في هذه البطاقة نص نادر، استفدته أيضا من (تحفة الترك) للنجم الطرسوسي قاضي قضاة دمشق، وموضوع النص: (طريقة امتحان فروسية الفارس، من أجل ضمه إلى قائمة أصحاب الإقطاع، والخبز، والمراد بالخبز: الإقطاع أيضاً. وقد وردت في النص كلمات بحاجة إلى توضيح وشرح، تجدها في آخر النص) قال: (وإن كانت القصة لطلب إقطاع ، أمر ناظر الجيش بالكشف عن الإقطاع هل انحل أم لا? فإن قال: إنه غير محلول ، لا يلتفت لصاحب القصة ، ويعرفه أنه غير محلول . وإن قال ناظر الجيش : إنه محلول ، نظر السلطان في حال الطالب ، وسأله عن الجندية ، ومعرفة الرمي والفروسية ، وشد العدة ، ولبس الجوشن ، والزردية والتركاش، والسيف وهل يكون السيف من جهة اليمين أو من جهة اليسار ، وكذلك يسأله عن شد التركاش والقَرَن : هل يكون القَرَن من جهة اليمين أم التركاش ? ، وعن لعب الرمح والكرة. وعن المسابقة بالخيل وشروطها ، وهل يطلق رأس الفرس في أول المسابقة أم لا ? وينبغي أن يكون بقرب المكان الذي يجلس فيه الملك إماج للرمي وقسي . فإذا قال : أعرف جميع هذه الأشياء على وجهها ، رسم بإحضار قوس ، وحله وأمره بأن يوتره . فإن قعد على الأرض ، وأمسكه بيده ، واستعان بغيره في وضع الوتر فقد أخطأ . فإن أوتره ، وهو قائم ، ووضع الوتر على ظهر القوس ، ومده بيده ، من غير مساعدة له، فقد أصاب ثم يدفع له ندبا من النشاب، ويأمره بالرمي في الإماج . فإن رمى على الوجه المرضي ، أحضر له فحلاً من الخيل العراب وأمره بأن ينعله ، ويشده بالعدة المعتادة و بعدة الحرب . فإن أحسن فعل ذلك على الوجه المرضي ، دفع له عدة الحرب ، وأمره بأن يلبسها بنفسه ثم أمره بأن يركب الفحل فإذا فعل ذلك ، أمر السلطان شخصاً من الفرسان المعروفين بالفروسية ، بأن يبارزه بالكر والفر ، كما يفعل في الحروب . فإن أظهر معرفة ذلك ، أعطاه الخبز الذي طلبه ، وخلع عليه وأكرمه. وإن لم يجده يحسن فعل ذلك ، لا يعطيه شيئا . ويفعل هذا الامتحان دائماً مع الأجناد والأمراء. فإن به يحصل للناس تعلم الفروسية. وحكي قريب من هذا عن عمر بن الخطاب وابن عبد العزيز رضي الله عنهما . فعند الامتحان ، يكرم المرء أو يهان). (تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك) (نجم الدين إبراهيم بن علي الحنفي الطَّرَسوسي دراسة وتحقيق : عبد الكريم محمد مطيع الحمداوي (ص147) (شرح مفردات النص كما ذكرها المحقق).
* الإقطاع : في العرف المملوكي هو أن يقطع السلطان أحداً من جنوده أو مماليكه أرضاً يتمتع بغلتها وإيراداتها ، ويسميها المقطع له (الخبز) . ، ويعود الإقطاع إلى السلطان بمجرد انتهاء مدة الإقطاع أو بوفاة المقطع له ، أو بسبب إخلاله بشروط الإقطاع أو بغضب السلطان منه . وفي عهد السلطان نور الدين زنكي بمصر كان الجندي إذا مات أعطى ولده إقطاعه ، ثم سار المماليك من بعده على هذا النهج . (انظر : حسن المحاضرة 1/74)
* شد العدة : العدة - بالضم- لغة : ما يعد للأمر يحدث ، وما أعددته لحوادث الدهر من المال والسلاح ، وتعني هنا : شدَّ عدة الحصان عليه من سرج ولجام وما سوى ذلك من لوازم القتال . (انظر : تاج العروس 2/416)
* الجوشن ، والجوسن : - بالسين المهملة - : الدرع ، ج جواشن وجواسن . (انظر : معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي ص57)
* الزردية : درع من الزرد يلبس تحت الثياب الظاهرة وفوقه خوذة . (انظر : معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي ص86)
* التركاش ، والتركيش : لفظ فارسي يطلق على القوس و النشاب كما يطلق أيضا على الكنانة التي يوضع فيها النشاب . (انظر : التشكيلات والأزياء العسكرية العثمانية ص 76 ـ معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي ص 44) .
* إماج : الهدف الذي يُرمى إليه السهم ، ج إماجات . وفي اللغة العربية : الوتيرة وهي حلقة يتعلم عليها الرمي والطعن . (انظر : معجم مقاييس اللغة 6/83 ، معجم الأَلفاظ التاريخية في العصر المملوكي20) .
* القسي : الرماح ، تتخذ من شجر القسي . وهذا الشجر أنواع (النبع ، الشوحط ، والشريان) . (انظر : فقه اللغة 253 ـ العسكرية العربية الإسلامية ص141)
* النشاب والنبل والسهم : أسماء لشيء واحد . وهو عود رفيع من شجر صلب ، في طول ذراع تقريباً : ينحت و يسوى ، ويركبُ في مؤخره ريش . قمته حديد مدبب له سنان في عكس اتجاهه يجعلانه صعب الإخراج إذا نشبَ في الجسم (العسكرية العربية الإسلامية 112) .
* الفحل من الخيل : الحصان ، الذكر القوي ، لأنه أصعب مراساً على الفارس من أنثى الخيل (الفرس) . ومهارة الفارس تظهر بركوبه الحصان أكثر مما تظهر بركوبه الفرس . (انظر : معجم مقاييس اللغة 4/478) .
* الخبز : الإقطاع : الراتب ، المخصصات . ج أخباز (معجم الأَلفاظ التاريخية في العصر المملوكي ص 66) .
*خلع عليه : ألبسه ملابس فاخرة وأعطاه مالاً ، الخلعة -بالكسر- : ما يخلع على الإنسان من الثياب ويطرح عليه . والخلعة أيضاً : خيار المال ، وقد كانت الخلع التي يخلعها السلطان على أعيان رعيته تختلف باختلاف رتبهم ومكانتهم . (انظر : حسن المحاضرة 2/190) .