مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث
زمهرير الزرادُشتية وردود الجاحظ

تميزت الزرادُشتية من بين الديانات بأن جعلت مصير الكافرين يوم القيامة إلى ليالي الزمهرير الباردة، وليس إلى نار ولا جحيم. وليس في القرآن ما يمنع تعدد أجناس العقاب الإلهي، وقوله تعالى عن مصير الصالحين: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ) يفهم منه أن الكافرين يرون مثل ذلك. قال الجاحظ أثناء حديثه عن النار في كتابه (الحيوان): (وزعم أصحاب الكلام أن زَرَادُشت جاء من بَلْخ، وادعى أن الوحي نزل عليه عَلَى جبال سيلان، وأنه حين دعا سكان تلك الناحية الباردة، الذين لا يعرفون إلا الأذى بالبرد، ولا يضربون المثل إلا به؛ حتى يقول الرجل لعبده: لئنْ عدتَ إلى هذا لأنزعنَّ ثيابك، ولأقيمنَّك في الريح، ولأُوقفنَّك في الثلج. فلما رأى موقِع البردِ منهم هذا الموقع، جعل الوعيد بتضاعُفِه، وظنَّ أنّ ذلك أزجَرُ لهم عما يكره. وزَرادُشت في توعده تلك الأمة بالثلج دون النار، مُقِرٌّ بأنه لم يُبعث إلا إلى أهل تلك الجبال، وكأنه إذا قيل له: أنت رسول إلى من? قال لأهل البلاد الباردة، الذين لابدّ لهم من وعيدٍ، ولا وعيدَ لهم إلا بالثلج. وهذا جهلٌ منه، ومن استجاب له أجهلُ منه.... والثلج يُؤْكَلُ ويشرب، ويُقضم قضماً، ويمزَج بالأشربة، ويدفن فيه الماء وكثير من الفواكه. وربما أخذ بعض المترفين القطعة منه كهامَة الثور، فيضعها عَلَى رأسه ساعة من نهار، ويتبرّد بذلك... والثلج قد يداوَى به بعض المرضى، ويتولد فيه الدود، وتخوضه الحوافرُ، والأظلاف، والأخفاف، والأقدام، بالليل والنهار، في الأسفار. وفي أيام الصيد يهون عَلَى من شرِب خمسة أرطال نبيذ أن يعدوَ عليه خمسة أشواط. وقد عارضني بعض المجوس وقال: (فلعلَّ أيضاً صاحبكم إنما توعَّد أصحابه بالنار، لأن بلادهم ليست ببلاد ثلج ولا دَمقَ، وإنما هي ناحية الحرور والوهَج والسَّموم، لأن ذلك المكروه أزجر لهم) فرأي هذا المجوسي أنه قد عارضني ؛ فقلت له: إن أكثر بلاد العرب موصوفة بشدة الحر في الصيف، وشدة البرد في الشتاء؛ لأنها بلاد صخور وجبال، والصخر يقبل الحر والبرد ولذلك سمت الفرس بالفارسية، العرب والأعراب: كَهْيَان، والكَه بالفارسية هو الجبل، فمتى أحببت أن تعرف مقدار برد بلادهم في الشتاء وحرِّها في الصيف، فانظر في أشعارهم، وكيف قسَّموا ذلك، وكيف وضعوه لتعرف أن الحالتين سواء عندهم في الشدة. .... ردٌّ آخر على المجوس وحجةٌ أخرى عَلَى المجوس، وذلك أن محمداً صلى اللّه عليه وسلم، لو كان قال: لم أُبعثْ إلا إلى أهل مكة - لكان لهم متعلق من جهة هذه المعارضة، فأما وأصل نبوَّته، والذي عليه مخرجُ أمرهِ وابتداءُ مبعثه إلى ساعة وفاته، أنه المبعوث إلى الأحمر والأسود، وإلى الناس كافة، وقد قال اللّه تعالى: "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي رَسُولُ اللّه إلَيْكُم جَمِيعاً" وقد قال تعالى: "نذِيراً لِلْبَشَرِ" فلم يبق أن يكون مع ذلك قولهم معارضة، وأن يُعَدّ في باب الموازنة).


    * هذه الصفحة من إعداد الباحث زهير ظاظا : zaza@alwarraq.com
نصوص أخرى