المرحوم العلامة عبد العزيز الميمني اسم كبير في عالم المحققين، له في الوراق كتاب (سمط اللآلي) انظرما كتبته عنه وعن كتابه في التعريف بهما في مكتبة الوراق التراثية. وهو في نظر الكثيرين أخبر من تصدى لتحقيق التراث ونشره. ولكن مكانته لا تعصمه من أن يزل قلمه أو يخونه انتباهه، فقد تصحفت عليه كلمات لا نقبلها من صغار الطلبة ، ولم أقرأ له كتابا محققا إلا عثرت من ذلك على أشياء تثير الدهشة. وأنا سأضرب هنا مثالا على ذلك، داعيا المعنيين بالتراث العربي إلى إعادة النظر في الكثير من تحقيقاته. ففي كتابه (بحوث وتحقيقات) (ج2 ص50). وردت جملة أخطاء في متن رسالة ابن عربي إلى الفخر الرازي. وهي رسالة مشهورة، يحفظها أطفال المتصوفة كما يحفظون أحزابهم. ومنها: (ولقد أخبرني من أثق به من إخوانك، وممن له فيك نية حسنة جميلة: أنه رآك وقد تكتب * يوما، فسألك هو ومن حضرك عن مكانك ** فقلت: مسألة اعتقدتها منذ ثلاثين سنة، تبين لي الساعة بدليل لاح لي أن الأمر على خلاف ما كان عندي فنكبت *** وقلت: ولعل هذا الذي لاح لي أيضا مثل الأول).
*** علق الميمني على هذه اللفظة بقوله: الأصل: فنكبت. قلت: بل هي (فبكيت). ! وأختم هذه الورقة بحكاية طريفة، شهدت جانبا منها، فقد رأيت شيخنا صاحب الفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي يسهو فيما تحفظه صغار الطلبة، وذلك أنه تناول بالتفسير الحديث: (اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا) ففسر الحزن في الجملة الثانية على أنه نقيض السرور، مع أن الحزن بفتح الحاء من أسماء الجبل. فلما فرغ من درسه أخبره بعض محبيه بما بدر منه في تفسير الحديث من الخطأ، فلم يصدق ذلك حتى عاد وسمع قوله بأذنه فاغرورقت عيناه بالدموع وقال: يا سبحان الله، إنما أراد الله أن يقول لي: يا محمد سعيد لا ترفع أنفك عاليا فنكسره.