية للأحداث التي تمر فيها·

نلاحظ عند قراءة الرواية أن لغتها مبسطة إلى درجة تمكن من يملك أدنى معرفة بالقراءة من فهم مضمونها، فهل كان ذلك مقصودا ً؟ - هذه ميزة إيجابية في لغة الرواية، ولاتمثل أية سلبية على الإطلاق، بل على العكس فإن الجهد الأكبر الذي يبذله الروائي في إنجاز نصه الإبداعي، يذهب في معظمه نحو إختيار اللغة التي تمكنه من الوصول إلى أكبر شريحة من القرّاء، ولا أخفيك سراً أنني تعمدت الإبتعاد عن الصيغ البلاغة والإنشائية والتشبيهات والكنايات،·······الخ، قدر المستطاع كي يستطيع القارئ العادي أن يفهم المقصود من النص، كما أنني شخصياً لا أستسيغ التقعر اللغوي في السرد، ولذلك قمت بتطويع اللغة في الرواية، بما يتلاءم وموضوعها مع الحفاظ على خيط من شاعرية اللغة·

حوار: انعام الفقيه

المصدر : اللواء اللبنانية