البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : المدية ، في مرآة التاريخ    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )

رأي الوراق :

 لمياء 
27 - ديسمبر - 2007
 
احترت في أي المجالس أحط الرحال، فالمدية كانت التاريخ والجغرافيا لا جزئا منهما، وتجاوزت كونها الملهمة فهي الشاعر والأديب ، ومهما طال بي الوصف فإني لن أوفيها حقها مهما حاولت ، فلا يسعني الآن إلا أن أقول : أهلا بكم في مدينتكم !!
وقد فكرت طويلا في مقدمة مناسبة فلم أفلح ، وحاولت أن أبدأ بوصف بسيط فلم تطاوعني الكلمات، فإن كان علي تقديم لمحة بسيطة عنها كتمهيد ، فاسمحوا لي أن أنقل تعريفا موجزا لها من موسوعة وكيبيديا :
 
يقدر عمر المدية بألف عام أو يزيد، فالمدية عاصمة بايلك التيطري يعود تاريخها إلى عهد قديم أي حوالي 350هـ، بحيث قال أحد المؤرخين (المدية عتيقة قديمة،وأن المدية سبقت بني زيري وأنها أقدم من أشير…فقد تداولت عليها عدة حضارات وسكنتها الكثير من الشعوب، والمدية اليوم من بين ولايات الجزائر تتوفر على منتوج ثقافي، سياحي،وتاريخي وهي تقاطع مدينة تلمسان في عدة تقاليد لتشابه أنماط المعيشة لدى سكانها وطريقة عمرانهم، وأسلوب حياتهم، و من الشخصيات التى ولدت و ترعرعت بالمدينة الشيخ ابن شنب وفضيل اسكندر، كما أنها كانت عاصمة الولاية الرابعة في حرب التحرير ضد المستعمر الفرنسي.
 
وتقع ولاية المدية في الأطلس التلي، وتتربع على مساحة قدرها 8700 كلم2 وعلى ارتفاع 920 م من سطح البحر وتبعد عن العاصمة(الجزائر) 88 كلم2 شمالا.
إداريا: تضم الولاية 64 بلدية و 19 دائرة ،تحدها من الشمال ولاية البليدة و من الجنوب ولاية الجلفة و من الشرق ولايتي المسيلة و البويرة و غربا ولايتي ولاية عين الدفلى و تسمسيلت .
 
تعتبر الولاية بفضل موقعها الجغرافي همزة وصل بين الساحل والهضاب العليا ،بحيث تمتاز بشتاء بارد. و صيف حار ،و تسمى بوابة الأمطار بحيث تصل نسبة الأمطار فيها من 400 إلى 500 ملم سنويا. وهي تعرف بتساقط الثلوج .
وهي ذات طابع فلاحي رعوي إذ تقدر الأراضي الفلاحية بمساحة 341.000 هكتار ومساحة غابية تقدر ب161.885 هكتار، تتوفر على إمكانيات حقيقية للنشاطات الاقتصادية المتعددة وخاصة السياحية منها .
 
هذا وللحديث بقية  ...وإلى حين اللقاء ، تقبلوا مني سلامي        
 
 
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
غوص إلى أعماق التاريخ    كن أول من يقيّم
 
                
 
               
من نفس الكتاب (تاريخ المدن الثلاث) ، أنقل مقال لـ"مولاي بلحميش" بعنوان مدينة المدية عبر العصور
مولاي بلحميش
مدينة المدية عبر العصور
1-اسمها الحقيقي ومعناه :
 
اختلف المؤرخون في تسمية هذه المدينة ، وتعددت الروايات في صيغة الاسم وفي نسبه وفي تاريخه .
فهل المدية من LAMBDIA القرية الرومانية التي سبقت في نفس المكان ، مدينة المدية ؟
وهل هي كلمة بربرية كما زعم بعضهم وقال أن معناها "العلو" ، و"الأرض المرتفعة" ؟
وهل رواية بن خلدون (كتاب العبر ج 7) هي الصحيحة وقد قال في حديثه عن النعمان بن يغمراسن الزياني (681-703هـ) :
"نهض عثمان بن يغمراسن إلى المدينة و بها أولاد عزيز من توجين (وهم بربر من زْنَاتَة) فنازلها وقام بدعوته فيها قبائل يعرفون بـ"لَمْدِيَّة" وإليهم تنسب."
وفي موضع آخر يقول بن خلدون : "لَمْديَّة ..هو اسم بطن من بطون صنهاجة وقد استولى محمد بن عبد القوي (أيام بني عبد الوادي) على حصن هذا البطن المسمى بأهله ونطق بعضهم بلمدونة والنسبة إليها لَمْدَاني "
 
2-تأسيس المدية:
متى كان ؟ من المؤسس الحقيقي لها ؟
لا نعرف شيئا عن ذلك بالضبط.
وأما رواية من قال أن بُلُكِين بن زيري هو الذي أسسها حوالي 250 هـ فغير صحيحة ، فقد وجدت المدية قبل العهد الزيري بكثير.
فعندما قال الشيخ سيد أحمد بن يوسف (ولد بالقلعة بني راشد بين 1468 و1475  / توفي سنة 931 هـ -1524  م ودفن بمليانة) : " المدية ، المهدية ، يدخلها الشر ويخرج منها العشية ، لو كانت امرأة ما نأخذ إلا هي "  زعم البعض أن المهدية معناه أن البلدة قديمة عتيقة وأنها بنيت في مكان آخر ثم نقلتها الملائكة الى مكانها هذا . وقد أسس الرومان في عهد لا يذكرونه مدنا كثيرة بما كان يسمى Mauréranie Césarienne  مثل (الجزائر المدينة Rusguniae  ) و(تيبازا Tipassa ) و (تنس cartenae ) كما أسسوا مدنا أخرى بنوميديا شرق القطر ووسطه مثل (سور الغزلانThamarammaa   Auzia ) قرب البرواقية و لمدية Lambdia .
 
وقال أبو عبيد البكري الأندلسي (من رجال القرن -5هـ- 11 م) في كتاب المسالك والممالك ((المدية ...بلد جليل قديم ))
وقال الحسن بن محمد الوزاني الفاسي الأسد الغرناطي Léon l’africain : ((إن الأفارقة القدماء بنوا هذه المدينة في حدود ما كان يعرف بنوميديا Nomédie .))
وقال مرمول Marmol (مؤرخ اسباني من القرن 16 ، عاش مدة في المغرب الأوسط فو جيوش النصارى ) أن المدية عتيقة قديمة أسست في سهل خصب جميل .
فيؤكد كل ما ذكرناه أن المدية سبقت بني زيري وأنها أقدم من أشير .
 
