لما تحقق صلاح الدين وفاة نور الدين، وكان ولده الملك الصالح إسماعيل طفلاً لا ينهض بأعباء الملك ولا يستقل بدفع عدو الله عن البلاد، تجهز للخروج إلى الشام، إذ هو أصل بلاد الإسلام.. ودخلها يوم الثلاثاء آخر ربيع الآخر سنة 570 وتسلم قلعتها. ثم قصد حمص فأخذ مدينتها في جمادى الأولى سنة سبعين. وسار حتى أتى حلب يوم الجمعة آخر الشهر المذكور. ورحل عنها إلى حماة في مستهل رجب. ومنها إلى حمص فأخذ قلعتها. وعاد إلى حماة لمواجهة زحف عز الدين مسعود أخي سيف الدين صاحب الموصل، وظفر به في 19 رمضان 570 ثم قصد حلب وصالح أمراءها آخر سنة 570 فسار إليه سيف الدين بكل جيوشه في أخبار طويلة انتهت بكسرة سيف الدين على مشارف حماة بكرة الخميس 10/شوال/571 وقصد صلاح الدين منبج وتسلمها في بقية الشهر المذكور. ثم قصد قلعة أعزاز وتملكها بعد محاصرتها أربعين يوماً في 16/ذي الحجة/571 وأقام بها مدة ثم قصد مصر لتفقد أحوالها في ربيع الأول سنة 572 ثم تأهب لغزو الفرنجة فقصد الرملة أوائل جمادى الأولى سنة 573 وكانت فيها كسرته التي جبرها الله بحطين. وبعد الكسرة وصلت رسل قليج أرسلان تستغيثه من الأرمن، فقصد بلاد ابن لاون - صاحب أرمينة - ونزل بقره حصار، وأخذ معه عسكر حلب وطرق بلاد ابن لاون، وأخذ منهم حصناً وأخربه، وبذلوا له أسارى، والتمسوا منه الصلح وعاد عنهم. ثم راسله قليج أرسلان في صلح الشرقيين بأسرهم فكان الصلح على نهر شنجة في 10/جمادى الأولى /576 وعاد إلى دمشق. ثم قصد مصر لتفقد أحوالها فبلغه وفاة الملك الصالح إسماعيل في 25/جمادى الآخرة سنة 577 فعاد إلى دمشق ودخلها يوم 17/صفر /78 ثم قصد بيروت فاجتمع الفرنج ورحلوه عنها. وعاد إلى دمشق وبلغه أن أمراء الموصل نكثوا الحلف فقصد الموصل ونزل على حلب في 18/جمادى الأولى سنة 578 وأقام ثلاثة أيام ورحل في 21/ منه فعبر الفرات وأخذ الرُها والرقة ونصيبين وسرّوج، ثم شحن على الخابور وأقطعه ودخل الموصل يوم الخميس 11/رجب/78 وأقام أياماً، ثم قصد سنجار 16/شعبان/578 وأقام على حصارها حتى فتحها عنوة في 2/رمضان/578. فاستجار أمراء الموصل بشاه الأرمن فقصد صلاح الدين شاه الأرمن، فولّى هذا راجعاً إلى بلاده. وسار صلاح الدين يطلب آمد - ديار بكر - فأخذها في ثمانية أيام في أوائل محرم سنة 579 وأعطاها نور الدين بن قره أرسلان. ثم سار يطلب الشام لقصد حلب فبدأ بتل خالد فأخذها في 12/محرم /79 ثم قصد حلب فنزلها في 16/محرم وبعد قتال شديد صالحه عماد الدين في 17/صفر. وسار عنها يوم الثلاثاء 28/صفر متجهاً إلى حارم فوصلها في 29/صفر وتسلمها وبات بها ليلتين، وقرر قواعدها وولّى فيها ابراهيم بن شرّوه. وعاد إلى حلب ودخلها في 3/ربيع الأول /79 وأقام فيها إلى يوم السبت 22 ربيع الآخر/79 وفيه خرج إلى دمشق ومال في طريقه على حماة ودخلها يوم 24/منه وخرج في نفس اليوم إلى دمشق ودخلها في 3/جمادى الأولى /79 وأقام بها إلى 27/جمادى الأولى ثم برز في ذلك اليوم ونزل على جسر الخشب فأقام بها تسعة أيام ورحل في 8/جمادى الآخرة من السنة المذكورة حتى بلغ الفوَّار، وتعبَّى فيه للحرب، وسار حتى نزل القصيد، فبات به وأصبح على المخاض، وعبر وسار حتى أتى بيسان فأنهبها عسكره. وقصد عين جالوت وكانت معركة عين جالوت مع الفرنج، فقتل منهم مقتله عظيمة وأسر زهاء مائة نفر وانتهت هذه الوقعة يوم الخميس 10/جمادى الآخرة /79 وسار