نحن نأسف هنا لإصدار مجمع اللغة العربية في دمشق ديوان فتيان الشاغوري بتحقيق أحمد الجندي، الذي لم يكن التحقيق الأدبي من صناعته أصلاً، وإنما عداده في الندماء الظرفاء، وقد اخترنا له فصلا مطولا من كتابه (من لهو الأيام) انظره في نوادر النصوص. وأضرب هنا عدة أمثلة على أوهامه وعثراته في تحقيق ديوان فتيان الشاغوري. فقد قال معلقا على قول فتيان في هجاء أهل الزبداني: (وبالزبداني رأينا الخلاط ... خلاطا وكم دونها بكتمر).. قال: (خالطه مخالطة وخلاطا: مازجه وداخاه وعاشره، وللكلمة معان أخرى كثيرة يرجع فيها إلى معاجم اللغة، و(بكتمر): كلمة دخيلة لم نهتد إلى المقصود منها. قلت: أما بكتمر فهو صاحب مدينة خلاط، وكان غلاما لصاحبها، فلما مات تملك بعده في خبر طويل، وأظهر الشماتة والفرح بموت السلطان صلاح الدين، انظر ترجمته في (الوافي) على الوراق. ثم إن فتيان مدح موسى الأشرف بالقصيدة السينية، وذكر فيها فتحه لمدينة خلاط (ص222) وهو قوله (سائل خلاط به غداة تنمرت..لإلخ) ومن ذلك تعليقه على قول فتيان في القطعة ص213: (لإحياء إعناء وإفناء إعواز) قال: الإعناء: من العناء والتعب. قلت بل هي (الإغناء) بالغين المعجمة، وكيف يمدح الملك بأنه يحيي التعب ويميت الفقر. وفي تعليقه على البيت (9) ص519: (إني إلى وصلها عين الفقير فإن .. تعنني بقريض فهي تغنيني) قال: تُعنّني: تشتمني، من عنّ عنّاً. قلت: (بل هي تغنني، من الغناء). وفي شرحه (ص625) للبيت (أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا) وهو تضمين للحديث النبوي المشهور، ولكن الجندي جعل (إقلالا) (إفلالا) بالفاء وشرحها بقوله: فُلّ الرجل إفلالا: ذهب ماله. وقال (ص555) في شرح كلمة (الإقسيس): (قائد من قواد الصليبيين) ثم استدرك ذلك في جدول الخطأ والصواب بأنه لقب الملك الكامل الأيوبي. قلت: (بل هو لقب ابنه المسعود يوسف). وفي (ص543) وقال يرثي الأمير أسعد الدولة. قلت: (الصواب: سعد الدولة) وفي (ص592) البيت (ملك لدى الحرب تستجدي الملوك له ... ذلا وفي السلم تستجدي أياديه) الصواب في تستجدي الأولى انها تستخذي، أي تخضع. البيت (10) ص538 (الصواب ضم الباء في (البر) الأولى وفتحها في الثانية. البيت (4) ص599 ليس صحيحا ما ذهب إليه الجندي في تفسير كلمة راقيها في البيت بأنه الراقي من الرقية التي هي التعويذة، وإنما المقصود الرقي والصعود، والبيت (فيها ثمانية الأبواب تضمن جنة عروشا لقاريها وراقيها). وفي (ص224) في شرحه لقول فتيان في مدح موسى الأشرف: (فيرمي انكبارا بانكدار إلى لظى ... ويركس في قعر المنية مركيسا).. قال: (انكبار: اسم لم نعثر له على ترجمة في المعاجم، ومركيس: تصحيف لكلمة مركيز الفرنجية، وهي لقب للوجاهة... ومن ذلك ضبطه كلمة (صبي) بالرفع في قول فتيان (ص234) (وإنسان عيني صبي بمهد) والصواب أنها مجرورة على الإضافة، و(إنسان) معطوفة على خبر كأن في البيت الذي سبقه وليس مبتدأ كما ذهب إليه الجندي. وفي (ص296) (...الملك الظاهر خضر بن صلاح الدين) وفي البيت (10) في الصفحة (297) قلت: بل هو الملك الظافر. وقال معلقا على البيت (4) (ص264) البيت من بحر الدوبيت. قلت: بل هو من بحر السلسلة. وفيه (ص272 البيت 5) (نقطف من وجهه جنى الحسن فيزداد كلما قطفنا) لم ينبه الجندي إلى سقوط كلمة (جنة) بعد (جنى) وهو من المنسرح. وفيه (309) البيت (9) (وحروف ابن البواب..إلخ) قال: ابن البواب خطاط معروف زمن صلاح الدين. قلت: بل توفي ابن البواب سنة (423هـ) قبل مولد صلاح الدين بتسع سنين. وفي (ص258) البيت: (عَلَيَّ لقت جلت أياديك كثرة) الصواب (علِيٌّ) اسم علم. ومثل هذه الأخطاء ما لا يحصى في الديوان، وأنا أورد هنا بعض هذه الأغاليط مع ذكر صوابها: ص313 البيت 5 : صخْب: الصواب كسر الخاء. ص373 البيت 3 : وسحر العلم: الصواب وببحر العلم. ص 397 البيت 6 : كرُج: الصواب تسكين الراء ص408 البيت 9 : قال الجندي في شرح البيت: خطائي جمع خطايا. والصواب أنها نسبة إلى إقليم الخطا الذي تنسب إليه ظباء المسك. ص 435 البيت 8 : قال الجندي في شرح (يحدى) حدي بالمكان يحدى لزمه. قلت: بل هي يُحذى، بالذال المعجمة ص443 البيت 5: الجدوث: الصواب الحدوث، بالحاء المهملة. ص 459 البيت 8: ومن لحظه المحتر، قال: (لم نعثر على هذه الصيغة بالذات، ورجحنا أنها من: حتر الشيء يحتره إذا أحد النظر فيه، ولها معان أخرى). قلت : (بل هي المعتز) ص461 السطر 4: الصواب عبد الرحيم وليس عبد الرحمن. ص485 قال معلقاً على قول فتيان في التغزل بفتاة: (دامة بل دمية في هيكل البيعة الروم لديها ساجدين) الدامة: هي اللعبة المعروفة الشبيهة بالشطرنج ووجدناها في المعاجم بالألف داما) قلت: لعل الكلمة في الأصل (ديمة) ص508 قال شارحا البيت (يغلق النشاب): الغلق سهم في الميسر وهو السابع وجمعه مغالق، وهي التي تغلق الحظ فتوجه للمقامر الفائز. قلت (بل المراد بالغلق ما حكاه ابن منظور، قال في اللسان: (ويقال لكل شيء نشب في شيء فلزمه قد غلق). وانظر ما أفردناه بالبحث في شرحه لمعنى كلمة (شاذروان) في مجالس الوراق. حيث جعل الجندي (شاذروان الجامع الأموي) منتزه الشادروان في ظهر الهامة. (!).