| مخطوطة أم خواطر?. كن أول من يقيّم
قدمتم للبحث بتقديم أرجو ألا يكون من قبيل التدليس .. فقد ظننت حقا أن في الأمر مخطوطا تم العثور عليه ، فيستحق من عثر عليه الشكر والإعجاب . ولكنني أعرف أن مخطوطاتنا سرقت ، ولم يعد هناك ، منذ نصف قرن على الأقل ، أي أمل بالعثور على أي مخطوط ضائع .. ولهذا استغربت واستبعدت ، ثم تبين لي أنه أسلوب من أساليب الأدباء ، في إقناع القارئ بواقعية القصة أو الرواية ، والإقناع بواقعية العمل من أهم عناصر التشويق في الفن الأدبي .. ولكنكم أسرفتم في وصف المخطوطة ومكانها وزمانها وشكلها مما يوحي بأن ثمة مخطوطة حقا .. وكان الأصوب أن تصفوا الأمر كما هو ، مجموعة خواطر عاشها الكاتب مع ديوان الشاعر ، وكأنما كان يعيش مع الشاعر نفسه ، وجعل لذلك أسلوبا جديدا ، تخيل فيه العثور على مخطوط بخط المتنبي ، الذي لا أظن أنه كتب بيده شيئا قط .. وعلى كل حال ، فهذا النوع من الخواطر الحية ، هو من خير أنواع التحليل الأدبي ، ولا يستطيع الإبداع فيه إلا القلة الذواقة ، من كبار المبدعين ، وأرجو أن يكون الأستاذ السويدي واحدا منهم . وهذه الخواطر ، التي كتبها الأستاذ السويدي مشكورا ، هي عمل أدبي رائع ولا شك ، ولكنها مثلها مثل السيرة والقصة والرواية ، لا يمكن أن تكون وثيقة تاريخية أو مصدرا معتمدا من مصادر التاريخ ، ، فليس لها أية قيمة توثيقية ، وإن كان من الممكن وربما الواجب الاستئناس بها في بعض الأحوال .. لذا فإنني أرجو ألا يطالب الأخ السويدي أو سواه ، بان تكون هذه الخواطر وأمثالها مرجعا أو مصدرا تاريخيا حقيقيا عن حياة المتنبي وشعره ، كما فعل جيورجي زيدان ، حين طالب بأن تكون رواياته مرجعا تاريخيا ، وهو فيها يخالف حقائق التاريخ ويزيفها كما يحلو له.. هذه الخواطر متاحة لمن يريد أن يقرأ أدبا راقيا رفيعا ، لا لمن يريد مصدرا تاريخيا مرجعيا ، وإن كان البحث التاريخي سيكون جافا وجامدا ومملا ، إذا لم يزينه صاحبه ببعض الخواطر والجمل والمعاني ، التي أبدعها ذهن الكاتب السويدي المتوقد ، وخطها يراعه المبدع المتفنن.. مع تحياتي للجميع .. | *داوود | 24 - مايو - 2007 |
| بطل مغوار أم شاعر عملاق كن أول من يقيّم وصف الأستاذ زهير المتنبي بأنه بطل مغوار ، وشاعر عملاق .. وأرى أنه من الخير أن نقسم المتنبي نصفين : (المتنبي الرجل ، والمتنبي الشاعر) .. وعلى الرغم من أن الشاعر والبطل لا يجتمعان في شخص واحد ، إلا أنهما في المتنبي أبعد ما يكونان عن الاجتماع . والبطولة والشاعرية تتناسبان عكسا في الإنسان ، فكلما زادت البطولة قلت الشاعرية وبالعكس . وبما أنه لا مشاحة في عملقة المتنبي الشعرية ، فلا شك في أن رجولته وبطولته مشكوك فيها .. وقل مثل ذلك في (الملوك الأرانب) فهل كان كافور أرنبا مثلا?. وهل استطاع المتنبي أن ينال من كافور شيئا?. وهل كان كافور أقل ذكاء من المتنبي ?. لقد أدرك كافور هدف المتنبي من أول وهلة ، ولكن المتنبي لم يدرك مرامي كافور إلا بعد فوات الأوان ، فأيهما أذكى?. قال أحدهم يوما : لقد كان المتنبي كبيرا إلا أنه كان يطلب أمرا حقيرا ويظنه بخياله عظيما ، لقد كان يطلب وظيفة عند كافور ، فلم يحصل عليها . أما مصرعه ، فأين البطولة فيه وقد هرب أول الأمر لولا أن خادمه عيره بمفاخره الخيالية ، فعاد إلى حتفه لا إلى بطولته ، فلم يسجل لنا التاريخ شيئا عن مقاومته وبلائه قبل موته.. ثم إن قول الأستاذ النويهي بالأسباب السياسية لقتله ، على وجاهته ، يحتاج إلى الدليل ، ولا أظنه بعيدا ، ولكن لا بد منه ، فقد قيل إن مخاصمة المتنبي وسيف الدولة ، ورحلة المتنبي إلى كافور كانت حيلة سياسية لا ستطلاع بعض الأمور التي تساعد سيف الدولة في مد سلطانه إلى مصر ، حيث كان المتنبي وسيف الدولة (يستضرطان) كافورا ، فباءت الرحلة والحيلة بالإخفاق .. وأما قول الأستاذ النويهي (ولايثبت فى يقينى أن هجاءه لضبة كان الذريعة لقتله ، وإلا مابقى شاعر على قيد الحياة لمجرد هجائه لبعض الناس) ففيه نظر ؛ لأن العرض كان في نظر القوم أغلى مما آل إليه اليوم ، ولأن قلة من الشعراء ينحدرون إلىالدرك الذي انحدر إليه المتنبي في هجائه لضبة .. ولأن المتنبي لم يقم بهجاء ابن ضبة بل هجاها هي بفحش لا مثيل له.. لقد أفحش فحشا أستغفر الله أن أذكره على هذه الصفحات .. إنه لا يستحق عليه الجلد ، بل ربما يستحق الرجم أيضا ، ولا أزعم أن فاتكا نفذ فيه حكم الله ، ولكن أي امرئ في وضع فاتك لا يمكن أن يقوم بأقل من هذا .. ولننظر أكل الشعراء يفعلون مثل هذا حتى لا يبقى شاعر?. واقرؤوا إذا شئتم ( ما أنصف القوم ضبة .. وأمه الطرطبة ) .. أما أن المتنبي شاعر عملاق ، فلا يماري في ذلك عاقل .. وأما أنه بطل مغوار ، فاسمحوا لي بالمخالفة ؛ لأن سيده سيف الدولة نفسه ، المشهور ببطولاته وأمجاده ، وبألقاب الفخر والتمجيد التي عرفناها عنه في الأدب لا التاريخ ، لم يكن كذلك ، فكأن بطولة سيف الدولة هي من شعر المتنبي أيضا ؛ ففي المحاضرات والندوات التي أقيمت في اختيار حلب مدينة الثقافة الإسلامية ، أشار بعض المحاضرين إلى أن التاريخ سجل لسيف الدولة ثلاث عشرة معركة لم ينتصر إلا في ثلاث منها فقط !. فاقرأ واعجب . مع كل احترامي وحبي .. | *داوود | 7 - يونيو - 2007 |
| يا داود إنا كن أول من يقيّم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . كل عام وأنتم بخير ,مع إطلالة هذا الشهر الكريم الأستاذ الكريم داود محق بشأن ماذهب إليه بشأن ما ادعاه بانعدام الثقة عن طه حسين حينما يكتب عن التراث العربي الإسلامي ,وهذا دعوى يؤيدها البرهان ,لا الإيمان ,ويثبتها العقل والبحث العلمي ,وليست العاطفة ,أو من يزعم أنه يعقل ,وكون الأخ الكريم داود لم يقرأ كتاب المتنبي لمحمود شاكر رحمه الله ,فهو لم يعرف المتنبي حقا ,وهو من أمتع البحوث التاريخية الأدبية وأصدقها وأوثقها ,وبالنسبة لكتاب طه حسين فقد رد عليه محمود شاكر ,وفند حجته بنسبته إلى القرامطة ,وسأوردها هنا إن أرادها الأخ داود . يقول طه حسين في مقدمة كتابه وعن أسباب كتابته عن المتنبي (قل ماتشاء في هذا الكلام الذي تقرأه .قل إنه كلام يمليه رجل يفكر فيما يقول ,وقل إنه كلام يهذي به صاحبه هذيانا ,قل إنه كلام يصدر عن رأي وأناة ,وقل إنه كلام يصدر شذوذ وجموح ,فأنت محق في هذا كله ,...فلنتمرد بالجماعة ولنثر بالقراء ,ولننبذ الاحتياط ,إلا هذا الذي يثير الشر ,ويؤذي الأخلاق ). ثم يعقب عليه أبو فهر (زهو بغيض وخيلاء نابية وعجب لايرحم بائسا رماه حب القراءة في تنور وقوده من زمهرير ثرثرة قاسية ). ولقد قال محمود فصدق ,وقال طه عن نفسه فصدق ,والصدق حبيب الله ,فقذف المتنبي بإنه لقيط لا أب له ,إنما هو ثرثرة وتخريف ,وهذيان وتخليط ,وقول بلا برهان ,وهي شبهة لاترقى بأن تكون دعوى ,وهو مثير للشر ,منقصة للأخلاق ,مجلبة للخطايا والسيئات ,وسنة سيئة في تاريخ البحث ,وتأويل فاسد لأدب المتنبي وكفى بهذا ضلالا . كل عام وأنت بخير يا أستاذ عبدالرؤوف ,وأعظم شكر لما قدمه الأخ داود من طرح راق,وتحياتي لأهل الوراق أجمعين . | خالد العطاف | 13 - سبتمبر - 2007 |