نسخة اليمين التي أداها شريف مكة للملك المنصور قلاوون
ذكر هذه اليمين النادرة القلقشندي في (صبح الأعشى) قال: (وهذه نسخة يمين حلف بها الأمير نجم الدين أبو نمي (*) أمير مكة المشرفة، في الدولة المنصورية لقلاوون الصالحي، في شعبان سنة إحدى وثمانين وستمائة. ونسختها على ما ذكره ابن المكرم في تذكرته بعد استيفاء الأقسام: (إني أخلصت نيتي، وأصفيت طويتي، وساويت بين باطني وظاهري في طاعة مولانا السلطان الملك المنصور، وولده السلطان الملك الصالح، وطاعة أولادهما وارثي ملكهما، لا أضمر لهم سوءاً ولا غدراً في نفس ولا ملك ولا سلطنة. وإنني عدو لمن عاداهم، صديق لمن صادقهم؛ حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم. وإنني لا يخرجني عن طاعتهما طاعة أحد غيرهما، ولا أتلفت في ذلك إلى جهة غير جهتهما، ولا أفعل أمراً مخالفاً لما استقر من هذا الأمر، ولا أشرك في تحكمهما علي ولا على مكة المشرفة وحرمها وموقف جبلها زيداً ولا عمراً. وإنني ألتزم ما اشترطته لمولانا السلطان ولولده في أمر الكسوة الشريفة المنصورية الواصلة من مصر المحروسة وتعليقها على الكعبة الشريفة في كل موسم، وأن لا يعلوها كسوة غيرها، وأن أقدم علمه المنصور على كل علم في كل موسم، وأن لا يتقدمه علم غيره، وإنني أسهل زيارة البيت الحرام أيام مواسم الحج وغيرها للزائرين والطائفين والبادين والعاكفين، والآمين لحرمه والحاجين والواقفين. وإنني أجتهد في حراستهم من كل عاد بفعله وقوله، ومتخطف للناس من حوله. وإنني أؤمنهم في سربهم، وأعذب لهم مناهل شربهم؛ وإنني والله أستمر بتفرد الخطبة والسكة بالاسم الشريف المنصوري، وأفعل في الخدمة فعل المخلص الولي، وإنني والله والله أمتثل مراسيمه امتثال النائب للمستنيب، وأكون لداعي أمره أول سامع مجيب. وإنني ألتزم بشروط هذه اليمين من أولها إلى آخرها لا أنقضها. --------------------------------------------------------------------------------------------- * أبو نمي هذا واسمه (محمد بن أبي سعد ابن قتادة) أشهر رجالات بني قتادة في عصره، توفي يوم الأحد (4/ صفر/ 701هـ) ومدة إمارته أربعون سنة، قال ابن تغري بردي: (وكان يقال: لولا أنه زيدي لصلح للخلافة لحسن صفاته) وهو من أجداد الشريف حسين صاحب الثورة على العثمانيين.