3-المدية في القرون الوسطى الى بني زيان:
أجمع الكتاب على أن زيري بن مناد (في أيام الخليفة الفاطمي الثاني أبو القاسم القائم (322-324 هـ /934-936م ) أسس أشير قرب حصن عرف فيما بعد بـمنزه بنت السلطان على جبل تيطري (ولعله الكاف الأخضر اليوم)
وكان تأسيس أشير حوالي 324هـ-935م .
وبنو زيري من صنهاجة ومن أعوان الفاطميين على الخوارج وامتدت دولتهم في القرن العاشر الميلادي (الرابع الهجري) من تيارت غربا إلى زاب شرقا ،وضعت مراكز مثل الجزائر ومليانة والمدية ، وفضّلهم الفاطميون على غيرهم لأنهم أقدر الناس على محاربة بدو الزناتة جيرانهم في الناحية الغربية ،ولما تسلم زيري بن مناد سنة 349هـ-960م حكم تيارت من يد الفاطميين ، أذن لابنه بولوغين (بلوكين) بتأسيس ثلاثة مراكز ((الجزائر ، مليانة ، المدية ما بين 350 هـ و360 هـ ))
وفي الواقع فإن بولوغين (بلوكين) لم يؤسس هذه المدن التي كانت موجودة من قبل بل أدخل عليها تعديلات واصلاحات وبنى بها وشيد .
يقول ابن خلدون في حديثه عن المدية في ذلك العهد "وكان المختط لها بولوغين (بولوكين) بن زيري "(كتاب العبر  ج 7 )
حتى إذا كان القرن الخامس الهجر الحادي عشر الميلادي احتل الثعالبة (وهم بطن من المعقل ) الناحية بين التيطري والمدية كما حكم أبو الفتوح بن حنوش أمير سنجاس نواحي المدية في نفس القرن.
 
4- المدية في عهد بني زيان أصحاب تلمسان :
قال ابن خلدون في الخبر عن أبي يحيى يغمراسن بن زيان (مؤسس هذه الدولة بتلمسان) مع مغراوة وبني توجين ((وهم زناتة منتقلون دفعهم التيار نحو المغرب وأصبحوا في القرن السابع الهجير أي الثالث عشر الميلادي ما بين الونشريس والسرسو والمدية ولهم قلعة بني سلامة التي أوت ابن خلدون ))وعندما انتشر عهد الخلافة (خلافة الموحدين بمراكش حوالي 646 -1248م ) وكثر الثوار والخوارج بالجهات ..تغلب بنو عبد الواد على نواحي تلمسان الى وادي "صا" وتغلب بنو توجين على ما بين الصحراء والتل من بلدة المدية الى جبل الونشريس....))
وبادر ملوك تلمسان بالاستيلاء على المدية بما لها من أهمية استراتيجية –إذ هي في طريق الجنوب وفي طريق الشرق الجزائري - . فتغلب بنو عبد الواد على عامة أوطان بني توجين وكانت حالتهم مع هؤلاء تختلف بين الحرب والسلم ولما استولى محمد بن عبد القوي عل المدية وعلى ضواحيها أنزل بها أولاد عزيز بن يعقوب من حشمه وجعلها لهم موطنا وولاية . وجاء في خبر سعيد عثمان (681-703هـ/ 1282-1303 م ) مع مغراوة وبني توجين مايلي :
لما عقد عثمان بن يغمراسن السلم مع يعقوب بن عبد الحق المريني صرف وجهه إلى الأعمال الشرقية من بلاد بني توجين ومغراوة (من زناتة) فصارت بلاد بني توجين كلها من عمله ..ثم نهض بعدها الى المدية (سنة 688) وبها أولاد عزيز (من توجين) فنازلها وقام بدعوته فيها قبائل يعرفون بلمْدِيَّة وإليهم تنسب المدية غدروا-حسب قول ابن خلدون –بأولاد عزيز ومكنوا السلطان الزياني من البلدة ، فقام يحيى بن عطية كبير بني تغرين ومال الى السلطان المريني المناهظ لبني زيان وبايع يوسف بن عبد الحق ورغبه في ملك الونشريس ثم عاد الى بلاد بني توجين فشردهم عنها وانتهى الى المدية فافتتحها واختط قصبتها وبعد مدة بعث أهل المدية بطاعتهم للسلطان عثمان بن يغمراسن فتقبلها منهم وأوعز ببناء قصبتها .......ابن خلدون
ولما توفي أبو سعيد هذا خلفه ابنه أو زيان 703هـ- 1304م  فتغلب على المدية ، وانتهى الى جبل حصين بن زغبة في جبل التيطري ، ثم اجلبوا على المدية ، وملكها أبو زيان ، وعاد حصين وامتلك نواحيها وامتنع عليهم مصرها ، ولما هلك أبو زيان 1308م-707هـ ، قام أخوه أبو حمو وأراد أن يقسم أعماله بين أولاده فعين المنتصر على مليانة ونواحيها وأبا زيان على المدية وما إليها من بلاد حصين وعندما رجع السلطان المريني أبو الحسن من تونس ونزل بالجزائر وأراد أن يحارب بني زيان ، انظمت إليه قبائل من المغرب الأوسط مثل الثعالبة وصاحب الونشريس (وهو نصر بن عمر بن عثمان) وسويد وزناتة ، وانظم لأبي ثابت الزياني مغراوة .
فأخذ أبو ثابت على منداس وخرج على السرسو ولحق به مدد السلطان أبي عنان المريني (الخارج على أبيه) فشرد الزياني أثار الأعراب ولحق أحياء حصين بجبل التيطري ثم عطف على المدية ففتحها وعقد عليها لعمران بن موسى الجلولي وخلع السلطان المريني أبي عنان (أباه أبا الحسن ) وزحف الى تلمسان وحاصرها سنة 732-1332 فهزم ملكها وأباد بني عبد الواد ونزل المدية ثم أطل على بجاية (ابن خلدون)
ودب الضعف في دولة تلمسان وأصبح ملوكها في أواخر القرن 15 م لا يستطيعون قمع الفتن ولا منع الأعراب من غزو اعمالهم .فانفصلت المدية عنهم ومالت الى أمير تنس –وأمير تنس من الزيانيين استقر بعيدا عن تلمسان-
وكان أمير تنس أقدر من ملوك تلمسان على حماية المدية لأنه أقرب إليها وبيده ما ليس بيد ابن عمه هناك...
وهذه المدة مطلع السادس عشر ، زار المدية الرحالة الشهير "الحسن بن محمد الوزاني الفاسي " والمعروف عند الغربيين ب Léon l’africain فقد أعجب بالمدية وبموقعها وبأهلها : "فالمدية مبنية في سهل جميل خصب تسقيه أنهار كثيرة وأهلها أغنياء يسكنون دورا جميلة ، وقد استقبلوني بحفاوة وإكرام كأنني أمير المدينة ...وإذا زارهم أجنبي ذو علم ومعرفة فإنهم يعظمونه ويبجلونه ويبقونه عندهم لفصل ما بينهم من القضايا ويعلمون بقوله ويصوبون رأيه ...وأقمت عندهم شهرين..."
 
5-المدية في العهد التركي (1516 الى 1830):
ما هو سبب دخول الأتراك الى المغرب الأوسط ؟
في القرن السادس عشر ، عندما عمت الفوضى في المغرب ودب الضعف في الدول القائمة (بنو حفص في تونس، بنو عبد الواد في تلمسان ، وبنو مرين في فاس) عزم الاسبان على ضرب الاسلام في دياره بعد اخراجه من آخر مصر من الأندلس سنة 1492 بسقوط غرناطة ، فاحتل النصارى المرسى الكبير 1505 ووهران 1509 وبجاية 1510 فضاقت حالة المسلمين لا سيما بمدينة الجزائر فاستدعى شيخها "سالم التومي " وأعيانها الأخوين "عروج" و"خير الدين" لاعانتهم على الاسبان ، وقد اشتهر الأخوان في تونس بالحزم والاقدام والجرءة في البحر وانقاذ المسلمين .
فجاء عروج الى الجزائر وانتصب ملكا على المدينة وانطلق في بسط نفوذه داخل البلاد . واحتل عروج المدية بعد انهزام أمير تنس "حماد بن عبيد" بالمتيجة حوالي 1517 ، ثم ترك بالمدية حامية مؤلفة من الأتراك وبعض الأندلسيين وعاد الى الجزائر.
وخلفه أخوه 1518 وألحق الإيالة بالمملكة العثمانية فزوده السلطان العثماني بالمدد فعزز خير الدين المراكز الهامة في البلاد بتأسيس قواعد عسكرية تسمى (التوبة) وبعد ذلك فكر الأتراك في إدارة هذه البلاد فقسموها الى بايلكات :
1 دار السلطان (تقريبا عمالة الجزائر اليوم ودلس)
2 بايلك الغرب وعاصمته مازونة ثم معسكر ثم وهران
3 بايلك الشرق وعاصمته قسنطينة
4 بايلك الجنوب وعاصمته المدية
وكان هذا أصغر الثلاثة ، وقد أدخلت عليه تنظيمات عديدة ما بين 1518 و 1775
وقد نظمه للمرة الأولى حسن بن خير الدين (الذي عين على رأس الإيالة مرارا بين 1526 و1567 ) وأصبح هذا البايلك يسمى بايلك التطري ، متى ؟ فإننا لا نعرف التاريخ بالضبط .
ولكن بيّن مرسوم في سنة 1548م/955هـ بمقتضاه يعفى الباي رجب الشرفاء من دفع الغرامة والضرائب وكان باي التيطري ، في أول الأمر يقيم تارة بالمدية وتارة ببرج سِبَاو حيث توجد للقادة الأتراك مزارع وبساتين بوادي إيسير Isser .
وكانت قبائل وادي سيباوو الى 1775 تابعة لبايلك التطري .
وعين على رأس هذا البايلك – بين 1516 و1775- حوالي 18 بايا نذكر منهم :
 رجب: 1548
شعبان: 1633
فرحات: 1663
عصمان: 1763
سفطة: 1775
ولم يتركوا في ميدان من الميادين ما يذكرون به ، واشتهر من بين هؤلاء الباي عصمان الثاني والباي سفطة.
فأما عصمان فإنه عين على التيطري سنة 1763 واشترى مزارع عرفت فيما بعد ببلاد سيدون عند أولاد حسن بن علي كما عرفت بحَوْش  عصمان ، وبنى مخازن ومستودعات واصطبلات ومنه كانت تنطلق الغارات على النواحي الجنوبية.
وكان عصمان يغزو القبائل حتى وقع يوما في قبضة أولاد سيدي أحمد (وهم فرع من أولاد نايل) فقتلوه ، بجنوب زاغر توجد الى يومنا كدية تعرف بكدية الباي .
وامتنع من خلفه من غزو قبائل الجنوب الى أن عين الباي سفطة فحاول تجديد الغارات على أولاد نايل فلقي حتفه أثناء معركة . وحدث في سنة 1775 تعديل على إدارة بايلك التيطري فبعد 227 سنة من الحكم التركي بقيت مشاكل هامة بدون حل :
*خروج قبائل سيباو عن الطاعة بصفة مستمرة .
*ثورات قبائل الجنوب غير المنقطعة.
*فشل الغارات على الجنوب.
*انسحاب عدد من القبائل التي أعلنت استقلالها.
فأعاد الأتراك النظر في نظام البايلك الإداري وكونت بلاد القبائل بين أيسر وخنشلة قيادة caidat يحكمها آغا الجزائر ، بعد أعوام جرد بايلك التطري من ناحية طابلات و البويرة ، وأصبح مقر باي التطري واحدا هو المدية ، كما أصبح للبايلك حدود معينة :
1-           في الشمال قبيلة مزايا وبني صالح فوق البليدة وبني مسعود .
2-           وفي الشرق قبيلة بني سليمان وعريب .
3-           وفي الغرب قبيلة جندل وأولاد خليفة .
وقسم البايلك الى أوطان لحل القبيلة ...يحكم بعضها آغا العرب مثل( مزليبيا وعريب) وبعضها الآخر خوجة الخيل وهو عضو الديوان ومسؤول مالي (مثل زناخة وعبادلية) وأولاد سيدي عمر وأولاد سيدي موسى وتسمى هذه القبائل العزل تدفع جميع أنواع الضرائب وتقوم بجميع الخدمات لفائدة الباي أو الداي.
وكان على المدية حاكم تركي يعينه داي الجزائر (وكان هذا الأخير يخشى سلطة باي التطري (والمدية قريبة من الجزائر) .
وتمتد سلطة هذا الحاكم الى ضواحي المدينة .
وما بقي قسّم الى تل أعلى وتل أسفل أو تل جوبي ، وكان الأول يضم قبائل بني حسن :
حسن بن علي ، بني يعقوب ، وزرة ، عوامري ، ريغة ، هوارة .
وهذه القبائل مستقرة تتعاطى الفلاحة .
والثاني يضم قبائل الجنوب المتنقلة في بعض الفصول الخاضعة لشيوخها المحليين :
دواير ، تطري ، أولاد حمزة .
أما "قايدة ديرة" فهي منطقة خاصة بشرقي البايلك ، مركزها سور الغزلان حيث كانت توجد حامية تركية ويضم قايدة ديرة :
أولاد عبد الله ، أولاد بركة ، أولاد دْريس  .
وأخيرا كان جنوب البايلك يضم قبائل من الرحالة : زيانة ، عبادلية ، أولاد نايل ، أولاد سيدي عيسى .
وأسس الأتراك قايدة أولاد المختار في الجنوب حتي يكون حاجزا بيهم زبين البدو، ويمنع هؤلاء من غزو الشمال وعين الدو مصطفى بن سليمان أوزناجي (من 1775 إلى 1794) ومطماطة وجندل وبعض قبائل شلف .
وتقدمت نحو المدية لطرد الأتراك منها ، فتصدى لهم الباي بقومه وشرد جمعهم وجيء بزعمائهم فقتلوا وعلقت رؤوسهم على أسوار المدينة .
وبعد درقاوة تزعم التيجانية حركة محاربة الحكم التركي وحاول الباي حسن (1801) الاستيلاء على عين ماضي ، ولم يستطع وكرر الحملة على التيجانية سنة 1818 ، واقد انتصر دعاية التيجانية وكان آخر باي التطري هو مصطفى بومزراق 1819-1830 ، وكان قبل تعيينه خليفة للباي ، فغزا أولاد المختار بالجنوب وأولاد أفرج وأولاد شعيب . ويقال انه بنى جامع مزاري .
وكان ضابطا ماهرا وقد شارك في واقعة اسطاوالي staoueli ، وبعد الهزيمة عاد الى المدينة ، إلا أنه وجد الوضع قد تغير والأهالي قد ثاروا فنهبت البرواقية وبادرت وزرة بالإستيلاء على خيل الباي وبغال الموجودة بجنان الباي فانسحب بومزراق من المدية مدة ثم عاد إليها ثم غادرها والتحق بالاسكندرية وبها توفي .
 
