7/ بحر بريطانية كن أول من يقيّم
بحر بريطانية اليوم، في اللغة البريطانية الحديثة (breton moderne) يدل (بحر بريطانيا) { Mor Breizh, « mer de Bretagne »} على قناة المانش (القناة الإنجليزية) فقط، أي القناة الرابطة بين بريطانيا الكبرى والصغرى، وإن كانت دلالته أوسع في وقت مضى. وقد ذُكِرت المصطلحات (بريطانيكوس)، (المحيط البريطاني)، (البحر البريطاني) على الخرائط القديمة لبريطانيا حتى القرن الثامن عشر، وكان يعني في الغالب قناة المانش، لكنه أحيانا كان يشمل الساحل الجنوبي لبريطانيا القارية (الفرنسية). ومن الجلي أن اسم بحر بريطانيا مشتق من اسم جزيرة بريطانيا (انجلترا)، فقد ظهر عند المؤلفين اللاتينيين في القرن الأول بعد الميلاد، الوقت الذي بدأ فيه نشاط الجزيرة في اقتصاد وسياسة روما، ففي هذا القرن عرفت تجارة خمور بلاد الغال عبر المحيط الأطلسي ازدهارها بالتوازي مع تصدير سيراميك نفس المنطقة، ومع ذلك لم ينحصر بحر بريطانيا في سواحلها، بل امتد ليشمل سواحل بريطانيا القارية (الفرنسية/الصغرى) و أكيتانيا أو أقطانيا (Aquitaine) وحتى شبه الجزيرة الإيبيرية. ولم يخطئ الإدريسي حين قال: { فنقول أما الأندلس في ذاتها فشكل مثلث يحيط بها البحر من جهاتها الثلاث فجنوبها يحيط به البحر الشامي وغربها يحيط به البحر المظلم وشمالها يحيط به بحر الانقليشين من الروم. والأندلس طولها من كنيسة الغراب التي على البحر المظلم إلى الجبل المسمى بهيكل الزهرة ألف ميل ومائة ميل وعرضها من كنيسة شنت ياقوب التي على أنف بحر الانقليشين إلى مدينة المرية التي على بحر الشام ست مائة ميل.} { ويكتنفهم من جهة المغرب البحر المظلم وتأتيهم منه أنواء وأمطار ... وقليل ما يسلك هذا البحر إلا نادراً والقوم الذي يسلكونه لهم به معرفة وجسر على ركوبه وأيضاً فإنهم يسيرون فيه مساحلة لا يفارقون البر منه وأيام سفرهم فيه أيام قلائل وهي مدة شهر أسطريون وشهر أوسو وأكثر ما يركبه القوم المسمون بالإنكليسيين } نزهة المشتاق فمن الطبيعي أن ينسب البحر للشعب الذي كان يسلكه أي الإنجليز، وابتداءً من منتصف القرن الثاني عشر، صار بحر بريطانيا دالا على البحر الأنجلو نورمندي أو حتى بحر البلانتاجانت (1) . قلت أنا لمياء: وقد ذكر بحر بريطانيا المقري في قوله: { وذكر أن الركن الشمالي عند شنت ياقوه من ساحل الجلالقة في شمال الأندلس الغربي، حيث تبتدئ جزيرةٌ برطانيةٌ الكبيرة فيتصوّر هنالك بحرٌ داخلٌ بين أرضين، من الناس من يجعله بحراً منفرداً خارجاً من البحر المحيط لطوله إلى الركن المتقدم الذكر عند مدينة برذيل. }(2) وهو يذكر انجلترا بمصطلح (جزيرة برطانية الكبيرة) كما سبق وأشرت إلى صفة الكبرى المضافة لها لتمييزها عن بريطانيا الصغرى القارية، ويصف قناة المانش التي تدخل بين أرضي البريطانيتين، ومن الناس من يسمي هذه القناة الخارجة عن البحر المحيط (أي المحيط الأطلسي) بحر برديل وهو نفسه بحر بريطانيا كما وصفه القلقشندي في قوله: { الخارج من المحيط الشمالي:المعروف ببحر برديل بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وكسر الدال المهملة وسكون الياء المثناة تحت ولام في الأخر. قال ابن سعيد: ويقال له بحر برطانية أيضاً، وهو بحر يخرج من شمالي الأندلس ويأخذ شرقاً إلى خلف جبل الأبواب الفاصل بين الأندلس والأرض الكبيرة، ويقرب طرفه الشرقي حتى يبقى بينه وبين بحر الروم المتقدم ذكره أربعون ميلاً، وهناك مدينة برديل التي يضاف البحر إليها. } وكما ذكره لويس شيخو في قوله: {ويقال للبحر الخارج من البحر المحيط بحر برطانية وبحر برديل.} المراجع: (1) بحث بحر بريطانيا؛ تسميةً للمحيط الأطلسي من السواحل الإيبيرية إلى جزيرة بريطانيا، من العصر القديم إلى العصور الوسطى Mare britannicum : une dénomination de l’espace maritime atlantique des côtes ibériques aux îles britanniques, depuis l’Antiquité jusqu’au milieu du Moyen Âge / Patrice Marquand (2)نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب/ المقري (3) صبح الأعشى/ القلقشندي (4) مجاني الأدب في حدائق العرب/ لويس شيخو |