في كتاب نهج البلاغة ما فيه من الكلمات التي فرغ الناس من الحديث عنها، ولكني بعد ما نسيت كل محفوظاتي منه، لا يزال نصٌّ أبيٌّ، يلمع كنصل السيف تحت أشعة شمس الظهيرة، وأحفظه كما أحفظ كلمات الأستاذ الإمام محمد عبده. وكنت مفتونا به ردحا من الدهر، ثم بدا لي أنه يشتمل على إساءة للقرآن، فبهت نوره وأفلت بدوره (كما يقال) وهو: (إنّما بدء وقوع الفتن أهواءٌ تتّبع. وأحكام تبتدع. يخالف فيها كتاب الله. ويتولّى عليها رجالٌ رجالاً على غير دين الله. فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخف على المرتادين. ولو أنّ الحقّ خلص من لبس الباطل لانقطعت عنه ألسن المعاندين ولكن يؤخذ من هذا ضغثٌ ومن هذا ضغثٌ فيمزجان). فقوله: (ولو أن الحق خلص من لبس الباطل لانقطعت عنه ألسن المعاندين) كلام باطل، وحاشا أن يكون كذلك والله تعالى يقول: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) فصلت: 42