 
*لمياء
28 - ديسمبر - 2007
تتمة المقال     كن أول من يقيّم
 
 
6-المدية بعد 1830 :
كانت المدن الجزائرية منذ القرن 18م في انحطاط مستمر ، فقدت نشاطها وحضارتها وخلت من عدد كبير من سكانها ، فالجزائر مثلا كانت من أعظم الأمصار في القرن 17  (100000) نسمة ولم يبق فيها إلا 30 ألف نسمة حوالي سنة 1830م ، وافتقرت وهران واقفرت من أهلها وأصبح هؤلاء 900 ن . وكذلك شأن تلمسان منذ استيلاء الأتراك عليها (155) ، أما المدية فإنها مع قلة عدد سكانها (يتراوحون بين 400 و500 ن) فقد حافظت على أهميتها وعلى دورها السياسي والإقتصادي ، فهي عاصمة بايلك التطري ، وهي قاعدة عدد كبير من الأتراك والكلغان ، وهي في طريق تجاري بين الجنوب والشمال .
 
الحملة الفرنسية الأولى على المدية :
من نتائج ثورة جوليت 1830 في فرنسا أن جيشها هنا أصبح يشعر بعدم مبالاة القادة والساسة بشؤونه وأصبح الجزائريون بعد سقوط شارل العاشر           (charles X) يتوقعون انسحاب الفرنسيين من أرضهم ، وتساءل الجنود ما فائدة احتلال الجزائر العاصمة وحدها .
وعين كلوزيل clauzel في سبتمبر 1830 إلى فيفري 1831م ، فكانت سياسته ترمي إلى أهداف ثلاثة :
*بقاء الفرنسيين في الجزائر العاصمة.
*إنشاء إدارة فرنسية للأماكن المحتلة.
*التوغل داخل البلاد حتى يكون للمعمرين قواعد ثابتة لا ينازعهم فيها أحد ، لاسيما وأن الرأي العام الجزائري بدأ يميل ألى المقاومة مثلا :
استمال بومزراق الأتراك ،وهاجم ابنه القوافل الفرنسية عدة مرات.
وهاهو بن مزمون قائد فليسة يعلن عن عدم رضوخه  للفرنسيين.
فقرر كلوزيل clauzel حملة على المدية (التي هي في نفس الوقت حملة استطلاع) ، لماذا ؟ ليتخلى المسلمون عن كل أمل في انسحاب فرنسا من الجزائر ولرفع معنوية الجيوش ولمعاقبة باي المدية الذي كان في نظرهم رمز المقاومة ، وأخيرا لأن المدية تحكم مع البرواقية طريق الجنوب ،فخرج الفرنسيس من الجزائر في 17/11/1830 في 10000 جندي ودخلوا البليدة ونهبوها نهبا وكانت المقاومة شديدة ، ثم استولوا على ثنية مُزايا Mouzai ثم دخلوا المدية في 22/11/1830 فعزلوا بومزراق وعينوا بايا آخر هو مصطفى بن الحاج عمر ، ثم عادوا إلى الجزائر .
وكان سلطان المغرب مولاي عبد الرحمان قد احتل تلمسان وجعل على رأسها مولاي علي ،إلا أن الأهالي ثاروا على السلطان وطردوا ممثله فبعث مولاي عبد الرحمان قائدين للدوائر كانا معتقلين بفاس فجمعا جيوشا ونصبا ممثلين للسلطان العلوي ، أحدهما في مليانة والآخر في المدية ، ولم يطل نفوذ السلطان هنا وعاد برتوزين Berthezene إلى المدية ودخلها في 29 جوان 1831م.
 
عهد الأمير عبد القادر:
كان الأمير بعد تأهبه للمعركة (بعد 1834) يفكر في ضرورة توسيع دولته من الناحية الشرقية بضم التطري والمدية وبالاستيلاء على مليانة حتى يتمكن من محاربة الأجانب .
ففي 1835 دخل مليانة ونصب أخاه الحاج محي الدين الصغير على رأسها ثم فكر في المدية وكان عالما بأهميتها الجغرافية والاستراتيجية (هي في طريق الجزائر والجنوب وهي قاعدة ستنطلق منها غارات على النواحي الشرقية ، وهي حصن يحمي الناحية الغربية) .وكانت نواحي المدية خاضعة لنفوذ ولي من أولياء درقاوة هو :
الحاج موسى الدرقاوي : الذي أعلن الجهاد على النصارى فقدم الى المدية في أفريل 1835 وطلب من سكانها أن يسلموا له يهود المدية وأباضييها فامتنع السكان ، ثم صالحوا هذا الشيخ وسمحوا له بدخول المدية ومنها انطلق على حماره لقتال الفرنسيس (فسمي "بوحمار") ولم يرض الأمير بغيره ليتزعم الجهاد ، ونزل عبد القادر من مليانة في 20 أفريل 1835م واصطدم بالحاج موسى في حوش عمورة على 12 كيلومتر من لربعة بني جندل ، وانهزم الحاج موسى فمكنه هذا النصر من فتح المدية وعين خليفة له بها :محمد بن عيسى البركاني ، وأعدم أنصار الحاج موسى ثم عاد إلى معسكر ، وقبل مغادرته المدية استقبل الأمير مبعوثا فرنسيا وهو القبطان Capitaine St Hippolyte الذي جاء ليهنئه ويسلمه بعض الهدايا .
وتعكر الجو بينه وبين الفرنسيس فكان الأمير يغزو القبائل المبايعة لفرنسا وكان كلوزيل clauzel يغزو القبائل المناصرة لعبد القادر وهكذا عاد كلوزيل مرة أخرى إلى المدية في مارس 1836 ليفرض على السكان الباي "محمد بن حسين" الذي عينته السلطة الفرنسية ، فكان رد فعل الأمي سريعا فهاجم أنصاره المدية واستولوا على المدينة وبعثوا الباي إلى وجدة حيث قتل ، لكن في 7 أفريل 1836 دخل دي ميشال Desmichelas المدية من جديد .
وتطور الوضع شيئا فشيئا وعاد الأمير إلى وادي شلف سنة 1837 ، ثم إلى المدية وألقى القبض على 80 من الكرغلان ، وبعث بهم إلى مليانة ، وفي أثناء إقامته بالمدية ، استقبل الأمير أعيان البليدة ثم نصب بعد ذلك أخاه "الحاج مصطفى" خليفة له على المدية .
ثم زحف أول ديسمبر 1837 إلى أولاد المختار جنوب المدية ، وكان يوجد بهم رجل يدعى "الحاج عبد الله " أتى من المغرب الأقصى وتنبأ وادعى أنه المهدي ، فوقع هذا في قبضة الأمير ، فبعثه إلى سلطان المغرب الذي كان في طلبه ، ولكن خصوم الأمير مثل الدواير والعبيد وناخة وأولاد نايل وأولاد المختار ، لا زالوا يتربصون الفرص واضطر الأمير إلى غزو زناجة جنوب بوغار مدو 3 أيام حتى النصر ، وفي المدية توجه الأمير لمحاربة الزواتنة وهم كرغلان نزلوا وادي الزيتون غرب يسر ثم عاد إلى المدية ، وبهذا استقبل مبعوث الوالي فالي  valée لمباحثة موضوع معاهدة تافنة ، كما استقبل بها "الحاج عيسى الأغواطي" فعينه خليفة على الأغواط ، وكان كلاهما ضد زاوية التيجانيّة عين ماضي ، قبل نهوضه لمحاربة الشيخ التيجاني ، بعث الأمير كرغلان المدية إلى تاقدمت  وكان بتوقع فيهم الميل إلى فرنسا ، وفي طريقه إلى عين ماضي ، اختط حصن تازا في الجنوب الغربي للمدية .
وعندما دخلت حكومة الامير في عصرها الذهبي وبلغت سلطته أقصى ما عرفه ، قرر أن تكون المدية مقر الخليفة ، وعين "البَرْكاني" فيها ، وأصبحت المدية مع تلمسان ومعسكر ومليانة ، عبارة عن جبهة تساير الساحل ، وتقف في وجه العدو . وفي نوفمبر 1839 رجع عبد القادر إلى المدية ليستأنف الحرب ، فكانت المدينة عاصمة دولته ، فتوجه إليها الأعيان والأنصار ، ونشبت الحرب ولعب خليفة مليانة (وهو بن علال ولد سيدي علي مبارك ) وخليفة المدية (وهو البَركاني) دورا هاما مثل تعطيل مواصلات العدو ، وقطع الماء على معسكر والبليدة .
 
الاحتلال الفرنسي للمدية :
قرر الوالي العام فالي valée احتلال المدية وليانة ، فدخل عاصمة التيطري في 17 ماي 1940 ، فوجدها خالية من أهلها الذين كانوا قد غادروها فعززها وحصنها ، وترك بها حامة بقيادة الجنرال "دو فيفي" Duvivier ، إلى أن قدم إليها "بوجو" Bugeaud في 1 أفريل 1841 ، ففر البَركاني إلى الجنوب بعد ما خانه أعوانه وفارقه جنوده (إلى ضواحي شرشال) وفي 1842 الدائرة العسكري بالمدية التي كلفت بالقبض على "زمالة الأمير " (تلك العاصمة المتنقلة في الجنوب) .
ثم كان دخول المعمرين إلى المدية وضواحيها ( في 1847  بلغ عددهم 2322 ن) وأصبحت المدية بعد 1850 تحت الحكم المدني ، فكان يتصرف بشؤونها مندوب مدني ، وبدأت الجاليات الزراعية تنزل بضواحي المدية كـ لودي lodi ودميات Damiette في جانفي 1853 ، وبسطت السلطات الفرنسية نفوذها شيئا فشيئا ، وهكذا قررت في جوان 1854 أن تكون المدية بلدية على رأسها شيخ منتخب ، كما قررت إحداث نيابة العمالة في 1858 ، واستمر عهد الاحتلال .
 
هذا هو تاريخ المدية إلى منتصف القرن 19م ، تاريخ ثغر ممتاز من ثغور المغرب ، لأنه في قلب المغرب الأوسط ، وفي الطريق بين الشمال والجنوب ، وفي الحدود بين أهل الحضر وأهل الوبر ، وفي ناحية خصبة فلا عجب إذا كان الصراع من أجل ضمها عنيفا ، وتاريخها كله من أجل هذا الغاية ....
 
                              
مصادر ومراجع :
العربية :
عبد الرحمان بن خلدون : كتاب العبر ج 7
يحيى بن خلدون : بغية الرواد
أبو عبد الله البكري: كتاب المسالك
 
Leon L’Africain :Description de l’afrique ..tome III
MARMOL : l’afrique tome II page 411
FOURNEL : la Conquête de l’Afrique par les Arabes tome II
REVUE AFRICAINE : Notice sur l’histoire et l’administration du Beylin du Titteri (par Federman et au Capitaine) 1865 et 1867 le Bey Mohamed Ad-Dabbah 1873
P.BOYER : Evolution de l’Algérie Mé-diane de 1830 à 1956 .(1960)
ISMAIL URBAIN : Notice sur l’ancienne province du Titterie
JOURNALE ASIATIQUE : XIII Série pp : 111-112
E.L : Art Médéa (G.Yver) Tome III page 449-500
H GUYON :Le département du Titterie ; son passé ; son histoire.
L.Cortès :Monographie de la Commune de Bédéa .Alger 1909
(brochure)
           
 
                   
*لمياء
28 - ديسمبر - 2007
عذرا على التأخر    كن أول من يقيّم
 
 
شكرا لكم أستاذ عبد الكريم على المشاركة القيمة، وأعتذر عن تأخري في الرد إذ لم أنتبه لتعليقكم إلا بعد عودتي إلى الملف، وأتمنى أن نرى مشاركاتكم في المجالس قريبا .
*لمياء
15 - يونيو - 2009
معالم وآثار    كن أول من يقيّم
 
تزخر ولاية المدية بالعديد من الآثار التي جعلت منها متحفا متألقا بما خلفته العبقرية الإنسانية من روائع متناغمة مع ألحان الزمان الغابر، فمن رابديوم (الجوّاب) إلى أشير إلى دار الأمير عبد القادر وغيرها من المعالم الأثرية التي يضيع في عمق تاريخها وثقافتها كل متأمل، نجد أنفسنا تائهين في تاريخ الحضارات التي مرت بهذه الأرض الكريمة، منتشين بعبق أصالتها وشموخها.
في ما يلي بعض الأثار التي تفتخر بها ولاية المدية مأخوذة من كتاب "المدية ... مهد الحضارة وشذى الأصالة" مع الكثير من التصرف في الغالب.
 
ملاحظة: تجنبا لكثرة الهوامش لجأت إلى ربط ما يحتاج إلى تعريف من مصطلحات وغيرها من مدن وشخصات برابط إلى موسوعة الويكيبيديا فيكفي بذلك النقر عليها لمشاهدة التعريف. والله ولي التوفيق.
*لمياء
15 - يونيو - 2009
مدينة آشير    كن أول من يقيّم
 
آشير:
 
تقع مدينة آشير الأثرية في منطقة عين بوسيف على سفح جبل الكاف الأخضر شرق مدينة قصر البخاري، ويعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 936 م على يد زيري بن مناد الصنهاجي، حيث شرع في بنائها بعد أن أذن له الخليفة الفاطمي أبو القاسم القائم بذلك إثر مؤازرته في الغارات ضد الرستميين وقبائل الزناتة في الغرب الجزائري، وهي أيضا مكافأة له على ولائه للفاطميين.
 
كان اختيار زيري لهذا الموقع لمدينته لكونه أعلى قمة في جبل الكاف الأخضر، على علو 1400م عن مستوى سطح البحر، ولوفرة المنابع العذبة التي هي أساس قيام الحضارات فيه، حيث يشكل موقع أشير حصنا منيعا يقيها الهجمات الخارجية كما يمنحها إمكانية مراقبة كل السهول المحيطة بها.
 
مر بناء المدينة بمراحل ثلاثة هي: اختيار الموقع، بناء الأسوار ثم تشييد القصور والحمامات وغيرها من متطلبات الحياة في مدينة أشعت بحضارتها خلال القرن العاشر وذاع صيتها في كل أقطار الدول والأمصار العربية. وقد أحضر زيري لبنائها أمهر الصناع والبنائين من سوق حمزة بالبويرة، مسيلة وطبنة، كما أمده أبو القاسم بأبرع مهندس معماري ليخطط له المدينة ومختلف قصورها الفخمة، ولم يكن لهذا المعماري كما أجمع ابن خلدون والبكري والوزاني وغيرهم من يضاهيه أو ينافسه مهارة في كل إفريقية، التي يقصد بها تونس وشمال المغرب الأوسط. أحضرت مواد البناء من بقايا المدينة الرومانية وهذا ما يتضح جليا عند مشاهدة آثار هذه المدينة التي ما تزال قائمة حتى اليوم. بعد الفراغ من بنائها أحضر من يعمرها من سكان طبنة والمسيلة، وبذلك دبت الحياة فيها.
 
وقد تميزت الحياة الاجتماعية والثقافية فيها بالازدهار والرقي في هذه المدينة التي كانت قبلة للعديد من الرحالة، المؤرخين والشعراء ، حيث زارها البكري فذهل بجمالها وقال: (أشير مدينة جد مهمة، وليس في تلك الأقطار ما هو أحصن منها ولا أبعد متنا ولا مراما ولا يوصل إلى شيء منها بقتال إلا في موضع يكفي لحمايته عشرة رجال وهو في شرقها ويؤدي إلى عين مسعود...هي محاطة بجبال عالية وداخل المدينة تجري المياه العذبة من عينين يجهل عمقهما..)
 
كانت الحياة الاقتصادية والمعاملات التجارية فيها تعتمد على المقايضة بالمواشي والإبل مقابل ما يحتاجه السكان، مما جعل زيري يفكر في طريقة أكثر تطورا، فأذن له الخليفة الفاطمي بصك عملة نقدية من ذهب وفضة باسمه، وجعل يوزعها بين سكان المدينة لتصبح أساس المبادلات التجارية التي تميزت هي الأخرى بالازدهار، لتزيد من رفاهية أشير التي باتت محل إعجاب ما جاورها من أقطار.
 
عرفت أشير عاصمة الصنهاجيين في عهد بلكين توسعا كبيرا بما شيده فيها من قصور وحمامات ومنازل امتدت إلى المناطق الغنية بالماء، خاصة بتزايد عدد سكانها، وبذلك أصبحت أشير تضم ثلاث مدن هي: المدينة الغربية التي تقع قرب عين بوسيف وتسمى منتزه بنت السلطان، والمدينتان الشرقيتان وهما يشير وبنية التي تضمنت مسجد المدينة.
 
