قال أبو الفرج الأصفهاني في كتابه: (الأغاني) في أخبار الأحوص: (كان عبد الحكم بن عمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحي قد اتخذ بيتاً فجعل فيه شطرنجاتٍ ونرداتٍ وقرقاتٍ ودفاتر فيها من كل علم، وجعل في الجدار أوتاداً، فمن جاء علق ثيابه على وتدٍ منها، ثم جر دفتراً فقرأه، أو بعض ما يلعب به فلعب به مع بعضهم. قال: فإن عبد الحكم يوماً لفي المسجد الحرام إذا فتًى داخلٌ من باب الحناطين، باب بني جمح، عليه ثوبان معصفران مدلوكان وعلى أذنه ضغث ريحانٍ وعليه ردع الخلوق، فأقبل يشق الناس حتى جلس إلى عبد الحكم بن عبد الله؛ فجعل من رآه يقول: ماذا صب عليه من هذا! ألم يجد أحداً يجلس إليه غيره! ويقول بعضهم: فأي شيء يقوله له عبد الحكم، وهو أكرم من أن يجبه من يقعد إليه! فتحدث إليه ساعةً ثم أهوى فشبك يده في يد عبد الحكم، وقام يشق المسجد حتى خرج من باب الحناطين؛ قال عبد الحكم: فقلت في نفسي: ماذا سلط الله علي منك! رآني معك نصف الناس في المسجد ونصفهم في الحناطين؛ حتى دخل مع عبد الحكم بيته، فعلق رداءه على وتدٍ وحل أزراره واجتر الشطرنج وقال: من يلعب? فبينا هو كذلك إذ دخل الأبجر المغني، فقال له: أي زنديق ما جاء بك إلى هاهنا? وجعل يشتمه ويمازحه. فقال له عبد الحكم: أتشتم رجلاً في منزلي! فقال: أتعرفه? هذا الأحوص، فاعتنقه عبد الحكم وحياه. وقال له: أما إذا كنت الأحوص فقد هان علي ما فعلت). وانظر في البطاقة التالية ترجمة عبد الحكم الجمحي ومشاهير رجلات جمح في التاريخ.