مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث
أعلام ضائعون: سعيد حليم نموذجا

قرأت في موقع على الإنترنيت مقالا ذهب فيه كاتبه إلى أن الصدر الأعظم سعيد حليم تونسي الأصل (!) قال: (لقد كان خير الدين باشا التونسي من اهم من استلم منصب الصدر الاعظم في زمن السلطان عبد الحميد. ومن ثم استلم سعيد حليم باشا التونسي منصب الصدر الاعظم في عهد المشروطية. وكلاهما عربي. وهذا يشبه ان يتسلم اتراك وزارتين متتاليتين في دولة عربية) ولا أدري من أين أتى كاتب المقال بهذه المعلومة، مع أن سعيد حليم حفيد محمد علي الكبير مؤسس الدولة العلوية بمصر، له ترجمة موسعة سيأتي ذكرها. ولكن بعد التنبيه إلى خطأين، الأول: أن اسمه ورد في فهرس مجلة المنار (سعيد حلمي باشا) وهو تصحيف ظاهر. والثاني: أن المرحوم محمد رشيد رضا ترجم له في مجلة المنار (ج 23 ص 150) فنسب إليه ستة كتب، سماها وعرف بمواضيعها، ودعا إلى ضرورة نشرها وترجمتها إلى مختلف لغات العالم، وما هي في الحقيقة إلا فصول من كتاب واحد، هو كتاب (بحرانلرمز) أي (أزماتنا) وسيأتي الحديث عنه مفصلاً. وقد وضعه باللغة التركية، ولم أعثر له على كتاب وضعه بالعربية، لذلك أحجم خير الدين زركلي عن ترجمته في الأعلام، وربما كان قد أغفل ذكره لأنه في أيام وزارته وقعت الجريمة النكراء في دمشق بإعدام طليعة الشباب العربي فيها. وقد حظي سعيد حليم بمكانة لم تكن تخطر له على بال عندما أقحمه محمد إقبال في ملحمته الخالدة (جاويد نامه) فجعله في مرتبة جمال الدين الأفغاني، وهو يذكر أنه لما هبط على سطح عطارد بصحبة جلال الدين الرومي انضما إلى صلاة الجماعة التي كان جمال الدين الأفغاني (1839 ? 1897م) يؤم فيها سعيد حليم، وبعد أن فرغوا من الصلاة قدم الرومي إقبالا إلى الشيخين على أنه (زنده رود) أي النهر الحي . قال إقبال في (جاويد نامه ص140): (فمضيت مع الرومي حيث شاهدت رجلين يصليان: المقتدي التاتاري سعيد حليم باشا، والأفغاني هو الإمام، فالتفت إلى الرومي فوجدت وجهه يتألق بنور الشوق والسرور، ولا غرو فهو في كل حين يحظى بحالة الحضور والمثول في الحضرة الإلهية، فأدرك الرومي مرامي على الفور وقال لي: (إن الشرق لم ينجب أفضل من هذين الرجلين في القرن التاسع عشر، فلقد تمتع كل منهما بفراسة لا تبارى وتولت أناملهما حل مشكلاتنا. هذا هو سيد السادات مولانا جمال ، في كلامه سحر يبعث الحياة في الحجر والصلصال، وهذا قائد الترك (حليم) المحزون أفكاره في مثل سمو منصبه، إن الصلاة مع هذين الرجلين طاعة حقيقية، ولو أن ثواب هذا العمل (الصلاة) هو الجنة). (رسالة الخلود ص134 وص140) وعلق د. محمد السعيد جمال الدين على كلام إقبال (ص 137) بقوله: (ولكن من هو سعيد حليم باشا? إننا معشر أبناء هذا الجيل لا نكاد نعرف مصلحا إسلاميا بهذا الاسم يقف على قدم المساواة مع جمال الدين ويدلي بأفكار في الإصلاح غاية في القيمة، ويتحدث عن عالم القرآن حديث عاين هذا العالم وعاش فيه، فهل هو اكتشاف جديد خاص بإقبال. ويتابع: (إن كتب التاريخ تحدثنا عن شخصية بهذا الاسم كانت تشغل منصب (الصدر الأعظم) في تركيا أبان الحرب العامة الأولى، ولكنها لم تحدثنا عن الجوانب الإصلاحية البارزة في هذه الشخصية، ولا ما توصلت إليه من آراء خطيرة في الدين والمجتمع على السواء. على أن سعيد حليم لم يكن رجل دولة فحسب وإنما كان مفكرا إسلاميا، أهمته أحوال المسلمين، وكان يجيد العربية وعددا من اللغات الأوربية إجادة تامة، ولاسيما الفرنسية، التي كتب بها عددا من المقالات ترجم بعضها الشاعر التركي محمد