عرف عن ابن تيمية أنه كان أول المتصدين للوقوف في وجه حركة ابن عربي، وفلاسفة وحدة الوجود، وقد ذكرت في تعريفي لكتاب الفتوحات (انظر التعريف في مجالس الوراق) أن ابن تيمية استثنى (ابن عربي) من عمالقة القائلين بوحدة الوجود فقال: (لكن ابن عربي أقربهم إلى الإسلام وأحسن كلاماً في مواضع كثيرة) مجموع الرسائل 1/ 176 وما خشيت أن يفهم من هذا الكلام أنه كان يستحسن كلامه، لأن حملات ابن تيمية على ابن عربي كالشمس في رابعة النهار. وأريد أن أوضح من كان يعني بقوله هذا، فأقول: جرت المتصوفة على ضم ابن عربي إلى قائمة أقطاب الفلك التاسع، وهم الذين ذكرهم لسان الدين الخطيب في (روضة التعريف) فقال: (ولا بد عندهم أن يكون في العالم شخص واصل إليه (يعني إلى الفلك التاسع وهو فلك اللوح) في كل زمان، وهو الخليفة المتلقي عن الله أسرار الموجودات، إن ظاهرا فنبي، أو باطنا فقطب. ومنهم ابن الفارض وسعد الدين الفرغاني صاحب منتهى المدارك: شرح تائية ابن الفارض، وابن عربي وابن سودكين الدمشقي وأبو بكر ابن العريف وأبو الحكم ابن برجان، وأبو الحسن ابن قسي، وابو العباس البوني قال: (وجادة نحلتهم مبنية على حديث: (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق ليعرفوني) وهو عندهم في صحة الإستناد إليه بمنزلة الحديث المتواتر عند المجتهد ((ص 578- 582).. ثم قال ص602) أثناء حديثه عن المتوغلين من أهل الوحدة المطلقة: وممن اشتهر به: الشوذي المنسوب إليه القوم، وابن دهاق، وعبد الحق ابن سبعين وأصحابه أمثال أبي الحسن الششتري وابن مطرِّف الأعمى وابن أحلى والحاج المغربي والجم الغفير من أهل شرق الأندلس واودي رقوط. قال: وارتكبت هذه الطائفة الشوذية والسبعينية وأصحابهم مرتكبا غريبا من القول بالوحدة المطلقة....فمن ذلك قول ابن أحلى: (قضاني فأبداني وغاب بما قضى...وألزمني شوقا إليه يطول).. وقول عبد الحق (كبيرهم الذي علمهم السحر): كم ذا تلوح بالشعبين والعلم والأمر أوضح من نار على علم (603) ومن أمهات أقاويلهم قصيدة أبي الحسن الششتري الشهيرة التي منها: (تبدت لك الأوهام لما تداخلت عليك ونور الحق أوردك السجنا).. (وتيم ألباب الهرامس كلهم وحسبك من سقراط أسكنه الدنا).. (أقام لذات النفري مدلها يخاطب بالتوحيد صيره خدنا).. انظر القصيدة كاملة وتقع في أربع صفحات من طبعة (روضة التعريف) ثم قال: (قال ابن الزبير: ومنشأ هذا الرأي على الاتحاد، وقد تعين بطلانه، وفضلاء نحلتهم يتراوغون عنه، ويلفقون في الخروج عن تحمله ما يطول شرحه...وهم معدودون من المحبين، فمن طمح إلى شيء وتهالك في الوصول إليه وتأكد إليه ميله، وعظم إليه اشتياقه فهو محب من غير نزاع، ميزانه في المحبة راجح بزعمه، فإنه متى تفرق أحب ربه، ومتى اجتمع أحب ذاته فأحب ربه (612) أما كتاب (روضة التعريف بالحب الشريف) فمن مؤلفات لسان الدين الخطيب السائرة، طبع بتحقيق عبد القادر أحمد عطا 1966م دار الفكر العربي وفي خاتمته ص700 قول لسان الدين في مدة تأليف الكتاب: (وعلم الله الذي يعلم الأسرار أن مدة الاشتغال به لم تتجاوز شهرين اثنين). وانظر على الوراق في كتاب (نفح الطيب) (ص1315ـ 1337) مقدمة الكتاب كما نقلها المقري، مع فصول جمة منه، وقدم لذلك بقوله: (خطبة كتابه في المحبة الذي ما ألف في فنه أجمع منه، ولنوردها فإن فيها دلالة على فضله وعظم قدر الكتاب)