البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العالمي

 موضوع النقاش : مفهوم الأدب المقارن ومدارسه    كن أول من يقيّم
 صبري أبوحسين 
10 - فبراير - 2008
للأدب المقارن مفاهيم كثيرة، وروَّاد، ومدارس.  
أما عن المفاهيم فيرى فان تيجم أن "غاية الأدب المقارن هي أساسًا دراسة الآداب المختلفة في علاقتها مع بعضها البعض"، بينما تعرف"أناساينيا ريفنياس"الأدب المقارن بأنه "علم حديث، يهتم بالبحث في المشكلات المتعلقة بالتأثيرات المتبادلة بين الآداب المختلفة.
 كما يرى "رينيه ويليك" أن الأدب المقارن هو الدراسة الأدبية المستقلة عن الحدود اللغوية العنصرية، ومن ثم يقرر ضرورة أن يدرس الأدب المقارن كله من منظور عالمي، ومن خلال الوعي بوحدة كل التجارب الأدبية والعمليات الخلاقة والسياسية.
 ويرى الدكتور عبدالحكيم حسان أن الأدب المقارن هو: دراسة علائق الوقائع التي وجدت بين منتجات أعاظم المؤلفين في كل دولة، والمنابع التي انتهلوا منها أو استوحوها أو تأثروا بها وهو يعنى أيضا بتلك التغييرات العجيبة أو التشويهات الأسيفة التي يحدثها الأفراد أو الشعوب في منتجات الأجانب خضوعا لظروف مختلفة وعوامل متباينة كالجهل والأوهام والأخيلة الخصبة، والقصص المتداولة، والمأثورات الموروثة.
...إلى آخر هذه التعاريف التي تكثر كثرة تحتاج إلى تعليق نقدي مفصل. أقدمه من خلال جهد طلابي بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي في قادم التعاليق، إن شاء الله تعالى.
 
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
امتدادات الأدب 2    كن أول من يقيّم
 
وإِذا انتقل الدارس إِلى الأدب العربي وجد أن الأدب المقارن حقل معرفي فتي لا تكاد تبين له أصول في التراث الأدبي القديم, ذلك أنه كان لدى العرب في الماضي اعتداد خاص باللغة والشعر وإِشاحة نسبية عن آداب الأمم الأخرى, مما أدّى إِلى أن يكون نشاطهم في حقل التبادل الأدبي أقل من نشاطهم في الحقول المعرفية الأخرى كالعلوم والفلسفة على أن غير العرب تأثروا تأثراً واضحاً بالأدب العربي فدرسوه وألّفوا على غراره. وفي عصرنا الحاضر ما زال هذا التيار من الاعتداد بالأدب واللغة فاعلاً بحيث يخلق رأياً عاماً لا يستريح إِلى المقارنات مع الآداب الأخرى ويجهد في تأكيد الأصول العربية للفنون الأدبية الوافدة كالقصة والمسرح. ومن الملاحظ أن معظم الأدباء البارزين في عصر النهضة كانوا أكثر انفتاحاً في مجال التفاعلات الأدبية, ووضعوا أساساً لنهضة الأدب المقارن في عصرنا. وكان لرواد النهضة الأدبية في الشام أثر كبير في الاستنارة الأدبية, وهكذا لمعت, إِلى جانب بناة النهضة من أبناء الكنانة مثل رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك والشيخ حسن المرصفي, أسماء شامية مبكرة في مجال المقارنة مثل أديب إِسحاق[ر] وأحمد فارس الشدياق[ر] ونجيب الحداد, وتميز من بينهم علمان بارزان, هما سليمان البستاني[ر] وروحي الخالدي, وضعا حجر الأساس للبحث التطبيقي في الأدب المقارن على الرغم من أنهما لم يشيرا إِلى المصطلح بكلمة واحدة.

وتتلخص جهود البستاني في هذا الحقل بتعريب «الإِلياذة» الذي استغرق منه ثماني سنوات (1887-1895) وبمقدمتها المقارنية التي استغرقت منه ثماني سنوات أخرى, وقد أنجز شروح الإِلياذة ومقدماتها في 200 صفحة أواخر سنة 1903. وأجرى البستاني مقارنات جريئة بين الملحمة اليونانية والشعر القصصي العربي وأكد وجود ملاحم عربية قصيرة تختلف عن الملاحم الإِفرنجية الطويلة, وانطلق من هذه المقارنة للتوصل إِلى أحكام شاملة تتعلق بالشعر الجاهلي والشعر اليوناني القديم, وحكم لصالح الشعر الجاهلي, وأشار بعد ذلك إِلى التشابه بين عبقرية ابن الرومي[ر] وعبقرية هوميروس. وكذلك كتب البستاني مقالاً حوى شيئاً من تاريخ الشعر عند العرب والإِفرنج. وهكذا يكون البستاني صاحب سبق لا ينكر في مجال الدراسة المقارنة, وإِن كانت مقارناته تدل على أن ثقافته الأصلية كانت عربية تقليدية وأن ما قرأه من أفكار أدبية غربية ليس أكثر من نوافذ صغيرة للمقارنة.

وعند منعطف القرن التاسع عشر, على أية حال, ساد مناخ عام للمقارنة, أسهم فيه الشاعر أحمد شوقي, وكتاب مثل خليل ثابت وأسعد داغر ونقولا فياض ويعقوب صروف, وحملت مجلة «المقتطف» آنذاك رسالة الوعي المتفتح.

وإِذا ترك الدارس الأشخاص وانتقل إِلى الأعمال المفردة فإِنه يجد أن الكتاب العربي الأول المكرس للأدب المقارن التطبيقي هو كتاب «تاريخ علم الأدب عند الإِفرنج والعرب وفكتور هوغو» للكاتب المقدسي روحي بن ياسين الخالدي. وقد نُشر الكتاب مقالات متسلسلة في مجلة «الهلال» بين سنتي 1902ـ1903,ثم طبعته دار الهلال سنة 1904 وطبع ثانية سنة 1912, وأعيد طبعه سنة 1985.

وهذا الكتاب مؤلف نوعي في الأدب المقارن التطبيقي لا تنقصه سوى التسمية المقارنية, وتتصدره على الغلاف الفقرة المقارنية التالية:

«وهو يشتمل على مقدمات تاريخية واجتماعية في علم الأدب عند الإِفرنج وما يقابله من ذلك عند العرب إِبان تمدنهم إِلى عصورهم الوسطى, وما اقتبسه الإِفرنج عنهم من الأدب والشعر في نهضتهم الأخيرة وخصوصاً على يد فكتور هوغو. ويلحق بذلك ترجمة هذا الشاعر الفيلسوف ووصف مناقبه ومواهبه ومؤلفاته ومنظوماته وغير ذلك».

وكتب الخالدي مقدمة للكتاب بالفرنسية تنبئ عن حسه المقارني. وأورد في كتابه مقارنات ومقابلات ودراسات للتبادلات الأدبية بين العرب والفرنجة, وترجمات وتعليقات, تدل كلها على أنه كان شديد الالتصاق بالمنهج المقارني.

وتوالى بعد الخالدي الاهتمام بالدراسات التطبيقية ذات الطابع المقارني, ومن أقدمها سلسلة مقالات نشرها فخري أبو السعود على صفحات «الرسالة» في الأعوام 1935-1937 وقابل فيها بين الأدب العربي والأدب الإِنكليزي من دون اعتناء بناحية التأثر والتبادل. وفي عام 1935 كذلك ظهر الجزء الثالث من كتاب الأديب الحلبي قسطاكي الحمصي المعنون «منهل الورّاد في علم الانتقاد» وتضمن بحثاً مطولاً عن «الموازنة بين الكوميدية الإِلهية ورسالة الغفران», وفي الثلاثينات أيضاً نشر عبد الوهاب عزام دراسات في مجلة «الرسالة» حول العلاقات بين الأدب العربي والأدب الفارسي. وفي الأربعينات ظهر كتاب لإِلياس أبو شبكة بعنوان «روابط الفكر بين العرب والفرنجة» ظهرت الطبعة الثانية من الكتاب عن دار المكشوف في بيروت عام 1945, وهو ذو موضوع مقارني واضح. وبالتدريج انتعش هذا النوع من الدراسات واغتنى وتعددت وجهاته.
*د يحيى
11 - فبراير - 2008
نبض العصر    كن أول من يقيّم
 

26 Septemper News
أ.د. صبري مسلم
قد لا تخضع بعض الظواهر الأدبية للمنطق الصارم، إذ إن الإنقتاح بين الشعوب في هذه المرحلة من مراحل التطور الانساني يفترض أن يصل الى أقصاه في ظل وسائل الاتصال المتوافرة ووسائط النقل العملاقة والمحطات الفضائية الغزيرة وشبكة المعلومات الدانية، ومعنى هذا أن تزدهر الدراسات الأدبية المقارنة أقصى الازدهار ولا سيما الدراسات الأدبية المقارنة في الوطن العربي، إذ تبدو دراسات الأدب المقارن نادرة ومنبتة عن المشهد الأدبي العالمي، ولسنا بصدد تفسير ذلك بناءً على الظرف السياسي القاهر الذي يعيشه وطننا العربي إذ لابد أن يكون هذا العامل جوهرياً في هذا الانقطاع عن المشهد الأدبي العالمي إلا فيما ندر، ويمكن أيضاً أن نعلل مثل هذه الظاهرة بافتقاد عنصر الدهشة في عصرنا هذا إذ يمكنك أن ترى فيه وبالصورة المتحركة والملونة مصحوبة بنبرات الصوت الحي ما تشاء من معتقدات وطقوس ومفاهيم وأفكار تخص الآخر الذي تفصلك عنه آلاف الكيلومترات بل ربما تكون أنت في جهة من هذه الكرة الأرضية ويحل الآخر في الجهة الأخرى منها، وقد تكون في فجر يومك وهو في أواخر يومه في غضون اللحظة ذاتها.
بيد أن تخصص الأدب المقارن لم يفقد بريقه الأخاذ وسعة صدره ونكهته الخاصة التي لا نجدها في تخصصات الأدب الأخرى فضلاً عن أنه بطريقة وبأخرى يقرب بين الشعوب، ويردم الفجوات السحيقة التي قد تفصل بينها، بل إنه يثبت بما لا يدع مجالاً للشك وحدة الهم الانساني وأن ما يشغل الإنسان في شرق الأرض يشغله في غربها وشمالها وجنوبها، إنه البحث عن المحور المشترك والبؤرة الأساس التي لفتت أنظار النابهين من أبناء الأجيال المتتالية والباحثين والدارسين والمهتمين الذين من شأنهم رفد هذا التخصص الشيق بالجديد والمبتكر.
ومما يميز تخصص الأدب المقارن أنه لا يمتلك جذوراً عميقة في التراث الأدبي العالمي قياسياً بالأنواع الأدبية العريقة كتاريخ الأدب والنقد الأدبي وسواهما، فقد ظهرت نواة الأدب المقارن وبداياته منذ أقل من قرنين من الزمان وفي هيئة ملاحظات غالباً ما تندرج تحت إطار أنماط أخرى من أنماط الأدب وفنونه، ولم يستقل هذا النمط من التخصص الجديد وأعني به الأدب المقارن إلا في أوائل القرن الميلادي السابق الذي شهدنا خاتمته «القرن العشرين» حيث استقر له كيان مستقل الى حد ما وتبلورت له مفاهيم وخصائص مميزة، ولا سيما في ظل الدراسات الأكاديمية وفي أروقة الجامعات التي شهدت بزوغ المدرسة الفرنسية في الأدب المقارن.
وتختلف آراء الاوروبيين وتحديداتهم لدائرة اهتمام تخصص الادب المقارن، ففي الوقت الذي يرى فيه «فان تيجم» وهو احد رواد المدرسة الفرنسية للأدب المقارن انه "دراسة آثار الآداب المختلفة من ناحية علاقاتها بعضها ببعض(1) فان «جويار» الذي ينتمي للمدرسة الفرنسية ذاتها والذي افاد من سلفه «فان تيجم» يعرف الأدب المقارن على انه "تاريخ العلائق الادبية الدولية فالباحث المقارن يقف عند الحدود اللغوية والقومية، ويراقب مبادلات الموضوعات والكتب والعواطف بين ادبين او عدة آداب»(2) وبهذا فان «جويار» يشير الى الجذر التاريخي لهذا النمط من التخصص ولا سيما في اطار المدرسة الفرنسية التي لاتعترف بالمقارنة بين ادبين او ظاهرتين ادبيتين الا بعد وجود مايثبت التأثر والتأثير ولا يتم هذا الا بالاستعانة بكتب التاريخ، بيد ان هذا لايعني التطابق بين الادب المقارن وتاريخ الأدب فلكل من التخصصين مجاله وحدوده ويتأكد لنا انتماء الدكتور محمد غنيمي هلال الى المدرسة الفرنسية من خلال توكيده على الجذر التاريخي للأدب المقارن وعبر تعريفه له بأنه «ذو مدلول تاريخي، ذلك انه يدرس مواطن التلاقي بين الآداب في لغاتها المختلفة وصلاتها الكثيرة المعقدة في حاضرها او في ماضيها، وما لهذه الصلات التاريخية من تأثير او تأثر اياً كانت مظاهر ذلك التأثر او التأثير(3) ومساهمة الدكتور محمد غنيمي هلال في كتابه الأدب المقارن اضافة رائدة في ميدان الأدب المقارن العربي، وهي خطوة نادرة في حينها لاسيما ان الدكتور هلال تمثل أدب امته العربية واستوعب اسراره وحين ذهب الى فرنسا دارساً وضع يده على محاور اساسية وفيما يتعلق بهذا التخصص المهم واعنى به الأدب المقارن، وعلى الرغم من مرور اكثر من نصف قرن على مصنفه المهم في «الادب المقارن» فان غزارة ما ورد فيه من موضوعات تصلح مادة للادب المقارن ما تزال ركيزة مهمة للدراسات المقارنة اللاحقة.
وثمة مدرسة اميريكية نشأت بوصفها رد فعل للمدرسة الفرنسية الرائدة، وهذه المدرسة الامريكية ضاقت ذرعاً بما وصفته بضيق المدرسة الفرنسية ومحدودية رؤيتها للأدب المقارن ولذلك فقد رأت ان الادب المقارن هو " البحث والمقارنة بين العلاقات المتشابهة في الآداب المختلفة، وبين الآداب وبقية انماط الفكر البشري كلا متكاملاً ومتداخلاً، ولا يمكن فصل النتاج الادبي عن غيره من انماط النتاج الفكري الأخرى من علوم وفنون (4) ومن الواضح ان توسيع دائرة اهتمام الادب المقارن بمثل هذه الصورة لايخدم هذا التخصص بل يقحمه في صعوبات جمة لا قبل له بها، اذ كيف يتاح لباحث واحد ان يلم بالآداب والعلوم والفنون كي يتسنى له ان يفيد منها جميعاً في دراسة مقارنة، يضاف الى هذا ان اتساع ميدان الأدب المقارن بمثل هذه الصورة سيضيع عليه فرصة ان يكون اكثر دقة ومنهجية حيث ستكون احكامه وفقاً لهذه الرؤية المتسعة نسبياً ابعد عن الدقة والمنهجية، وبهذا تضيع فرصة التوصل الى حقائق ادبية مستجدة مستوحاة من طبيعة هذا التخصص وبوساطة ادواته المنهجية واسلوبه الخاص في التوصل الى تلك الحقائق.
ولانجد مثل هذه الرؤية المتسعة لدى «رينيه ويليك» وان كان من رواد المدرسة الامريكية للادب المقارن، فهو وان اشار الى ان مفهوم «فان تيجم» للادب المقارن ضيق ومحدود لانه يحصر مادته في طرفين اثنين فحسب هما الطرف المؤثر والطرف الآخر المتأثر به فإنه عرف الأدب المقارن بأنه " الدراسة الادبية المستقلة عن الحدود اللغوية والعنصرية والسياسية، ولا يمكن حصر الأدب المقارن بمنهج واحد فالوصف والتشخيص والتفسير والرواية والتقويم عناصر لا تقل اهمية عن المقارنة فيه(5) ويبدو ان المفهوم الواسع للادب المقارن تبلور على يد باحثين امريكيين آخرين، ومنهم «ريماك» الذي عرف الأدب المقارن بانه «دراسة العلاقات بين الآداب من ناحية والمجالات الاخرى للمعرفة والاعتقاد كالفنون (الرسم والنحت والمعمار والموسيقى مثلا)ً والفلسفة والتاريخ والعلوم الاجتماعية كالسياسة والاقتصاد والاجتماع والعلوم والدين... الخ» من ناحية اخرى(6) ولا يخفى مافي التعريف من شمول وسعة يضيع فيها الباحث الفرد، ولايمكن الالمام بكل هذه العلوم والفنون الا في ظل فريق عمل او مؤسسة تضم بين جوانحها مختصين في كل هذه التخصصات، وفي مثل هذا الكم من المختصين هل يمكن التوصل الى حقائق ادبية جديدة تصب في تخصص الأدب المقارن؟ نحن لسنا في مواجهة مع التخصصات المجاورة، ولكن التداخل مع هذه التخصصات جميعاً قد يضيع هوية الأدب ويطمس خصوصيته.
ولكي نوضح رؤية كل من المدرستين الفرنسية والامريكية على صعيد الميدان التطبيقي فان مقارنة بين انياذة «فرجيل» الروماني والكوميديا الالهية لدانتي اليجيري هي مقارنة معترف بها وفقاً للمدرسة الفرنسية وذلك لان «دانتي اليجيري» اتخذ من «فرجيل» دليلاً له في الكوميديا الالهية وليس ثمة ادنى شك بتأثره به، ومثل ذلك يقال عن تأثير الالياذة والأوديسة في الانياذة «لفرجيل» اذ ان الفضاء المكاني للملاحم الثلاث (الالياذة والاوديسة والانياذة) ينطلق من طروادة، وحدث اجتياح اسوارها بحيلة الحصان الخشبي التاريخية، إذاً لا خلاف على أن «فرجيل» في الإنياذة قد تأثر بالملحمتين الخالدتين (الالياذة والأوديسة) وان كان «فرجيل» في انياذته لم يرتفع الى مستوى هوميروس في ملحمتي الالياذة والاوديسة من وجهة نظر الدكتور محمد غنيمي هلال لا من حيث الوحدة ولا من حيث ترتيب الافعال وتقديم الحدث، وان كان الدكتور هلال يعترف بالاضافة المهمة التي اضافها فرجيل في الانياذة وهي في عجائب العالم الآخر والرحلة اليه مما امتاز بها «فرجيل» اكثر من «هوميروس» فهي اقرب الى عجائب العالم المسيحي الاخروي»(7) ويبدو ان هذه الرحلة الى العالم الآخر هي التي لفتت انظاردانتي اليجبري الى انياذة فرجيل.
ولكن مقارنة بين ملحمة جلجامش السومرية والملاحم التي تلتها كملحمتي الالياذة والأوديسة الإغريقيتين او ملحمة الانياذة اللاتينية أو الشاهنامة الفارسية او المهابهاراتا الهندية أو سواها من الملاحم هي مقارنة غير ممكنة من وجهة نظر المدرسة الفرنسية اذ لم يثبت التأثر او التأثير في حين ان مقارنة كهذه ممكنة في اطار رؤية المدرسة الامريكية للأدب المقارن ذات الطابع المتسع المرن ومن منطلق ان نسق الملاحم في الحضارات القديمة متقارب من حيث المضامين والتقنيات وظروف الانسان آنذاك، وعلى هذا الاساس ذاته يمكننا ان نقارن بين الشاعر الانكليزي «جون كيتس» والشاعر التونسي ابي القاسم الشابي ولكن المدرسة الفرنسية لاتعترف بمثل هذه المقارنة اذ لم يثبت التأثر والتأثير ومثل ذلك يقال عن مقارنة مابين الشاعر الانكليزي «تي اس اليوت» والشاعر العراقي بدر شاكر السياب في حين لا ترى المدرسة الاميريكية باساً في مثل هذه الدراسات المقارنة أو فيما يناظرها من محاور وموضوعات، ولا تختلف المدرستان الفرنسية والامريكية بشأن المقارنة بين الروايات التاريخية التي كتبها «السير ولترسكوت» الذي وصف بأنه أب للقصة التاريخية في اوروبا وبين الروايات التي صاغها جرجي زيدان وفقاً لمنطلقات المدرسة الفرنسية لأن جرجى زيدان اعترف بتأثير «السير وولتر سكوت» عليه مما لا يدع مجالاً للشك في ان رواياته التاريخية خضعت للنسق ذاته الذي ابتدعه «السير وولترسكوت».
ويصعب علينا ان نميز خصوصية او فرادة فيما يدعى بالمدرسة الاشتراكية في الأدب المقارن لأن هذه المدرسة -ان جاز لنا ان نسميها كذلك- قد تقترب من رؤية المدرسة الفرنسية في بعض منطلقاتها وربما اقتربت من المدرسة الامريكية في منطلقات أخرى لها، بيد ان الخط العام لها يتقيد بدراسة "الاسس الاجتماعية والاقتصادية والأسس الطبقية وتاريخ الحضارة لتجعل من ذلك كله اطاراً للظاهرة الادبية التي تدرسها " ولانفاجأ بمنطلقات هذه المدرسة فهي معروفة ولسنا بصدد اختفاء هذه المدرسة بعد انهيار الكتلة الاشتراكية الاوروبية بيد ان الاستنتاج المهم المستقى من طبيعة هذه الرؤية للأدب المقارن هو ان مفهوم الأدب المقارن يتأثر بالضرورة بالمنطلقات الفكرية والسياسية السائدة، وهو استنتاج قد يقترب من البديهيات والمسلمات.
وكان الأديب الألماني الفذ «جوته» قد تبنى مصطلح الأدب العالمي أو أدب العالم مؤسساً لوجهة النظر الألمانية وجذور الأدب المقارن لديهم "وحين اصبحت الدراسات المقارنة تأخذ طابعاً خاصاً تبنوا مصطلح علم الأدب المقارن وهم يركزون على موضوعات الموروث الشعبي ونظرية الحقب الأدبية وحاولوا التمايز بهذه الدراسات عن المنهج الفرنسي، ونلاحظ انفتاحاً عالمياً المانياً وخاصة على الآداب الشرقية من قبل الكلاسيكيين الألمان تحت تأثير مصطلح جوته(9).
ويبدو ان مصطلح الأدب المقارن منذ نشأته يثير مشاعر متضادة بين المتحمسين له والرافضين له، وممن سجل رفضه البات للأدب المقارن "بينيد يتوكروتشي" ومنذ عام 1903م اذ دافع عن وجهة نظره وفحواها «ان الادب المقارن هو لا موضوع وهكذا وباحتقار شديد رفض فكرة أنه يمكن اعتبار الأدب المقارن دراسة اكاديمية منفصلة، وناقش التعريف القائل بان الادب المقارن بحث في التحولات والتغيرات والتطورات والاختلافات المتبادلة للموضوعات والافكار الادبية عبر الأداب، وانتهى الى انه لا يوجد حقل اكثر اجداباً من مثل تلك الدراسات، فهي على حد قوله يمكن تصنيفها ببساطة واختصار تحت بند الحذلقة العلمية واقترح ان مايجب دراسته بحق هو تاريخ الادب بدلاً من ذلك الذي نطلق عليه الادب المقارن(10) ولكن بعض العلماء والباحثين المتحمسين للأدب المقارن عظموا شأن هذا التخصص بل بالغوا في ذلك ومنهم تشارلس ميلز جيلي وهو احد مؤسسي الأدب المقارن في امريكا الشمالية اذ يذكر ان الأدب المقارن بوصفه وسيلة "متميزة ومتكاملة للفكر وتعبير مشترك ومجمع للانسانية يختلف بل شك حسب الظروف الاجتماعية للفرد وحسب المؤثرات والفرص والقيود العرقية والتاريخية والثقافية واللغوية التي تحكم هذه الظروف ولكنها وبغض النظر عن العمر او الشكل تحثها احتياجات وطموحات انسانية مشتركة(11) ويرفض فرانسوا جوست عام 1974م مفهوم الأدب القومي الذي لايمكن الا ان يكون مداناً بسبب عشوائية منظورة المحدود - كما عبر- في حين ان الأدب المقارن" يمثل ماهو اكثر من دراسة اكاديمية، فهو يقدم نظرة شاملة للأدب ولعالم الكتابة، وهو دراسة للبيئة البشرية ونظرة ادبية للعالم ورؤية شاملة ووافية للكون الثقافي(12).
ونتساءل بعد هذا الاستعراض السريع لمدارس الأدب المقارن، ترى هل يمكننا ان نطمح الى رؤية خاصة للأدب المقارن تنبع من ادبنا العربي الغزير؟ وهل يمكننا على الاقل ان نضفي على بعض الجوانب في الادب المقارن خصوصية لأنها مما يهمنا ويؤكد دورنا الحضاري؟ بعيداً عن المبالغات ولاسيما في هذه المرحلة، ولكي نجيب عن سؤال كهذا ينبغي ان نشير الى ضرورة ان يكون لدينا باحثون يجيدون الاطلاع على الادبين العربي والأدب الآخر وباللغة الأخرى الأصلية، واذا مانشأ لدينا كم من الباحثين في مجال الأدب المقارن واضمامة منتقاة من الدراسات المقارنة التي تحمل طابعنا الخاص فان ذلك يمكن ان يكون نواة للمفهوم الذي نريده(13).
ولعل شعوباً اخرى غير الغرب الأوروبي انتبهت الى تخصص الادب المقارن وسعت الى مانسعى اليه "فبدأت برامج دراسية جديدة في الادب المقارن في الصين وتايوان واليابان وعدة دول آسيوية اخرى وهذه الدراسات لاتركز على اية فكرة كونية او عالمية ولكن على ذلك الجانب من الدراسة الادبية الذي حاول القائمون على المقارنة في الغرب انكاره الا وهو خصوصية الآداب القومية، وكما عبر عن ذلك "سوابان ماجو مدار". بسبب ذلك التفضيل للأدب القومي والذي اثارت منهجيته استياء النقاد الانجليز والأمريكان كان فان جذور الادب المقارن قد تأصلت في امم العالم الثالث وخاصة في الهند، ويذهب "جانيش ديفي" ابعد من ذلك عندما يقول: ان الأدب المقارن في الهند يرتبط ارتباطاً مباشراً بظهور القومية الهندية الحديثة، ويذكر ان الأدب المقارن قد استخدم لتأكيد الهوية الثقافية القومية، ولايوجد احساس هنا بأن هناك تناقضاً بين الأدب القومي والأدب المقارن(14).
ونجد انفسنا مع وجهات النظر التي انصفت الأدب المقارن ورأت فيه منفذاً يقوي الأواصر الثقافية بين الشعوب دون ان تضحى بنكهته المحلية بل بالعكس من ذلك تماماً اذ تكون المحلية لوناً خاصاً يمنح الأدب القومي كما قد يسميه بعض الباحثين فرادة وخصوصية لاسيما ان مجال البحث في الادب المقارن هو مجال فسيح جداً وهو يشرئب الى آفاق الثقافات الأخرى التي من شأنها ان تثري الأدب القومي وان تفيد من عطائه(15).
وبشأن فكرة صراع الحضارات التي شاعت اواخر القرن الماضي واوائل هذا القرن فانها مما غذته الأفكار المتطرفة وصاغتها الأحقاد واحتضنتها الرؤى المستغلة المشحونة بوهم التفوق والغاء الآخر مما يجافي طبيعة هذا التخصص الذي يمكنه تماماً ان يخفف من حدة هذا التضاد الموهوم بين الحضارات والآداب ويمكنه ايضاً ان ينطلق في مساحات انسانية مفعمة بالهموم والطموحات الموحدة لادباء العالم ومفكريه وعلى مر الاجيال لاسيما ان هؤلاء الادباء هم مرايا شعوبهم وليس ادل على ذلك من الفولكلور الذي يحمل سمات متقاربة لدى كل الشعوب وانما في بيئات انسانية متباينة، ويمكن للفولكلور ان يمد الادب المقارن بفيض من الموضوعات والظواهر والرؤى ومنها على سبيل الاستدلال النسق الأسطوري وتقنيات الملاحم وعناصر السيرة الشعبية وبنية الحكايات ومضامين الأمثال وايقاعات الأغاني الشعبية ومفارقات الطرفة الذكية وسوى ذلك كثير.
ان الباحث اذا مادلف الى رحاب تخصص الأدب المقارن فانه ينبغي ان يتطهر من مزلقين متضادين احدهما وهم التفوق المطلق على الآخر وهو ورم سرطاني يحول دون الرؤية الدقيقة والمزلق الآخر هو هذا الاحساس بالنقص ازاء الآخر بمعنى ان المرآة المحدبة او المقعرة لايمكن ان تعكس لك الوجه الحقيقي للأدب المقارن وينطبق هذا تماماً على مظاهر الفكر وحقائق الحياة بوجه عام.
