ويريد بالأعمى: الشيخ عبد الكريم سلمان (أكبر تلاميذ الشيخ محمد عبده) ولم يكن أعمى وإنما اشتد ضعف بصره لكبره، والحسين: الأمير حسين كامل، الذي أصبح فيما بعد سلطانا لمصر عام (1914) بعد خلع ابن أخيه الخديوي عباس حلمي وإعلان الحماية البريطانية. وعد من سقطات شوقي أنه مدح حسين كامل والإنكليز بعد خلعهم الخديوي عباس ولي نعمته، بقصيدة على عروض قصيدته هذه، ونشرتها الصحف المصرية يوم (21/ 12/ 1914) وذهب شوقي ضيف إلى أن أحمد شوقي قالها نفاقا وخوفا من بطش الإنكليز وحسين كامل. وفيها قوله:
حـلـفاؤنا الأحرار إلا أنهم أرقى الشعوب عواطفا وميولا
لـما خلا وجه البلاد لسيفهم ساروا سماحا في البلاد عدولا
وأتوا بكابرها وشيخ ملوكها مـلكا عليها صالحا مأمولا
يا أكرم الأعمام حسبك أن ترى لـلـعـبرتين بوجنتيك مسيلا
أأخون إسماعيل في أبنائه ولقد ولدت بباب إسماعيلا
إلا أنه لم يستطع في قصيدته هذه أن يكون منافقا مرا، فقال فيها البيتين الذين كانا سبب نفيه من مصر، وهما قوله:
جرت الأمور مع القضاء لغاية وأقـرهـا من يملك التحويلا
وانفض ملعبه وشاهدها على أن الـرواية لم تتم فصولا
وصارت هذه القصيدة حديث الصحف. وغادر مصر إلى برشلونة في أغسطس (1915) حيث قضى هناك خمس سنوات، كانت أخصب سنوات حياته الشعرية. وعاد إلى مصر أوائل سنة (1920م) وذكر قصة نفيه في كتابه (أسواق الذهب) وذكر ذلك ابنه علي في كتابه (أبي شوقي) وفيه أنه أخرج من مصر مع أسرته وجماعة من المغتربين غير المرغوب فيهم، على سفينة تقل ثيرانا للمصارعة مرسلة إلى برشلونة، ولما شارفت السفينة على الغرق في عرض البحر، أصدر القبطان أمره بإلقاء ما تحمله من الثيران لسلامة السفينة. انظر القصيدة كاملة في ديوانه الشوقيات (1/ 214) وهي في كثير من نشرات الشوقيات ساقطة عمدا. ويبدو أن الموسوعة اعتمدت في إصدارها الثالث إحدى هذه النشرات، وتقع القصيدة في (57) بيتا. وانظر في شأنها مجلة الهلال عدد أول يناير 1915م ونشرة الحوفي للشوقيات (1/ 375) ثم لما اطمأنت نفس شوقي في برشلونة جعل يخطب ود الإنكليز، فكتب سنة 1916م همزيته في عبقرية شكسبير ومناقب الإنجليز، وأولها: (أعلى الممالك ما كرسيه الماء) وفيها قوله:
يا جيرة المنش حلاكم أبوتكم ما لم يطوّق به الأبناء آباء
وقوله يصف نجدة الإنكليز:
يُستصرخون ويرجى فضلُ نجدتهم كـأنـهم عرب في الدهر عرباء
وكان ودهم الصافي ونصرتهم للمسلمين وراعيهم كما شاؤوا
ومن إنكليزياته رثاؤه كتشنر، قائد الحملة المشهورة على السودان، وهو يعتذر عن ذلك بقوله:
لا تقولوا شاعر الوادي غوى مـن يـغالط نفسه لا يعتبر
موقف التاريخ من فوق الهوى ومـقام الموت من فوق الهذر
ومن ذلك قصيدته (الله والعلم) قالها سنة 1902م بمناسبة تأجيل تتويج الملك إدوارد السابع لإصابته بدمل، وفيها قوله:
أعـدّ لـهـا إدوارد أعياد تاجه وما في حساب الله ما هو حاسبه
إلى موكب لم تخرج الأرض مثله ولـن يـتـهادى فوقها ما يقاربه
ولكنه لم يصل في الافتتان بالإنكليز إلى رتبة حافظ إبراهيم، الذي كان في الأصل إنكليزي الهوى، وافتتح انكليزياته عام 1901م برثاء الملكة فكتوريا برائيته التي يقول فيها:
يا دولة فوق أعلام لها أسد تخشى بوادره الدنيا إذا زأرا
إذا ابتسمت لنا فالدهر مبتسم وإن كشرت لنا عن نابه كشرا
ثم قصيدته عام 1914م في شكر السلطان حسين كامل على مولاة الإنكليز، وفيها قوله:
ووال الـقوم إنهم كرام ميامين النقيبة حيث حلوا
وليس كمثلهم في الغرب قوم من الأخلاق قد نهلوا وعلّوا
وإن ناديتهم لباك منهم أساطيل وأسياف تسل
ثم قصيدته عام (1915) في استقبال السير مكماهون معتمد بريطانيا، وفيها قوله:
أنـتـم أطباء الشعو ب وأنبل الأقوام غايه
ولكن كل ذلك لم يمنعه من أن يشد على يد سعد لما تغيرت الأحداث عام (1924م) في قصيدته التي يقول فيها: