مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث
صلاح الدين يوافق على زواج أخيه الملك العادل من أخت ريتشارد قلب الأسد

صلاح الدين يوافق على زواج أخيه الملك العادل من الملكة (جوانا) أخت ريتشارد قلب الأسد، مقابل أن تضع الحرب أوزارها بين المسلمين وأمم الفرنجة.. ذكر هذه القصة العديد من الكتاب والمؤرخين_ كما ترى ذلك في قائمة المراجع _ وفي مقدمتهم ابن شداد في (النوادر السلطانية) والعماد الأصفهاني في (الفتح القسي). وخلاصة القصة أن ريتشارد قلب الأسد - وكان في الثالثة والثلاثين من عمره - لما قدم بحملته إلى بيت المقدس وفي نيته معاقبة المركيس(1) مرَّ أثناء طريقه على صقلية ليصطحب معه أخته (جوانا) أرملة ملك صقلية إلى بيت المقدس، حيث أوصلته المفاوضات مع صلاح الدين إلى أن يتقدم برغبته في مصاهرة الملك العادل يوم 29/ رمضان/ 587 الموافق 20/ إكتوبر/1191 ولما تدخلت القساوسة في تحذير (جوانا) من مغبة ذلك قال ريتشارد للملك العادل: لا سبيل إلى ذلك إلا أن تدخل في دين أختي، أو أزوجك ابنة أخي، وهي بكر، لا تحتاج إلى موافقة البابوية، فأبى ذلك العادل. (رواية ابن شداد لهذه الحديث): قال في النوادر السلطانية تحت عنوان (ذكر رسالة سيَّرني فيها الملك العادل إلى السلطان صلاح الدين قدس الله روحه): وذلك أنه لما كان يوم الاثنين التاسع والعشرون من شهر رمضان استدعاني الملك العادل في صبيحته، وأحضر جماعة من الأمراء: علم الدين سليمان، وسابق الدين، وعز الدين بن المقدم، وحسام الدين بشارة، وشرح لنا ما عاد به رسول من الانكتار المخذول من الرسالة والكلام، وذلك أنه ذكر أنه قد استقرت القاعدة على أن يتزوج الملك العادل بأخت الانكتار - وكان قد استصحبها معه من صقلية - فإنها كانت زوجة صاحبها وكان قد مات، فأخذها أخوها لما اجتاز بصقلية، فاستقرت القاعدة على أن يزوجها من الملك العادل، وأن مستقر ملكهما يكون بالقدس الشريف، وأن أخاها يعطيها بلاد الساحل التي في يده من عكا إلى يافا وعسقلان وغير ذلك ويجعلها ملكة الساحل، وأن السلطان - قدس الله روحه - يعطي الملك العادل جميع ما في يده من بلاد الساحل ويجعله ملك الساحل، ويكون ذلك مضافاً إلى ما في يده من البلاد والأقطاع، وأنه يسلم إليه صليب الصلبوت، وتكون القرايا للداوية والاسبتارية، والحصون لهما، وأسرانا يفك أسرهم، وكذلك أساراهم، وأن الصلح يستقر على هذه القاعدة ويرحل ملك الانكتار طالباً بلاده في البحر وينفصل الأمر. هكذا ذكر رسول الملك العادل له عن الملك، ولما عرف ذلك الملك العادل بنى عليه أنه استحضرنا عنده، وحمَّلنا هذه الرسالة إلى السلطان - قدس الله روحه - وجعلني المتكلم فيها والجماعة يسمعون، ويعرض عليه هذا الحديث فإن استصوبه ورآه مصلحة له وللمسلمين شهدنا عليه بالإذن في ذلك والرضى به، وإن أباه شهدنا عليه أن الحال في الصلح قد انتهى إلى هذه الغاية، وأنه هو الذي رأى إبطاله، فلما مثلنا بالخدمة السلطانية عرضت عليه الحديث، وتلوت عليه الرسالة بمحضر من الجماعة المذكورين، فبادر إلى الرضا بهذه القاعدة، معتقداً أن الملك الانكتار لا يوافق على ذلك أصلا، وأن هذا منه هزو ومكر، فكررت عليه الرضى بذلك ثلاث مرات، وهو يصرح ويشهد على نفسه بالرضا به، فلما تحققنا ذلك منه عدنا إلى الملك العادل فعرَّفناه ما قال، وعرَّفه الجماعةُ أني كررتُ عليه الحديث في تقييد الشهادة عليه، وأنه أصرّ على الإذن في ذلك، واستقرت القاعدة عليه. ذكر عود الرسول إلى الانكتار بالجواب عن هذه الرسالة: ولما كان يوم الأربعاء ثاني شوال سار ابن النحال رسولاً من جانب السلطان - قدس الله روحه - ومن جانب الملك العادل، فلما وصل إلى مخيم العدو، وعرف