ويظل الباب مفتوحاً لاثراء هذا التخصص بالجديد في هذا الشأن علماً بأن ثمة مجالات وآداباً أخرى يمكن ان تكون مادة لدراسات مقارنة جديدة ومنها تلك التأثيرات المتبادلة بين الأدب العربي والآداب الشرقية التي قد تبدو اكثر اقتراباً من الأدب الغربي كالأدب الهندي والفارسي والتركي والصيني والياباني وسواها من الآداب الشرقية الأخرى.
ان عطاءنا الأدبي يتيح لنا من خلال مادة الادب المقارن رؤية اكثر شمولاً له ويضفى عليه دلالات اغزر وايحاءات ابعد اثراً وبهذا فان دورنا من خلال مجمل نتاجنا الادبي يبدو اوضح واقوى فعلينا اذن ان نهتم بهذا النمط من التخصص على ان لايكون مدعاة للتعبير عن النقص بحيث يكون هدفنا منه مجرد السعي للحصول على الاطراء والمديح لماضينا الأدبي الزاهر وانما ان نساهم في رفد هذا التخصص الجديد نسبياً بما يضيف اليه من مبتكر ومتميز.
<  الهوامش:
(1) فان تيجم، الادب المقارن، ترجمة دار الفكر العربي، القاهرة دون تاريخ، ص62.
(2) ماريوس فرانسوا جويار: الادب المقارن، ترجمة د. محمد غلاب، مطبعة لجنة البيان العربي، بيروت 1956، ص5.
(3) د. محمد غنيمي هلال، الادب المقارن، دار العودة، ط5 بيروت 1981، ص9 (ط1 عام 1953م).
(4) د. محمد عبدالسلام كفافي، في الادب المقارن، بيروت 1972، ص24.
(5) رينيه ويليك، مفاهيم نقدية، ترجمة د. محمد عصفور، مطابع الرسالة، الكويت 1987، ص318.
(6) د. عبدالحكيم حسان، الادب المقارن بين المفهومين الفرنسي والامريكي، مجلة فصول، المجلد الثالث، العدد الثالث، القاهرة 1983 ص 15-16.
(7) د. محمد غنيمي هلال، الادب المقارن، ص 149.
(8) عز الدين المناصرة، مقدمة في نظرية المقارنة، دار الكرمل، عمان، 1988، ص 21-22 وينظر كذلك: د. جميل نصيف ود. داود سلوم، الادب المقارن، مطبعة التعليم العالي، بغداد 1989 ص 116.
(9) عز الدين المناصرة، مقدمة في نظرية المقارنة، ص20.
(10) سوزان باسنيت، الادب المقارن، مقدمة نقدية، ترجمة: أميرة حسن نويرة، المجلس الاعلى للثقافة، القاهرة 1999م، ص 6-7.
(11) نفسه، ص7.
(12) نفسه، ص 7-8.
(13) انوه هنا ببعض دراسات الادب المقارن للدكتور. حسام الخطيب والدكتور/ صفاء خلوصي والدكتور/ عدنان محمد وزان ولا سيما في كتابه مطالعات في الادب المقارن، الدار السعودية للنشر والتوزيع، جدة 1403ه 1983م، وكتابه الاخر: صورة الاسلام في الادب الانجليزي، دراسة تاريخية نقدية مقارنة، دار اشبيليا، الرياض 1419ه- 1998م. وثمة كتاب مميز للدكتور حيدر غيلان تحت عنوان (الادب المقارن ومتطلبات العصر).
(14) سوزان باسنيت، الادب المقارن، ص 9-10.
(15) د. محمود طرشونة، مدخل الى الادب المقارن وتطبيقه على ألف ليلة وليلة، مؤسسات باباي ط 3 تونس 1997م ص 5 (ط1 عام 1986).
*د يحيى
11 - فبراير - 2008
مشكلات وآفاق    كن أول من يقيّم
 

                             واقع الأدب المقارن

 
لابدّ لنا من أن نطرح على الأدب المقارن العربي سؤالاً محرجاً، ألا وهو: ماذا قدّم هذا العلم حتى الآن للنقد الأدبي والدراسات الأدبية في الوطن العربي؟ ويؤسفنا أن يكون جوابنا عن هذا السؤال إنه لم يقدّم الشيء الكثير، ولم يتمكّن من أن يؤدي أكثر من جانب يسير من رسالته المهمة والخطيرة. فهو لم يتمكن من النهوض بالنقد الأدبي العربي وتوجيهه بالصورة التي يطمح إليها أهل الاختصاص من توجيه الأدب العربي الحديث "وجهة رشيدة"، وهذا ما طمح إليه الدكتور محمد غنيمي هلال. وجلّ ماقدّمه الأدب المقارن للنقد والأدب العربيين حتى الآن هو إلقاء الضوء على بعض جوانب علاقة هذا الأدب ببعض الآداب الأجنبية، ولا سيما الآداب الأوروبية والأدب الفارسي. ورغم كلّ مازعمه الدكتور هلال حول خطورة الأدب المقارن وأهميته، ظلّ هذا العلم في الوطن العربي ظاهرة هامشية، وذلك لأسباب كثيرة، نذكر منها:
1- تأخر ظهور الأفكار المقارنية في النقد الأدبي العربي، وخلوّ النقد العربي القديم من تلك الأفكار بصورة شبه تامّة. فمن المعروف أنّ عقد الموازنات بين الأدب العربي والآداب الأجنبية لم يظهر إلاّ في أواخر القرن الماضي ومطلع القرن الحالي على يد رواد عصر النهضة، ثم على يد نقاد أدبيين من أمثال روحي الخالدي وقسطاكي الحمصي .