يوم السبت 12/جمادى الآخرة قاصداً الفرنج في صفورية، وواقعهم حتى يوم 17/جمادى الآخرة، وأصبح الفرنج في 18/منه راحلين ناكصين على أعقابهم، وخرب لهم عدة قلاع، ثم عاد إلى دمشق ودخلها يوم الخميس 24/جمادى الآخرة وأقام فيها إلى 3/رجب /79 وفيه خرج يريد الكرك ووصله في 4/شعبان من هذه السنة. وفي 16/شعبان ترك الكرك إلى دمشق ودخلها في 24/شعبان /79 وأعطى أخاه الملك العادل حلباً بعد مقامه بدمشق وكان قد أعطاها قبله لابنه الملك الظاهر. وأقام بدمشق ترد عليه الرسل من الجوانب، فوصل رسول سنجر شاه صاحب الجزيرة فاستحلفه لنفسه وانتمى إليه ورسول إربل وحلف لهم وسارا ثم قصد الكرك ثانيةً ووصلها في 14/جمادى الأولى /580 وكان على المسلمين من الكرك ضرر عظيم لقطعه طريق مصر، بحيث كانت القوافل لا يمكنها الخروج إلا مع العساكر الجمّة الغفيرة فلما بلغ الافرنج ذلك خرجوا براجلهم وفارسلهم للذب عن الكرك، فلما رأى تصميم الافرنج على الكرك أمر عساكره بنهب نابلس، فنهبوها وأسروا وأحرقوا وعاد إلى دمشق يوم السبت 7 /جمادى الآخرة /80 وفي تلك الأثناء وقعت فتنة إربل فقصدها وسار حتى أتى حران، والتقى مع مظفر الدين بالبيرة في 12/محرم سنة 81 وفي 26 /صفر قبض على مظفر الدين وأخذ منه قلعة حران والرُها، وأقامه في الاعتقال تأديباً إلى مستهل ربيع الأول ثم خلع عليه وطيب قلبه وأعاد إليه بلاده ثم رحل من حران 2/ ربيع الأول /81 إلى رأس العين ووصله في ذلك رسول قليج أرسلان يخبره أن ملوك الشرق بأسرهم قد اتفقت كلمتهم على قصده إن لم يعد عن الموصل وماردين، فرحل السلطان يطلب دنيسر، فوصله يوم السبت 8/ربيع الأول ورحل عنه نحو الموصل يوم الثلاثاء 11/ربيع الأول ومات في تلك الأثناء شاه الأرمن صاحب خلاط، وولي بعده غلامه بكتمر الذي قدم رسولاً إلى صلاح الدين بسنجار، واجتمع الطامعون بمملكة خلاط، فاستجار بكتمر بصلاح الدين، فارتحل عن الموصل متوجهاً إلى خلاط، ثم رأى أن يوجه إليها من يقوم بشأنها وأقام هو على محاصرة ميافارقين، وملكها من صاحبها الأسد صلحاً في 29/جمادى الأولى /81 ولما أيس من أمر خلاط عاد إلى الموصل فأقام مدة في كفر زمار، ومرض فيها مرضاً شديداً، فرحل طالباً حران وهو مريض، وكان يتجلد ولم يركب في محفة، وكان رحيله من كفر زمار مستهل شوال سنة 581 فوصل إليه أخوه الملك العادل من حلب ومعه أطباؤها. وكان (صلح بين النهرين) الذي ذكره ابن شداد وكان إذ ذاك في خدمة عز الدين أتابك صاحب الموصل. ولما وجد نشاطاً من مرضه رحل يطلب جهة حلب ووصلها يوم الأحد 14/محرم /82 فأقام بها أربعة أيام ثم رحل في 18/ منه نحو دمشق ومال في طريقه على حمص معزياً أسد الدين شيركوه، ودخل دمشق في 2/ربيع الأول، وكان يوماً لم يُرَ مثله فرحاً وسروراً وفي 17/جمادى الأولى/82 وصل ابنه الملك الأفضل إلى دمشق ولم يكن قد رأها قبل. وجرت وقائع صرف الملك المظفر - تقي الدين عمر بن أخي صلاح الدين - عن مصر إلى حماة وتتويج ابن صلاح الدين الملك العزيز عثمان على مصر وتنصيب الملك العادل أتابكاً له وعودة الملك الظاهر إلى حلب. وفي محرم سنة 583 عزم على قصد الكرك، وعسكر في المنيطرة وعاد في 15/ربيع الأول سنة 83 ورجع فنزل بعشترا يوم الخميس 17/ربيع الأول وأقام ينتظر اجتماع جيوشه وفي وسط نهار الجمعة 17/ربيع الآخر بدأ أول وقعاته التي انتهت بمعركة حطين في 24/ربيع الآخر سنة 583