القِمَطْر: على وزن هزبر: وعاء من قصب أو جلد، يتخذ لصيانة الكتب، ويرفع عن الأرض أو يعلق على الجدار، مخافة الأرضة والقوارض. وهي كلمة تخص الكتب فقط، كما سنرى، وكونها على وزن هزبر هو الصحيح، وبذلك وردت في ديوان أبي نواس، وهو قوله: (جَوفَ بَيتٍ مِنها خَواءٍ خَرابٍ ... ذَهَبَ السَيلُ مِنهُ شَطراً بِشَطرِ)... (عَدِمَ المُؤنِسينَ غَيرَ كَراري سَ يُسَلّينَ هَمَّهُ في قِمَطرِ)... ولكن العوام في دمشق يحكونها بكسر القاف وتشديد الميم المفتوحة وتسكين الطاء، وكذا هو في اللهجة الشنقيطية القديمة، كما حدثني الأستاذ محمد ولد عبدي الشنقيطي. وفي الصحاح للجوهري: والقِمَطْرُ والقِمَطْرَةُ: ما يُصان فيه الكتب ونقل عن ابن السكيت قوله: (ولا يقال بالتشديد) وأنشد: (ليسَ بِعلمٍ ما يَعى القِمَطْـرُ ما العِلْمُ إلا ما وعاهُ الصَدرُ )... وقد وردت اللفظة في القصيدة الساسانية مشددة، على اللهجة العامية، قال: (ومن يروي الأسانيد وحشو كلِّ قمَّطر)... ويلاحظ أن الثعالبي سكت عن تفسيرها لشهرة معناها.
# وفي (الأم) للشافعي: (ويتولى القاضي ضم الشهادات ورفعها لا يغيب ذلك عنه ويرفعها في قمطر ويضم الشهادات وحجج الرجلين في مكان واحد مترجمة بأسمائهما والشهر الذي كانت فيه ليكون أعرف له إذا طلبها). قال النووي في الروضة (في الأدب السابع من جامع آداب القضاء): قمطر: هو السفط الذي يجمع فيه المحاضر والسجلات. وفي (تهذيب التهذيب) لابن حجر: وعن علي بن المديني قال صنفت المسند على الطرق مستقصى وجعلته في قراطيس في قمطر كبير ثم غبت عن البصرة ثلاث سنين فرجعت وقد خالطته الأرضة فصار طيناً فلم أنشط بعد لجمعه.
# وفي (لسان الميزان) لابن حجر: في ترجمة أبي القماطر، قال: (أبو القماطر صاحب التاريخ: كنيته أبو بكر وأبو القماطر لقبه. قال الحاكم في التاريخ سمعت أبا العباس السياري يقول سمعت محمد بن عمير يقول كنا نلقب أبا بكر صاحب التاريخ أبا القماطر وذلك أن الناس يسرقون حديثاً أو حديثين وهذا كان يسرق قمطراً قمطراً..)
# قال ابن خلكان في ترجمة يحيى ابن معين: وخلف من الكتب مائة قمطر وثلاثين قمطراً وأربعة حِباب شرابية مملوءة كتباً. والحِباب جمع حُب: الجرة الضخمة. وفيه في ترجمة أبي نواس: (وقال إسماعيل بن نوبخت: ما رأيت قط أوسع علماً من أبي نواس، ولا أحفظ منه مع قلة كتبه، ولقد فتشنا منزله بعد موته فما وجدنا له إلا قمطراً فيه جزاز مشتمل على غريب ونحو لا غير.)
# وفي (معجم الأدباء) في أخبار أبي خليفة القاضي: وقد أحس بوجود لص في بيته. قال: خرج أبو خليفة إلى صحن الدار وقال: أيها اللص، مالك ولنا? إن أردت المال فعليك بفلان وفلان، إنما عندنا قمطران: قمطر فيه أحاديث، وقمطر فيه أخبار. وفيه في ترجمة الواقدي: وقيل كان له ستمائة قمطر كتب.
# وفي المنتظم لابن الجوزي: قال عبد الله بن وهب الدينوري: كنا نذاكر إبراهيم بن الحسين بالحديث فيذاكرنا بالقمطر، وكان يذاكر بالحديث الواحد فيقول عندي منه قمطر. وفيه في أخبار أبي بكر الجعابي قوله: سمعت أبا بكر الجعابي يقول: دخلت الرقة وكان لي ثم قمطر من كتب، فأنفذت غلامي إلى ذلك الرجل الذي كتبي عنده، فرجع الغلام مغموماً فقال: ضاعت الكتب، فقلت: يا بني لا تغتم، فإن فيها مائتا ألف حديث لا يشكل علي منها حديث لا إسناداً و لا متناً.
# وفي تاريخ الذهبي في أخبار بشر الحافي: قول إبراهيم بن هاشم : دفنّا لبشر ثمانية عشر ما بين قمطر إلى قوصرة، يعني من الحديث. وفيه: وقال إسحاق الموصلي: دخلت على الأصمعي أعوده، وإذا قمطرٌ، فقلت: هذا علمك كله? فقال: إن هذا من حقٍّ لكثير.
# وفي (بغية الطلب) لابن العديم، في أخبار إسحق الموصلي قول ابن الجراح: وسألته عما عنده من الكتب، فقال عندي مائتا قمطر. وفيه: وقال علي بن حرب كنا ندخل على قاسم الجرمي وما في بيته إلا قمطر فيها كتب على خشبة في الحائط ومطهرة يتطهر منها وقطيفة ينام عليها.
# وفي تاريخ بغداد، في قصة أبي زرعة ومذاكرته للصائغ قوله لابن أخيه: (اذهب فادخل بيت الكتب فدع القمطر الأول والقمطر الثاني والقمطر الثالث وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر) .