اعتبرت أشير منذ نشأتها قلعة إستراتيجية في قلب بلاد المغرب، ونقطة مركزية في مسار القوافل التجارية، وقبلة ثقافية وعلمية، حيث أنها من أهم مدن المغرب الأوسط في القرن العاشر الميلادي. وما تزال إلى اليوم محتفظة بملامح هذه المدينة الحضارية التي ضاهت في نمط عمرانها وتفاصيل مبناها مدينة القيروان بتونس، والتي مثلت روح الحضارة الصنهاجية التي سكنت الكاف الأخضر.
*لمياء
15 - يونيو - 2009
رابيديوم (الجواب)    كن أول من يقيّم
 
رابيديوم:
تتواجد مدينة رابيديوم الرومانية ببلدية جوّاب على بعد 75كم عن مقر ولاية المدية، تتربع هذه المدينة على مساحة قدرها 10هكتار، وتتوسط سهول جوّاب بين عدة مراعي خصبة وأودية محصنة بالجبال من كل النواحي.ويعود تاريخ تشييدها إلى سنة 122م وقد كانت تمثل إحدى أهم مدن موريطانيا القيصرية، خاصة لوقوعها بمعبر يربط بين يول (شرشال) وقرطاج بتونس.
 
كانت رابيديوم في البداية مجرد مركز عسكري إلا أنها تحولت بعد ذلك إلى مدينة جمعت مختلف طبقات المجتمع الروماني، وعاشت بها الجاليات والتفت حولها العديد من القرى ذات الطابع الفلاحي، لخصوبة معظم أراضيها الفلاحية وقربها من مجاري المياه العذبة، وبذلك تشكلت تجمعات سكنية عند أسوارها وتعايش الرومان فيها مع البربر تحت النظام العسكري.
 
نشبت بـرابيديوم العديد من الثورات التي قادها "تَاكْفارِيناسْ" ضد الوجود الروماني ، إلى جانب ثورة "فاركس" سنة 260م، وثورة "فيرموس" سنة 372م ، التي امتدت إلى غاية يول عاصمة موريطانيا القيصرية، مما أدى بالرومان إلى ضم هذه المدينة ضمن خط الليمس الدفاعي توخيا لخطر البربر، وحماية لمصالحهم بهذه المنطقة.
 
كانت رابيديوم تشبه إلى حد بعيد مدينة روما في نظام الحياة بمختلف أوجهها، وقد تراوح عدد سكنها بين 6000 إلى 8000 نسمة، أما نظام حكمها فقد مثله مجلس بلدي يقوم مقام مجلس الشيوخ، وحاكمان بلديان ينتخبان لمدة عام، وهما بمثابة قناصل، ويسهر على شؤونها المالية وكيلان مكلفان بالأمور الاقتصادية ، أما الأسواق والطرقات فيسيرهما عضوان بلديان يرتديان حلة بيضاء ويجلسان فوق كرسيين من العاج. وقد احتوت الكتابات التاريخية التي عثر عليها في هذه المدينة أسماء فرق بالغة الأهمية سكنت رابيديوم، مثل فرقة الكومصارادوم، وفرقة الرتراكوم، وهذا ما يفسر أهمية مدن الليمس ودورها الدفاعي ضد الهجمات الخارجية على حدود نفوذ الامبراكورية الرومانية.
 
لا يختلف التصميم العام لمدينة رابيديوم في تفاصيله عن مدن خط الليمس الرومانية، فقد تضمنت خندقا تتخلله أسوار وأبراج وحصون مبنية بحجارة ضخمة سميكة، أما أحياؤها الداخلية فمتصلة ببعضها البعض بشبكة من الطرقات، أما المدينة ككل فهي محاطة بسور ضخم بني سنة 167م، ويتضمن ثلاثة أبواب أهمها الباب الشمالي، ويفصل بين الشوارع الداخلية جدران متوسطة العلو بكل منها باب وبروج رباعية الشكل تضمن حراسة المدينة وكل أحيائها.
تتزود رابيديوم بالمياه عن طريق قناة تشكل مجرا مائيا يبلغ عرضه 0.15م يصل المدينة بالنبع المائي الذي يبعد عنها بحوالي كيلومترين شرقا.
 
وما تزال آثار هذه المدينة الرومانية قائمة إلى اليوم بجُوّاب ، و تبين الزخارف والكتابات خلال الفسيفساء التي حملتها التوابيت وشواهد القبور وبعض القلال التي عثر عليها الباحثون مدى رقي الحياة الحضارية فيها.
*لمياء
15 - يونيو - 2009
خربة السيوف    كن أول من يقيّم
 
خربة السيوف:
 
قبل أن نتحدث عن المدينة الرومانية المتواجدة بأولاد هلال لابد من الإشارة إلى أن كلمة خربة تعني عند علماء الآثار الأطلال وبقايا المدن الرومانية.
 
كانت خربة السيوف في العهد الروماني عبارة عن حصن عسكري تحول فيما بعد إلى مدينة توحي آثارها إلى رقي وتطور الحياة فيها. كانت المدينة الممتازة بالموقع العسكري الدفاعي الاستراتيجي محمية بأسوار ضخمة مغروسة في باطن الأرض وبأعمدة سميكة تتواجد على طول محيطها أبراج رباعية الشكل لمراقبة الأنحاء المجاورة، كما تتضمن المدينة المتواجدة بها منابع مياه معدنية تفجرت من صخرة تظهر جلية بهذه المدينة التي تبلغ مساحتها 25 هكتارا.
 
امتهن أهل خربة السيوف الفلاحة كنشاط رئيسي لخصوبة أرضها بعد أن كانوا جنودا في ظل الحصن العسكري، فقد تحولت المدينة الرومانية بخربة السيوف التي كانت في أصل حصنا دفاعيا إلى مدينة عاشت بها عائلات الجنود وجاليات رومانية اختلطت بالبربر بعد سقوط قرطاج سنة 146م.
 
*لمياء
15 - يونيو - 2009
أوزيناديس    كن أول من يقيّم
 
أوزيناديس:
 
تتواجد المدينة الرومانية  أوزنياديس أو أوزينازيس ببلدية سانق ، وتتربع على مساحة قدرها 9 هكتار، يرجع تأسيسها إلى "سبتم سيفار" ، ويؤكد ذلك كتابة اكتشفت في بلاط على أرضية من طرف قائد للجيش الفرنسي، تفيد بأن سبتم سيفار وشخصين آخرين أسسا هذه المدينة سنة 205م.
 
