اقترح علي قديما شيخنا الأستاذ جودت سعيد أن أقوم بجمع النصوص المهملة، وذلك أثناء زيارتي له في (بير عجم) عام (1985م) وأراد بالنصوص المهملة: الأحاديث الصحيحة التي لا تزال في زوايا الإهمال، وقد دلل على ذلك بنصوص كثيرة، أذكر منها الحديث الذي يبيح تأجيل صلاة الظهر إلى آخر وقتها في اليوم الشديد الحر، ونصه كما في البخاري: عن أبي هريرة: أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " رواه مسلم: في كتاب الصلاة: باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر: رقم (1394). ومن ذلك الأحاديث التي تبيح للمسلمين عدم الذهاب إلى المسجد للصلاة في الليلة الباردة والمطيرة، (عن ?نَافِعٌ ?قَالَ : ?أَذَّنَ ?ابْنُ عُمَرَ ??فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ ? ?بِضَجْنَانَ ،? ?ثُمَّ قَالَ : صَلُّوا فِي ?رِحَالِكُمْ ?، ?فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ?صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ? ?كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ ??: " أَلَا صَلُّوا فِي ??الرِّحَالِ ?" فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ . رواه البخاري (616) ، ومسلم (699) . والحديث: (?عَنْ ?عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ??أَنَّهُ ?قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ : إِذَا قُلْتَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ ? ?مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ?، ?فَلَا تَقُلْ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، قُلْ ?: ?صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ ، قَالَ : فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا ، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، إِنَّ الْجُمُعَةَ ?عَزْمَةٌ ? ، ?وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ ? ?وَالدَّحْضِ . رواه البخاري (632) ، ومسلم (697) واللفظ له . واختلف الفقهاء هل تكون (صلوا في رحالكم) بدلا من (حي على الصلاة) أم تكون زيادة على الأذان في آخره، وأجاز الشافعي الوجهين في (الأم) كما حكاه النووي في شرح الحديث. قال جودت: فأي مؤذن يقوى في هذه الأيام على تطبيق هذا الحديث، فيختم أذانه بقوله: صلوا في رحالكم. وفي (تذكرة الفقهاء) المسألة 533: (يجوز ترك الجماعة للعذر وإن لم تكن واجبة، ويكره لغير عذر. والعذر: عام، كالمطر والوحل والريح الشديدة في الليلة المظلمة، وشدة الحر، لانه عليه السلام كان يأمر مناديه في الليلة المظلمة والليلة ذات الريح: (ألا صلوا في رحالكم)(1).وقال عليه السلام: (إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال)(2).وقال عليه السلام: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالظهر)3. 1- صحيح البخاري 1: 163، سنن أبي داود 1: 279 / 1062، سنن النسائي 2: 111، سنن البيهقي 3: 70 - 71. 2- سنن أبي داود 1: 278 / 1059.. 3- سنن ابن ماجة 1: 222 / 678، الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 281 / 845 ثم رأيت على موقع http://www.iraqirabita.org/index.php?do=article&id=2092 أن المسلمين في بغداد شرعوا في تطبيق هذا الحديث بسبب فوضى الحرب، ويمكن للأخوة الكرام الاستماع إلى ذلك في الموقع المشار إليه. وبالقرب من صورة المئذنة تعليق هذا نصه: (انقر على الملف الصوتي للاستماع للعبارة التي يرددها مؤذنو مساجد بغداد بعد الانتهاء من الأذان، وذلك استجابة لفتوى هيئة علماء المسلمين والحزب الاسلامي العراقي وديوان الوقف السني ...إلخ) وقرأت في موقع على الشبكة جوابا على سؤال، في مسألة الإبراد، ونصه: (عند المالكية يستحب الإبراد لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة (قال الإمام مالك إن أفضل الأوقات أولها إلا صلاة الظهر في المناطق الحارة فأفضل الوقت أخره والأفضل التأخير) وعندنا في اليمن في صنعاء مناطق معتدلة لم يتشد الحر فيها لكن في مناطق مثل الحديدة وعدن وحضرموت مناطق حارة فإذا اشتد الحر فليبردوا وهي رخصة أو سنة وفي مناطق المغرب العربي وكلهم مالكيون تجدونهم يؤخرون الظهر عملاً بمذهب الإمام مالك بن أنس ودليله حديث الإبراد وهو حديث صحيح.