2- تبعيّة الأدب المقارن العربي الشديدة للمدرسة الفرنسية، وانسياقه وراء دراسة العلاقات الأدبية ومسائل التأثير والتأثر، التي استنفدت حتى الآن الجزء الأعظم من الجهود التطبيقية التي بذلها المقارنون العرب.
3- لا يدرّس الأدب المقارن في الجامعات العربية إلاّ على نطاق ضيّق، وذلك كمادّة مقررة ضمن دراسة اللغة العربية وآدابها، واللغتين الإنكليزية والفرنسية وآدابهما. ففي الجامعات السورية على سبيل المثال تدرّس مادة الأدب المقارن في السنة الدراسية الرابعة ولفصل دراسيّ واحد، حيث خُصّصت لها خمس ساعات أسبوعية، أربع منها للمحاضرة النظرية وساعة لحلقة البحث. ويدرّس مقرر الأدب المقارن، كغيره من المقررات الدراسية، بالأسلوب المدرسيّ المعروف، القائم على وجود منهاج وكتاب مقرّر ونمط معيّن من الامتحان، وهو أسلوب جعل دراسة الآداب في جامعاتنا دراسة ضئيلة المردود، تشجّع الطالب على الحفظ والاستظهار، بدلاً من أن تحفزه على ممارسة البحث العلمي بالاعتماد على النفس، وعلى التعامل الخلاق مع الأدب.أضف إلى ذلك ندرة الأساتذة المتخصصين فعلاً في الأدب المقارن، وإيكال تدريس هذه المادّة إلى أساتذة غير متخصصين. ومما ساهم في ضمور الأدب المقارن العربي عدم وجود دراسات عليا فيه، وعدم توافر معاهد أو أقسام خاصّة به في الجامعات العربية، على نمط ما هو شائع في جامعات الأقطار المتقدّمة...
4-    ضعف التواصل العلمي مع الأدب المقارن في العالم، والتأخر في استيعاب ما يستجدّ في العالم من اتجاهات نظرية وأبحاث تطبيقية، سواء من خلال الترجمة، أم من خلال عرض الإصدارات المهمة وتلخيصها. وجلّ ماتمّ تعريبه حتى الآن هو بعض مؤلفات الفرنسيين فان تيغم وغويار وبرونيل وباجو، والأمريكيين ريماك وويلليك وليفين، والبريطاني براور  . وإذا استثنينا المدرسة المقارنية الفرنسية، التي لعبت بالنسبة للأدب المقارن العربي دور القابلة، فإنّ العرب لم يستوعبوا بصورة كافية أيّاً من المدارس المقارنية الحديثة، بما في ذلك ما يعرف بالمدرسة الأمريكية. وقد كان التقصير في تمثيل البحوث المقارنة في أقطار أوروبا الشرقية "المدرسة السلافية" وألمانيا شبه تام(38) . إنه تقصير لا يُغتفر ألاّ تستوعب الأوساط المقارنية العربية بصورة مناسبة مقارناً حظي بإجلال الأوساط المقارنية في العالم بأسره، ألا وهو المقارن الروسي الكبير فيكتور جيرمونسكي  . كما يتجلّى ضعف التفاعل بين المقارنين العرب والمقارنية العالمية في غياب عربي شبه تامّ عن المؤتمرات والندوات المقارنية الأجنبية، قطرية كانت أم إقليمية أم دولية، وفي مقدّمتها مؤتمرات الرابطة الدولية للأدب المقارن (AILC)  التي قلّ أن يشارك فيها المقارنون العرب ويسجلوا حضوراً علمياً ملحوظاً للأدب المقارن العربي.
5- ضعف التواصل العلمي بين المقارنين العرب أنفسهم، وذلك لعدم وجود مجلة عربية متخصصة في الأدب المقارن، وندرة الندوات العلمية التي تقيمها الجامعات العربية في هذا المجال، وتعثر مسيرة الرابطة العربية للأدب المقارن، وعدم قيام جمعيات قطرية للأدب المقارن في معظم الأقطار العربية.
الدكتور : عبده عبود
الأدب المقارن : مشكلات وآفاق.
*د يحيى
11 - فبراير - 2008
 1  2  3