جمال الدين الأفغاني بقلم سليم عنحوري وعبد القادر المغربي
سليم عنحوري (1856م 1934م) من أصدقاء جمال الدين الأفغاني. مولده ومنشؤه في دمشق، زار مصر سنة 1878 واتصل بالخديوي عباس، وأنشأ مطبعة الاتحاد وصحيفة مرآة الشرة، وتعرف بالسيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، ولما أقفلت مجلته عاد إلى دمشق، واشتغل فيها بالمحاماة سنة 1890م ذكر جمال الدين الأفغاني في ديوانه (سحر هاروت) فقال: (يلبس السواد، ويتزيى بزي العلماء، طلي الكلام، ذرب اللسان، مليح النكتة، سمح الكف، طلق المحيا، وقور السمت، يجتنب النساء ويعظم نفسه عن الشهوات، يكره الحلو ويحب المر، وقلما خلت جيوبه من خشب الكينا والراوند، يتنقل بهما تفكها، يأكل الوجبة، مرة كل يوم، ولا يأكل إلا منفردا، يكثر من شرب الشاي والتبغ، وإذا تعاطى مسكرا فقليلا من الكونياك (!) ويكره الكتابة ويتثاقل عنها). وترجم له المرحوم عبد القادر المغربي التونسي فقال في أثناء كلامه عنه: (وأخبره مريدوه الحريصون على تفكيهه وتسليته أن فتاة أوربية لها مشرب في حي الأزبكية تسقي فيه البيرة بيدها، وأنها غاية في الجمال والذكاء والأدب، فقال لهم جمال الدين: هيا بنا إليها، ودخل ورفاقه على الفتاة فإذا هي كما وصفوها جمالا وذكاء، فأشار إليها بعض رفاق السيد وأعلموها بمقامه، فأقبلت عليه بالتأنيس وعذب الكلام، وأقبل هو عليها بالبحث والتفتيش عن خبايا نفسها وأسرار حياتها. الأعلام الشرقية (1/ 371) اختار صاحب (الأعلام الشرقية) هاتين الكلمتين مما كتبه سليم عنحوري وعبد القادر المغربي عن موقظ الشرق جمال الدين الأفغاني نزولا عند رغبة شيخه الشيخ زاهد الكوثري رحمه الله، وهكذا نرى كتاب (الأعلام الشرقية) ما هو في الحقيقة إلا مجمع لأهواء الشيخ زاهد، وأنت إذا قرأت ترجمة الأستاذ الإمام محمد عبده فيه فستراه ليس إلا عميلا للإنجليز، والحال نفسها فيما يخص الشيخ محمد رشيد رضا، الذي افتتح ترجمته بأنه (كردي الأصل) ليكذبه فيما أخبر هو به عن انتسابه لسيدنا الحسين (ر). ولخصومة وقعت بين الشيخ زاهد والشيخ عبد العزيز جاويش أساء الصنيع في ترجمته، وأودع فيها أسوأ ما قيل عن الرجل، وافتتح ترجمته بقوله: التاجر بالإسكندرية ونقل عن محمد بك فريد، صديق الجاويش قوله عنه: (إنه يدعي الوطنية والدفاع عن الإسلام أمام الأتراك، وهي دعوى كاذبة، وأنه لا مبدأ له، ويريد أن يعيش بأي كيفية كانت) من هنا فإن كتاب (الأعلام الشرقية) لا يعتمد عليه في ترجمة كل رجل يخالف الشيخ زاهدا في مشربه ومذهبه وهواه.