مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث
رأي الجاحظ في أمية النبي (ص)

قال الجاحظ معقبا على النص السابق، في البطاقة السابقة:(وكان شيخٌ من البَصريِّين يقول: (إنَّ اللَّه إنما جعل نبيَّه أُمِّيّاً لا يكتُب ولا يحسُب ولا ينسِب، ولا يَقرِض الشِّعر، ولا يتكلَّف الخَطابة، ولا يتعمَّد البلاغة، لينفرد اللَّه بتعليمه الفقهَ وأحكامَ الشريعة، ويَقصُره على معرفة مصالح الدِّين دونَ ما تتباهى به العرب: من قِيافة الأثر والبشر، ومن العلم بالأنواء وبالخيل، وبالأنساب وبالأخبار، وتكلُّف قولِ الأشعار، ليكون إذا جاء بالقرآن الحكيم، وتَكلَّم بالكلام العجيب، كان ذلك أدلَّ على أنه منَ اللَّه، وزعم أنّ اللَّه تعالى لم يمنعه معرفةَ آدابهم وأخبارهم وأشعارهم ليكون أنقَصَ حظّاً من الحاسب الكاتب، ومن الخطيب النَّاسب؛ ولكن ليجعله نبيّاً، وليتولَّى من تعليمه ما هو أزكى وأنمى، فإنما نَقَصَه ليزيدَه، ومنعَه ليعطيَه، وحَجبه عن القليل ليجلِّيَ له الكثير، وقد أخطأ هذا الشيخُ ولم يُرِدْ إلا الخير، وقال بمبلغ علمِه ومنتهى رأيه، ولو زعم أنّ أداة الحسابِ والكتابة، وأداةَ قرضِ الشّعر ورواية جميع النَّسَب، قد كانت فيه تامّة وافرة، ومجتمعة كاملة، ولكنه صلى الله عليه وسلم صرَف تلك القُوَى وتلك الاستطاعة إلى ما هو أزكى بالنبوّة، وأشبَه بمرتبة الرسالة، وكان إذا احتاجَ إلى البلاغة كان أبلغَ البلغاء، وإذا احتاجَ إلى الخطابة كان أخطب الخطباء، وأنسبَ من كلِّ ناسب وأقوَف من كل قائف، ولو كان في ظاهره، والمعروف من شأنه أنه كاتب حاسب، وشاعر ناسب، ومتفرِّس قائف، ثم أعطاه اللَّه برهاناتِ الرسالة، وعلاماتِ النبوّة - ما كان ذلك بمانع من وجوب تصديقه، ولُزوم طاعته، والانقياد لأمره على سخطهم ورضاهم، ومكروههم ومحبوبهم، ولكنه أراد ألاّ يكون للشاغب متعلق عما دعا إليه حتى لا يكون دونَ المعرفة بحقه حجابٌ وإن رقّ، وليكون ذلك أخفَّ في المؤونة، وأسهل في المِحْنة، فلذلك صرَفَ نفسَه عن الأمور التي كانوا يتكلفونها ويتنافسون فيها، فلما طال هِجْرانُه لقرض الشعر وروايته، صار لسانُه لا ينطلِق به، والعادة توأم الطبيعة، فأما في غير ذلك فإنه إذا شاء كان أنطَقَ من كل مِنطيق، وأنسبَ من كل ناسب، وأقوَف من كل قائف، وكانت آلته أوفَرَ وأداته أكمل، إلاّ أنها كانت مصروفة إلى ما هو أردُّ، وبين أن نضيف إليه العجز، وبين أن نضيف إليه العادة الحسنة وامتناع الشيء عليه من طول الهجران له، فرقٌ. ومن العَجَب أنّ صاحب هذه المقالة لم يرَه عليه السلام في حال مَعجزةٍ قط، بل لم يره إلاّ وهو إنْ أطاَلَ الكلامَ قصَّر عنه كل مُطيل، وإن قصّر القولَ أتى على غاية كل خطيب، وما عَدِم منه إلاّ الخطَّ وإقامةَ الشّعر، فكيف ذهب ذلك المذهبَ والظاهرُ من أمره عليه السلام خلاف ما توهّم)


    * هذه الصفحة من إعداد الباحث زهير ظاظا : zaza@alwarraq.com
نصوص أخرى