الملك بقدومه أنفذ إليه أن الملكة عرض عليها أخوها حديث النكاح فتسخطت من ذلك، وغضبت بسببه، وأنكرت ذلك انكارا عظيما، وحلفت بدينها المغلظ من يمينها أنها لا تفعل ذلك، وكيف تمكن مسلما من غشيانها، ثم قال أخوها: إن كان الملك العادل يتنصر فأنا أتمم ذلك، وإن رضيت فأنا أفعل ذلك". وترك باب الكلام مفتوحا فكتب الملك العادل إلى السلطان - رحمه الله عليه - وعرفه ذلك. رواية العماد الكاتب لهذا الحدث تحت عنوان: (ذكرُ ما تجدّد لملك الانكتير من المراسلة والرغبة في المواصلة) قال: وصلت رسل ملك الانكتير إلى العادل بالمصافحة على المصافاه، والمواتاة في الموافاه، وموالاة الاستمرار على الموالاة والأخذ بالمهاداة والترك للمعاداة، والمظاهرة بالمصاهرة وترددت الرسل أياما وقصدت التئاما، وكادت تُحدِثُ انتظاما، واستقر تزوج الملك العادل بأخت ملك الانكتير، وأن يعول عليهما من الجانبين في التدبير، على أن يحكم العادل في البلاد، ويجري فيها الأمر على السداد، وتكون الامرأة في القدس مقيمة مع زوجها، وشمسها من قبوله في أوجها، ويُرضي العادل مقدمي الفرنج والداويّة والأسبتار ببعض القرى. ولا يمكنهم من الحصون التي في الذرا، ولا يقيم معها في القدس إلا قسيسون ورهبان، ولهم منا أمان وإحسان، واستدعاني العادل والقاضي بهاء الدين بن شداد، وجماعة من الأمراء من أهل الرأي والسداد، وهم علم الدين سليمان بن جندر، وسابق الدين عثمان، وعز الدين بن المقدم، وحسام الدين بشارة، وقال لنا تمضون إلى السلطان، وتخبرونه عن هذا الشان، وتسألونه أن يحكمني في هذه البلاد، وأنا أبذل فيها ما في وسع الاجتهاد. فلما جئنا إلى السلطان عرف الصواب، وما أخَّر الجواب، وشهدنا عليه بالرضا وحسبنا أنه كمل الغرض وانقضى. وذلك في يوم الاثنين تاسع عِشْرَي رمضان وعاد الرسول إلى ملك الانكتير لفصل أمر الوصلة، وإراحة الجملة وإزاحة العلة. واعتقدنا أن هذا أمرٌ قد تمّ، ونشرٌ انضمّ، وصلاح عمّ، وصلح أذمّ وحكمٌ مضى، واستحكم به الرضا، وأن الأنثى تميل الى الذكر، وتزيل وساوس الفِكَر، وأن بركوب الفحل النزول عن الذحل. وأن الشَكْر يجلب الشُكر، ويبدِّل بالعرف النكر، وأن الوقاع يؤمِن من الوقائع، وأن القراع ينقضي بانقضاض القارح القارع، وأن الحرب بكسر الحاء وحذف الباء سلم، وأن غُرْم العُرس في العسر يسر وغنم، وأن هذا الأخ لتلك الأخت كفو، وأن هذا العقد للخرق المتَّسع رفو، وأن الكدر يعقبه صفو، وأن التزويج ترويج، وتقويم لما فيه تعويج. وشاع الذكر، وضاع النشر، وذاع السر، وبلغ الخبر إلى مقدميهم ورؤوسهم، فقصُّوه على قسوسهم، وعسَّروا على عروسهم، فجبهوها بالعذل واللذع، ونجهوها بالقدع والقذع، وقالوا لها كيف تَفجَئيننا، بأفجع ملمٍّ مؤلم، وتسلمين بضعَك لمباضعة مسلم، فإن تنصَّر تبصَّر، وإن تسرَّع فما تعسر، وإن أبى أبيناه، وإن أتى أتيناه، وإن خالف خالفناه، وإن حالف حالفناه، وأي وجه ههنا للائتلاف ونحن لاختلاف الدين ندين بالخلاف، فرهبت بعدما رغبت، وبطلت بعدما طلبت، وسلت بعدما سألت، ونزت بعدما نزلت، وكرهت وكانت شرهت، وكانت اكتحلت فودت أنها مَرِهت. فأرسلت إلى الرسول، وأقبلت عليه بالقبول، ثم تصلّبت في القسم وأقسمت بالصليب، أنها مجيبة إلى التقرير والتقريب، وأنها مسارعة إلى التمكين، لكن بشرط الموافقة في الدين، فأنف العادل وعدل عن استئناف الحديث، وأبى الله أن يجمع بين الطيب والخبيث، واعتذر الملك بامتناع أخته، وأنه في معالجتها وتعرّف رضاها في وقته. وكان قد استقر مع تمام العهد، وانتظام العقد، مفاداة كل أسير بأسير، كبيرٍ بكبير، وصغيرٍ بصغير، وبشر أولياء الطاغوت، بصليب الصلبوت، فبطل التدبير، وعطل التقدير، وذلك ثاني يوم العيد.