عاكف إلى التركية). قال: (ولد سعيد حليم في القسطنطينية سنة 1865م وأبوه إبراهيم حليم الابن الثاني لمحمد علي باشا الذي حكم مصر، قضى الشطر الأول من حياته في مصر، ثم انتقل إلى القسطنطينية حيث ترقى إلى أن وصل إلى منصب وزير للسلطان عبد الحميد، ولكن عبد الحميد ما لبث أن عزله بعد أن قبل رئاسة حزب الاتحاد والترقي، فعاد إلى مصر سنة (1905) ثم سافر إلى القسطنطينية من جديد سنة (1908) بعدما أرغم شباب الحزب المذكور السلطان على إجراء عدد من الإصلاحات ودعوا سعيد حليم ليتولى قيادة الحزب مرة أخرى. وفي سنة (1911) عين قنصلا للدولة، وفي سنة (1912) انتخب رئيسا لحزب الاتحاد والترقي، ثم عهد إليه بوزارة الخارجية، وفي سنة (1913) أصبح الصدر الأعظم لتركيا (رئيس الوزراء). ولما قامت الحرب العالمية أعلن حياد تركيا، لكنه ما لبث أن اضطر إلى إعلان الحرب على بريطانيا بعد إذاعة نصوص المعاهدة السرية بين روسيا وبريطانيا على تقسيم أملاك الدولة العثمانية، وقد هزمت تركيا في الحرب، ودخلت الجيوش البريطانية القسطنطينية سنة (1919) وألقت القبض على سعيد حليم، ونفي إلى جزيرة مالطة، ثم عاد الإنجليز فأطلقوا سراحه بعد عام، واختار الإقامة في روما، وفي (6) ديسمبر سنة (1921) أطلق أرمني متعصب النار عليه فأرداه قتيلا في العاصمة الإيطالية. قال: (وقد عرض سعيد حليم أفكاره الإصلاحية القيمة في كتابه (بحرانلرمز) أي (أزماتنا) وهو يشتمل على فصول في : الحكم النيابي، دعاة التقليد، الأزمة الفكرية، والأزمة الاجتماعية، فصل في التعصب. طبع في استنبول (35- 1338هـ) كما نشر مقالا مطولا تحدث فيه عن روح الإسلام العالمية بعنوان (إسلاملاشمق) أي (الجامعة الإسلامية) عد فيه التعصب الإقليمي والأثرة القومية أخطر المخاطر على المسلمين من حيث كونها بعدا عن روح الإسلام وقال: (إن نهضة الأمة إنما تكمن في التمسك بمبادئ الإسلام). وقد نشر سعيد حليم هذا المقال بعنوان (إصلاح المجتمع الإسلامي) في صورة معدلة باللغة الفرنسية في مجلة (الشرق والغرب) سنة 1921 قبل بضعة أسابيع من اغتياله في روما، وقام مولوي عبد الله بترجمة المقال إلى اللغة الإنجليزية ونشره في عدد إبريل سم مجلة (الثقافة الإسلامية) سنة 1927م التي تصدر في الهند. وربما يكون إقبال قد تعرف على آراء سعيد حليم الإصلاحية من خلال هذا المقال، فقد أفاد منه في التعريف بآراء هذا المصلح في كل من كتابيه: تجديد التفكير الديني (1928) و(جاويد نامه) 1932م. قال: (لقد تحدث إقبال عن سعيد حليم بوصفه زعيما لحزب الإصلاح الديني وزعيما لحركة الدعوة إلى فتح باب الاجتهاد في الشريعة الإسلامية باعتبار أن الإسلام كما يقول سعيد حليم (تنسيق يجمع بين المثالية والواقعية، وليس له وطن ينسب إليه). ويعلق إقبال على هذه الكلمة بقوله: (إن الأثرة القومية ليست في رأي هذا الكاتب البعيد النظر سوى صورة من صور الهمجية) (تجديد التفكير الديني ص179) ويعرض إقبال لأفكار سعيد حليم في الاجتهاد والتجديد في (جاويد نامه) ص163 وينقل عنه قوله: (لن يكون للأمة الإسلامية بعث حقيقي إلا بفتح باب الاجتهاد في الشريعة من جديد ونبذ التعصب للأحكام الشرعية التي قال بها السلف في مسائل الحياة الجارية واضعين نصب أعيننا دائما محكمات القرآن الثابتة التي لا تتغير بتغير العصور). ولسعيد حليم ترجمة في كتاب الأعلام الشرقية لزكي مجاهد (ج1 ص25: الترجمة رقم 15) وفيها أنه حمل بعد مقتله إلى الأستانة ودفن في ضريح السلطان محمود


    * هذه الصفحة من إعداد الباحث زهير ظاظا : zaza@alwarraq.com
نصوص أخرى