في كتاب (الحيوان) للجاحظ كلام طريف حول ألاعيب مسيلمة الكذاب التي كان يخدع بها الناس، وأنه أتقن فن السحر وكل ما يتصل به من فنون الخدع العجمية والعربية. وفيه أنه كان يصنع راية من رايات الصبيان التي تصنع من الورق الصيني، فيجعل لها الأذناب والأجنحة، ويعلق في صدورها الجلاجل، ويرسلها يوم الريح بالخيوط الطوال الصلاب...إلخ. وقد حكى الجاحظ هذا الخبر في تعليقه على البيت: (بِبَيْضَةِ قَارُورٍ وَرَايَةِ شَادنٍ... وتوصيل مَقصوصٍ من الطيرِ جادِفِ).. قال: هذا شعرٌ أنشدَنَاهُ أبو الزَّرقاء سَهْمٌ الخثعمي منذُ أكثَرَ من أربعينَ سنة، والبيتُ من قصيدةٍ قد كان أنشدنيها فلم أحفَظْ منها إلاّ هذا البيت. فذكر أنَّ مسيلمة طاف قبلَ التنبِّي، في الأسواق التي كانت بين دُور العجم والعرَب، يلتقُون فيها للتسوُّق والبياعات، كنحو سُوق الأَُبُلّة، وسوق لقه، وسوق الأنبار، وسوق الحِيرة. قال: وكان يلتمس تعلُّم الحِيَل والنِّيرَجَات، واختيارات النُّجوم والمتنبئين، وقد كان أحكَمَ حِيَل السّدَنَةِ والحُوَّاءِ وأصحابِ الزَّجْر والخطّ ومذهبَ الكاهنِ والعَيَّاف والسَّاحر..إلخ.