بنيت أوزيناديس بشكل مستطيل، يحيط بها جدار سمكه مترين، أما بجانب سور المدينة المحاذي للوادي الذي قامت على ضفافه، فما تزال آثار بعض الأعمدة، ركائز أبواب المدينة، رحى من الطين، أحواض مائية وتوابيت منحوتة بأشكال متنوعة قائمة.
*لمياء
15 - يونيو - 2009
الحمامات الرومانية    كن أول من يقيّم
 
الحمامات الرومانية:
 
من أهم ما يميز الحضارة الرومانية عبر كل العصور هو تشييدها للحمامات العظيمة التي كانت تعتمد قبل بنائها على تقصي أماكن المنابع المعدنية والعيون الحموية بصفة طبيعية، ومن ثم الشروع في تشييد حمامات ضخمة متقنة الإنشاء، مدهشة في نظام تسيير الماء إلى قاعات الاستحمام والأحواض التي تحيط بها. ولكون الرومان عمروا لفترة طويلة بالمدية ومختلف أرجائها، فقد تركوا حمامات عديدة منها ما هو معروف وما هو في طور البحث والاكتشاف عن طريق الحفريات التي يقوم بها الباحثون الأثريون.
 
إن أهم موقع لهذه الحمامات يتمثل في منطقة متواجدة على بعد كيلومترين شمال شرق البرواقية على الطريق الرابط بينها وبين البويرة، وقد بني هذا الحمام الذي تبلغ مساحته خمسة (5) هكتارات على أنقاض حصن روماني، أما منابع المياه الساخنة التي تجري عبر أحواضه، فتأتي من عدة عيون متواجدة في المنطقة.
 
يمثل الحمام عادة في تصميم المدن الرومانية الحي المركزي كما هو الحال بالنسبة للحمام الروماني "لترينادي" بالبرواقية، إذ يتوسط ثلاثة أحياء يبعد كل منها عن الآخر بمسافة 100 متر، وقد عثر سنة 1853م في هذا الموقع على آثار لمنابع حموية وبيوت حجرية ولوحات تحتوي على كتابات لاتينية ونظام جريان المياه الساخنة في هذا المكان. وقد أكدت الحفريات في هذا الموقع  وجود أجزاء هامة من هذا الحمام تحت الأرض.
 
*لمياء
15 - يونيو - 2009
دار الأمير عبد القادر    كن أول من يقيّم
 
دار الأمير عبد القادر:
 
دار الأمير عبد القادر هي إحدى المعالم التاريخية الثقافية والتحف الهندسية الرائعة التي تزخر بها ولاية المدية. بنيت هذه الدار على يد آخر بايات بايلك التيطري مصطفى بومزراق بين 1819 و 1829، وتشبه إلى حد كبير القصور العثمانية بقصبة الجزائر. وهي اليوم موجودة بالمدينة العتيقة بالمدية جنوب باب الأقواس.
 
تم تشييد العديد من المرافق التابعة لإقامة الباي بومزراق مثل الجامع المالكي المحاذي لدار، والذي يصله به نفق يستعمله الباي وحاشيته من أجل الذهاب إلى المسجد لتأدية الصلاة.
في سنة 1815م استمل الأمير عبد القادر هذه البناية كمقر سياسي وقيادة لأركانه، كما احتضنت لقاءات بالغة الأهمية لتحضير معاهدة التافنة، واستخدمت أيضا كورشة لصناعة الأسلحة.
عند دخول الجيش الفرنسي إلى المدية استولى على دار الأمير عبد القادر وتحولت منذ ذلك الحين إلى مقر الحاكم الفرنسي. وقد أدخلت على هذه البناية خلال الفترة الاستعمارية تعديلات وتغييرات على الطابع الأصلي لها، ليمنح القسم الجنوبي منها طابع الهندسة الأوربية. تقدر مساحة دار الأمير بـ 880م2، وتضم ساحتين خارجيتين، الأولى شمالية وثانية شرقية، وطابقين : الأرضي ويحتوي على صحون داخلية محاطة من جوانبها الأربعة بأقواس متوسطة العلو، وأروقة تشرف عليها أبواب الأجنحة في الطابق العلوي والسفلي. وهي ذات طابع عربي تركي محض.
 
الهندسة المعمارية لدار الأمير عبد القادر أو بالأحرى دار مصطفى بومزراق مستوحاة من البنايات المتوسطية، خاصة في التفاصيل الداخلية التي تظهر في الفناء والغرف، وقد اعتمد فيها على جدران سميكة تتحمل ثقل سقوفها التي عادة ما تحمل قبابا، بنيت أساسا من الحجارة والآجر الصيني الممزوج بالجير والرمل. و تحتوي الدار على قطع وتحف نادرة منها الساعة الشمسية المعلقة بالجهة الجنوبية إلى جانب الأعمدة الخشبية .
 
في أعالي المدية يوجد حوش الباي الذي بني سنة 1820م، وهو أحد لواحق إقامة الباي مصطفى بومزراق، ويمثل ملاذا صيفيا للباي، ومنتزها خاصا به لكونه محاطا ببساتين خضراء سندسية، وحدائق فردوسية. ويتكون من قسمين، أحدهما خاص بالباي، وثانيهما من أجل العامة. وهو من مخلفات الفترة العثمانية بالمدية، ونموذج للحدائق الفاخرة التي تطلبتها رفاهية آخر بايات التيطري، وإن أوحى ذلك بشيء فإنما يوحي بزخم التراث المعماري بمختلف نماذجه في الفترة العثمانية بالمدية وثراء مؤهلاتها الثقافية والسياحية.
 
تنتشر المعالم التاريخية في مختلف أرجاء المدية، فبالإضافة إلى ما ذكرناه نجد باب الأقواس الذي يعتبر أحد معالم المدينة العتيقة، ويقع شمال شرق قصبة المدية، على سهل مرج شْكِيرْ وبَزِّيوَشْ، ويطلق اسم باب الأقواس على مجموعة القنوات المائية التي يعود تشييدها إلى الفترة الرومانية والتي هي بمثابة الشرايين التي توصل الماء إلى مختلف أنحاء المدينة، وقد استغلها زيري بن مناد عندما أعاد تشييدها، كما استفاد منها العثمانيون خلال فترة تواجدهم بها.
*لمياء
15 - يونيو - 2009
 1  2  3  4