---------------------------------------------------------------------------------------------

1)المركيس: صاحب صور وألد أعداء صلاح الدين، ومهيج الحروب الصليبية كما ترى في البطاقة القادمة. وهو المعروف عند مؤرخي أوروبا بكنراد بن ماركيز مونتفرات. يعتبر من حيث الأهمية ثالث رجال عصره بعد صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد وبمقتله كما يقول الأصفهاني كبرت المخاوف من ريتشارد إذ لم يبق من ينافسه على زعامة أمم النصارى، قال : (ولم يعجبنا قتل المركيس في هذه الحالة. وإن كان من طواغيت الضلالة، لأنه كان عدو ملك الانكتير ومنازعه على الملك والسرير، ومنافسه في القليل والكثير، وهو يراسلنا حتى نساعده عليه، وننزع ما أخذه من يديه، وكلما سمع ملك الانكتير أن رسول المركيس عند السلطان، مال إلى المراسلة بالاستكانة والإذعان، وأعاد الحديث في قرار الصلح، وطمع في ليل ضلاله بإسفار الصبح) . قال العماد: وكان سبب نفاره وموجب استشعاره أن هنفري كانت زوجته ابنة الملك الذي هلك والقدس في يده?وكانت أختها الكبرى زوجة للملك العتيق كي - الذي وقع في أسر صلاح الدين - فلما هلكت عزلوه عن الملك، وبقيت زوجة هنفري، فأصبح المركيس عليه يجتري?فغصبها منه وصرفها عنه، واتخذها له عروسا، وأحضر لنكاحها قسوسا... وادعى المركيس أن الملك انتقل إليه، وأن أمر الفرنج بشرعهم في يديه. فلما جاء ملك الانكتير تظلم إليه هنفري ..واستشعر بذلك المركيس فما قرَّ، وأخذ معه الملكة وفرّ. فبعث إليه ريتشارد اثنين من الفداوية كما يقول ابن كثير، أظهرا التنصُّر ولزما الكنيسة حتى ظفرا به فقتلاه وقُتلا أيضاً، فاستناب ملك الإنكتير عليها ابن أخيه بلام الكندهر وهو ابن أخت ملك الإفرنسيين - فيليب أغسطس - لأبيه، فهما خالاه، فلما صار إلى صور بنى بزوجة المركيس بعد موته بليلة واحدة وهي حبلى أيضاً، وذلك لشدة العداوة التي كانت بين الإنكتير وبينه. وتجمع المصادر الإسلامية على أن ريتشارد طلب من سنان مقدم الإسماعيلية فداويين وأرسلهما إلى صور ففتكا بالمركيس. وشذّ ابن الأثير بل خطَّأ من زعم أن ريتشارد دبَّر مقتل المركيس، ونسب ذلك التدبير إلى صلاح الدين. وكان مصرع المركيس يوم 13/ربيع الأول/588 انظر ابن الأثير ج7ص393 طبعة دار إحياء التراث. البداية والنهاية ابن كثير ج12 ص348 النوادر السلطانية ص208 و171 و 190 و203مفرج الكروب ج2 ص381 الروضتين ج2 ص196 الفتح القسي ص279 و343 و420:الحروب الصليبية: رينسيمان ج3 ص76




    * هذه الصفحة من إعداد الباحث زهير ظاظا : zaza@alwarraq.com
نصوص أخرى